وجه الإعلامي والكاتب المصري عماد الدين أديب رسالة لاذعة إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بعد رسائله للمملكة العربية السعودية، والتي وصفها الأول ب"الخاطئة فى المعنى، والمغلوطة فى الوقائع، وغير اللائقة فى العُرف السياسي، والمرفوضة رسمياً، والمكروهة شعبيا"، والتي يستخدمها كشعارات انتخابية رنانة من ولاية لأخرى، دون أي اعتبار للواقع. وقال أديب، في مقال نشرته صحيفة الوطن المصرية، الخميس، أن الرئيس ترامب وقع في أخطاء جمة، أكبرها ما قاله مرتين فى أسبوع واحد عن السعودية، وعن فحوى محادثته الهاتفية الأخيرة مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز. وأشار الكاتب أن ترامب تحدث قائلا إن "المساعدات التى تقدمها بلاده للمملكة هى الضامن لاستمرار الحكم السعودى وأنه لولا الحماية الأمريكية للحكم فى السعودية لما استمر أكثر من أسبوعين فقط". موضحا أن الرئيس الأمريكي لا يعرف أن تاريخ الدولة السعودية «الأولى، والثانية، والثالثة» يزيد على تاريخ الاستقلال وقيام الولاياتالمتحدة، لأن الدولة السعودية الأولى قامت منذ 374 عاما. وأضاف أن "العلاقات بين السعودية والولاياتالمتحدة (لم تقم إلا بعد عام 1818، والمملكة قامت في 1744، أي أن التعاون جاء بعد أن عاشت السعودية حكومة وشعباً ودولة بلا وجود أمريكى أكثر من 193 عاما". لماذا ننفق عليهم إذا كانت لديهم كل هذه الأموال؟ وسخر أديب من تهديدات الرئيس الأمريكي برفع الدعم المادي عن المملكة، مؤكدا أن "السعودية منذ أول بروتوكول تجارى مع الولاياتالمتحدةالأمريكية لم تحصل على مساعدة أو منحة أو هبة أو هدية مجانية من الشعب أو الحكومة الأمريكية". وأضاف الكاتب أن "السعودية اشترت سلاحاً من الولاياتالمتحدة بمليارات الدولارات دفعته كله نقداً وعدّاً أو مقابل نفط لكنها – أبداً – لم تحصل على رصاصة أو قطعة ذخيرة مجاملة، مما يدحض ما قاله «يجب أن يدفعوا» ويرد على تساؤله المثير للعجب والدهشة". وحول اتهام ترامب، للرياض وأوبك، بأنهما تتسببان فى رفع أسعار الطاقة، قال الكاتب إن "منظمة الدول المنتجة للبترول «أوبك» لا تقرر أسعار النفط بشكل مزاجى أو اعتباطى لكنها تعتمد فى ذلك أساساً على قانون العرض والطلب". وتابع: "قرار سعر النفط يعتمد على قاعدتين: حجم طلب المستهلكين، وهذا الأمر يرتبط بعدة عوامل أهمها: «حجم توسع أو انخفاض الإنتاج الصناعى».. وثانيتها مستوى الطقس ومعامل البرودة فى الدول المستوردة، وأهمها: شكل الاقتصاد الكلى فى العالم هل هو فى صعود أم انكماش ركودى؟". واستطرد: "ترامب شخصيا هو المتسبب فى ارتفاع أسعار النفط الذى كان وصل تحت الأربعين دولاراً إلى فوق التسعين الآن وينتظر أن يشهد مرة أخرى رقم ال 100 دولار لبرميل النفط، ذلك حينما فرض عقوبات على إيران وفنزويلا وروسيا وأشعل الأسواق". وأكد الكاتب أن "السعودية قادت الدول المنتجة فى توفير سعر معقول للنفط وهى التى قادتها فى زيادة الإنتاج اليومى بأعلى طاقة ممكنة حتى وصلت إلى 9٫900 مليون برميل يومياً لتعويض خروج إيران التدريجى من أسواق البيع بسبب العقوبات"، أي أنها تحاول إصلاح ما أفسده ترامب. وأشار إلى أن دول الأوبك رفعت منذ فبراير إنتاجها 32 مليون برميل يوميا. «تدفع من أجل الحماية» استنكر الكاتب مطالبة ترامب للمملكة بأن تدفع لأجل الحماية، متسائلا: من إيران؟ أم من داعش؟ أم من شعوبنا؟ ورد على الرئيس الأمريكي قائلا إنه "إذا كان الأمر يتعلق بإيران، فإن تجربة الحرب السورية أثبتت أن الجيش الأمريكى العظيم لم يستطع أن يحسم أى شىء على الأرض وأن القوات الروسية والآلة العسكرية الروسية هى أساساً – بالتنسيق مع إسرائيل – هى التى ضربت الوجود الإيرانى ومن معه فى سوريا". وبين أنه "إذا كان الأمر يتعلق بالقدرات العسكرية الأمريكية، فتعالَ يا سيدى لنرى حصيلة 4 تريليونات دولار أنفقتها واشنطن على الحرب فى العراق وأفغانستان وأكثر من 10 آلاف قتيل وجريح، وما زالت الحكومة فى بغداد يتم اختيارها من طهران، وما زالت الحكومة فى كابول تحكم فى حدود العاصمة فقط، أما بقية الخارطة الأفغانية فهى تحت سيطرة «طالبان»". وتابع: "لو دقق الرئيس ترامب جيداً فى ميزان التسلح السعودى فسوف يكتشف أنه لا يعتمد على السلاح الأمريكى وحده، بل هو متعدد المصادر، فهو شريك رئيسى فى التسليح مع كل من بريطانيا وفرنسا والصين وروسيا". وذكر الكاتب أن "الإنفاق العسكرى السعودى السنوى على الدفاع يبلغ 56 مليار دولار مقابل 18 مليار دولار لإيران، وأن احتياطى النفط السعودى يبلغ 264 مليار برميل مقابل 145 مليار برميل لإيران، وأن الغلبة فى الكفاءة والعدد وقوة النيران للسعودية فى سلاح الجو، والهليكوبتر، والمدرعات، والعربات الناقلة ومنظومة الدفاع الجوى". مؤكدا أن "مخازن ومصانع السلاح فى العالم مفتوحة على مصراعيها خاصة للدول النفطية، وللسعودية بالدرجة الأولى، وأن العالم من بكين إلى باريس، ومن لندن إلى بيونج يانج، ومن براج إلى موسكو، مستعد وراغب وقادر على التوريد الفورى لأى نوع من السلاح، ولم يعد هذا الأمر قاصراً على الشركات والمنتجات الأمريكية وحدها". «احم نفسك» وواصل أديب حديثه للرئيس ترامب ساخرا: "إذا كنت تتحدث عن ضرورة الحماية فنحن فعلاً نشعر بقلق شديد فى موضوع الحماية هذا، وهو حمايتك أنت.. سيادة الرئيس احمِ نفسك من لجنة «موللر» للتحقيق التى تكاد تعصف بحاضرك ومستقبلك السياسى". وأضاف: "احمِ نفسك من خلافاتك مع شركائك عبر الأطلنطى فى حلف الناتو والاتحاد الأوروبى الذين «خرجوا عن طوعك» وعقدوا اتفاقاً مضاداً لقرار العقوبات مع إيران، ضاربين عرض الحائط بمصالحهم التاريخية معك". واستطرد: "احمِ نفسك من التحقيق الذى تجريه منذ ساعات سلطات نيويورك حول الاتهام بتهرب عائلتك من الضرائب بما قيمته 500 مليون دولار". وواصل: "احمِ نفسك من الصحافة التى تكرهك، وأجهزة أمنك التى تعاديك، وجمعيات حقوق المرأة والمعوقين والسود والآسيان والمسلمين التى تعمل ليل نهار على التخلص منك، واحمِ نفسك من شركائك فى اليابان وكوريا الجنوبية والصين والاتحاد الأوروبى وروسيا والمكسيك وكندا الذين أفسدت كل خططهم الاقتصادية، الاتهامات بأنك واقع تحت سيطرة الاستخبارات الروسية منذ عام 2012 لأسباب مالية ونسائية". و"احمِ نفسك (أيضا) من تقرير التدقيق فى حساباتك الشخصية فى «دويتشه بانك» وتفاصيل ما حدث فيه من اتهامات بمخالفات جسيمة". و"احمِ نفسك واحمِ ولدك وزوج ابنتك من اتهامات مالية مخالفة للقانون مع موسكو فى عمليات خاصة بفنادق فى جنوب شرق آسيا، واحمِ نفسك لاتهامك بمحاولة رشوة ممثلة التعرى الأمريكية حتى لا تفضح ما كان بينكما. ليس هكذا يعامل الحلفاء والأصدقاء التاريخيون". ووجه الكاتب نصيحة إلى الرئيس الأمريكي قائلا: لو كنتُ من فريق مساعدى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لطلبت منه أن يحضر «دورة تثقيفية وتدريبية» عن العلاقات العربية – الأمريكية، أصولها، وتاريخها، وطبيعتها، وتطورها، وإحصاءاتها، واقتصادها، وميزانها التجارى وعلاقاتها التسليحية، وارتباطاتها الأمنية. مؤكدا أن الرئيس ترامب يحتاج أكثر من غيره إلى هذه الدورة لأنه وقع مراراً وتكراراً فى أخطاء تاريخية منذ حملته الانتخابية عام 2015 حتى أمس الأول.