دشن محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي “ساما” الدكتور أحمد بن عبدالكريم الخليفي أمس في الرياض، “المركز الوطني لتسجيل المشتقات المالية”، الذي يُعنى بحفظ بيانات عقود المشتقات المالية غير المدرجة في السوق المالية، وذلك خلال حفل نظمته الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية “سمة”. وقال الدكتور الخليفي في كلمة ألقاها بهذه المناسبة: “إن أسواق المشتقات المالية غير المدرجة في منصات مركزية أسهمت في حدوث الأزمة المالية العالمية في عام 2008م نظراً لأن العقود كانت ثنائية بين العميل والمؤسسة المالية. كما أنها كانت مرنة في شروطها وأحكامها وهياكلها، وهو الأمر الذي سبب قلقاً كبيراً بشأن مخاطر الائتمان للأطراف المقابلة للمؤسسات المالية، وتدنت قدرة المتعاملين في السوق – ومعظمهم من البنوك – في تكوين معرفة كافية بالأنشطة والمراكز في السوق، مما أضعف قدرَتهم على تقييم المخاطر المحتملة لعملياتهم بشكل أفضل، ومن ثم اتخاذ تدابير مناسبة لإدارتها بشكل يسهم في سلامة النظام المالي بشكل عام”. وأضاف: “نتيجةً لذلك، أصبح تحسين مستوى الشفافية، وخفض مخاطر الائتمان للأطراف المقابلة للمؤسسات المالية في عقود المشتقات المالية غير المدرجة في منصات مركزية؛ من المحاور الرئيسة في دعم إنشاء بنية متينة للسوق المالية. وقد تبنت مجموعة العشرين في عام 2009م في بيتسبرغ توجهاً يقضي بوجوب تداول جميع العقود الموحدة للمشتقات المالية غير المدرجة في منصات بأسواق تداول أو في منصات تداول إلكترونية، حسبما هو مناسب، وأن تتم مقاصتها من مراكز مقاصة مركزية، وأيضاً وجوب إبلاغ مراكز حفظ بيانات التداول عن جميع عقود المشتقات المالية خارج البورصة”. وبين معاليه، أن مؤسسة النقد استحدثت نظاماً للترخيص لمراكز حفظ بيانات التداول يتطلب تلبية معايير الحوكمة والتشغيل التي أوصت بها لجنة المدفوعات والبُنى التحتية للأسواق المالية (CPMI)، والمنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية (IOSCO)، ومنها المعايير المتعلقة بالحوكمة، وشفافية السوق وتوافر البيانات، والموثوقية التشغيلية، والوصول والمشاركة، وحماية البيانات، وحفظ السجلات، وإجراءات التواصل ومعاييره. لافتاً إلى أن حصول الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية “سمة” على ترخيص إنشاء وتشغيل أول مركز وطني لتسجيل المشتقات المالية؛ جاء بعد استكمالها متطلبات لوائح تشغيل مراكز حفظ بيانات التداول التي وضعتها المؤسسة. وتابع محافظ مؤسسة النقد: “رغم إن الأسواق المالية في المملكة صغيرة نسبياً من حيث عدد المنتجات وتعقيدها وتنوع المتعاملين فيها، إلا أن اهتمام المؤسسة الدائم منصبٌّ على تعزيز شفافية أسواق المشتقات المالية غير المدرجة في منصات مركزية، ونحن نوقن بمحاسن إيجاد سوق منظمة تنظيماً كافياً لتداول هذه المشتقات، ومن ناحية أخرى، ندرك أيضاً ضرورة تحقيق التوازن الصحيح في التنظيم، فمقدار حجم أسواق المملكة ومستقبلها الواعد يتيح لنا فرصة مواتية لتطويرها وتشكيلها على أساس سليم، على الرغم من توافر بعض التحديات”. وأوضح محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي “ساما” الدكتور أحمد بن عبدالكريم الخليفي أن الغرض من المشتقات المالية هو توفير أدوات لإدارة المخاطر تؤدي دوراً مهماً في استقرار الأسواق المالية. وفي حال تم فرض متطلبات مرهقة جداً فقد تصبح تلك المشتقات باهظة التكلفة، لذلك تم الاختيار بالبدء بالمنتجات الأكثر شيوعًا مثل مشتقات أسعار الفائدة، ومشتقات النقد الأجنبي اللتين تشكلان أكثر من 90% من المشتقات المتداولة، على أن يتم في المستقبل القريب العمل على تطبيق متطلبات الإبلاغ عن المنتجات الأخرى الأقل تداولًا، مثل: مشتقات الأسهم، مشتقات الائتمان، ومشتقات السلع. وبشأن البُنى التحتية