في عام 2011 كنت أشاهد عددا من الأفلام الأمريكية لتقوية اللغة الإنجليزية لدي في بلد الابتعاث حينها شاهدت فيلما اسمه ( فندق رواندا – Hotel Rwanda ) والذي يحكي قصة حقيقية عن حياة مدير الفندق وعائلته والذي يدور حول مساعدتهم للكثير من لاجئي قبيلة “التوتسي” خلال نضالهم ضد ميليشيا “الهوتو” بدولة رواندا الأفريقية من خلال ضيافتهم للضعفاء في الفندق. وقد أنتج هذا الفيلم عام 2004 وبث مشاهد عديدة للقتل و التخريب بين المدنيين بسبب الخلاف الذي نشب هناك كما بث حجم الدمار والخوف الذي عاشه الضعفاء في تلك الدولة الأفريقية. قلت وقتها في نفسي الحمد لله على نعمة الأمن والأمان وتساءلت : متى يستطيعون الخروج من أزمتهم؟!. صدقاً كنت غير متفاءل وخمنت أنها سنين طوال أو أنهم لن يخرجوا من أزمتهم. وقبل أيام كنت أقرأ في التسويق وخصوصاً في التسويق الرياضي فوقعت عيناي على تغريدة في موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” مفادها أن نادي أرسنال الإنجليزي الشهير لكرة القدم وقّع عقداً بقيمة 38 مليون دولار أمريكي من عام 2018 إلى عام 2021 بوضع شعار في قميص اللاعبين بمنطقة الكتف لإحدى الهيئات السياحية الحكومية. الغريب و الصادم لي أنها كانت الهيئة السياحية لدولة رواندا تحت شعار “زر رواندا – visit Rwanda”. كيف حصل ذلك ؟! وكيف لي أن أزور بلدا شاهدت فيها قبل سبع سنوات مناظر القتل والتخريب والدمار وانعدام الأمن التام؟! و الآن أصبحوا يروّجون للعالم في ناد عريق زيارة دولتهم بهدف التسويق لبلدهم تساءلت هل كان الفيلم لعبة إعلامية ضدهم لتشويه صورة الدولة ؟!. بعد البحث وجدت أن ما تم تصويره كان حقيقيا فقد حدثت المأساة و القتل و المجازر في رواندا عام 1994م بالفعل. فمثل هذه الدولة بعاصمتها كيجالي عاشت تلك الأيام من القتل و النهب و الدمار لكن العجيب أن الأممالمتحدة صنفت مدينة ” كيجالي” كأجمل مدينة في أفريقيا عام 2015 . وفي عام 2016 أصبحت رواندا من أكثر الجهات جذباً لرواد الأعمال بحسب تقرير السوق الأفريقية ما السر إذن في التحول المفاجيء ؟!. رواندا والتي تعني أرض الألف تل ، الدولة الغير ساحلية ، يقدر تقريبا عدد سكانها 12 مليون نسمة 58 ٪ منهم من فئة الشباب . وقد أخذت الحكومة هناك هدفا على عاتقها هو بناء الدولة ، وذلك مذ عام 2000. ومن أهم العوامل التي ساعدتها في ذلك أيضا محاربة الفساد بشتى أنواعه هذا إن أرادوا النهوض ببلدهم و بناء مستقبل الأجيال القادمة . لذلك كانت الانطلاقة الحقيقية لهذه الدولة فقصتها عجيبة تحتاج التأمل والدراسة أكثر والتي لم تكتمل فصولها بعد لكن يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق. همست في نفسي وتذكرت أن كلمة الفساد ومشتقاتها ذكرت في القرآن خمسين مرة وكذلك في المقابل وهذا من الإعجاز العددي في القرآن الكريم كما ذكرت كلمة النفع بنفس العدد . لذا انفض الفساد من داخلك وكن ذا نفع لك ولغيرك فالفساد هو حالة من انتهاكات المبادئ النزيهة والتعدي علي الحقوق والعدل وكما يقولون : أن تكون فوق القانون الذي من المفترض أن يكون سائدا علي الجميع لذا ينبغي أن نقيم العدل ونحارب الفساد لننهض وننطلق. [email protected]