للأسواق المالية (مثل: مراكز حفظ بيانات التداول، ومراكز المقاصة المركزية للأوراق المالية، ومنصات التداول عبر الإنترنت، وغيرها)، أكد محافظ مؤسسة النقد أن هناك مجالاً كبيراً لتطويرها، وهو ما يتعين على المؤسسة وغيرها من الجهات التنظيمية المحلية العمل مع الكيانات الحكومية الأخرى لتطوير الأنظمة واللوائح القائمة ذات الصلة، مفيداً أن سوق المشتقات المالية غير المدرجة في منصات مركزية عالميٌ بطبيعته، إلا أن كل دولة تضع لوائحها وفقاً لاحتياجاتها المحلية، وهو ما أدى إلى حدوث تعقيدات للكيانات والمعاملات المتعلقة بأكثر من نظام. وأردف محافظ مؤسسة النقد قائلا: “ومع ذلك، فإننا ندرك ضرورة توحيد المعايير على مستوى العالم، ونرى أن إطار العمل الخاص بمراكز حفظ بيانات التداول في المملكة يتمتع بمرونة كافية تُمكنه من التوافق مع المعايير والممارسات الدولية ذات الصلة”، كاشفاً في هذا الصدد أن المملكة من بين الدول الأُول التي حققت التزامات مجموعة العشرين المتصلة بالإبلاغ عن المشتقات المالية خارج البورصة، معرباً عن شكره وتقديره لجميع المشاركين في فِرق العمل من مؤسسة النقد، و”سمة”، ومتعاملي السوق من البنوك على هذا الإنجاز المهم للقطاع المالي. من جهته، أعرب رئيس مجلس إدارة الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية “سمة” سعيد بن محمد الغامدي عن شكره وتقديره لمعالي محافظ مؤسسة النقد لتدشينه المركزَ الوطني لتسجيل المشتقات المالية، الذي يُعدُّ واحداً من أهم المبادرات الوطنية التي نفذتها “سمة”، والتي حرصت منذ تأسيسها في عام 2002م ومن ثم انطلاقتها في عام 2004م على الاضطلاع بأدوارها الوطنية من خلال جمع المعلومات الائتمانية عن المستهلكين وتبادلها، وتوفير بنية أساسية مالية فعّالة يمكن الاعتماد عليها لضمان النمو الاقتصادي المستدام، وزيادة ثقة المقرضين والمستثمرين، والحد من تفاوت المعلومات الائتمانية، وتقليل نسب التعثر. من جانبه، ثمن الرئيس التنفيذي ل “سمة” سويد بن محمد الزهراني حضورَ معالي محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي وتدشينَه للمركز الوطني لتسجيل المشتقات المالية، والتي تسعى “سمة” لجعله منصةً ماليةً بمواصفات عالمية للوقوف على بيانات عقود المشتقات المالية غير المدرجة لمواكبة السياسات والمعايير الدولية الخاصة بمبادئ البنية التحتية، ولتحقيق المزيد من الاستقرار المالي وتعزيز الشفافية والحدّ من المخاطر المالية النظامية، وذلك بما يتوافق وأهداف رؤية المملكة 2030 الرامية بمجملها إلى تطوير قطاع مالي متنوّع وفاعل لدعم تنمية الاقتصاد الوطني وتنويع مصادر دخله وتطوير وتعميق مؤسسات القطاع المالي. مشيراً إلى أن سمتي (نظام الأفراد) وسمات (نظام الشركات) – وهي أنظمة تبادل المعلومات الائتمانية المتطورة في “سمة” – أصدرت أكثر من (104) ملايين تقرير ائتماني للسوق السعودية منذ عام 2004م حتى 31 ديسمبر 2019م وهو ما مكّن أعضاء “سمة” البالغ عددهم نحو (342) عضواً من التعرّف على السلوكيات الائتمانية لعملائهم. وأكّد الزهراني، أنّ “سمة” غطّت خلال ال (15) عاماً الماضية عبر نظامي سمتي وسمات العديد من القطاعات الرئيسة؛ حيث بلغ إجمالي عدد المستهلكين في قاعدة بيانات “سمة” منذ عام 2004م حتى نهاية الربع الرابع من عام 2019 أكثر من 17 مليون مستهلك، فيما بلغ إجمالي عدد التقييمات الائتمانية في قواعد “سمة” الائتمانية أكثر من 13 مليون تقييم ائتماني بنهاية الربع الرابع من عام 2019م. كما بلغ إجمالي الحسابات الائتمانية في “سمة” حتى نهاية عام 2019م أكثر من 63 مليون حساب ائتماني، وهي أرقام تكشف بما لا يدع مجالاً للشك تطوّر صناعة المعلومات الائتمانية في السوق السعودية، وريادة “سمة” كأول شركة معلومات ائتمانية تُعنى بتوفير أفضل المنتجات والخدمات لقطاع الأفراد والشركات.