أعلن مجلس سوريا الديموقراطية، الذراع السياسية لقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من واشنطن، السبت إثر لقاء مع ممثلين عن دمشق تشكيل لجان بين الطرفين لتطوير المفاوضات بهدف وضع خارطة طريق تقود إلى حكم "لامركزي" في البلاد. وتُعد هذه المحادثات الأولى الرسمية العلنية بين مجلس سوريا الديموقراطية ودمشق لبحث مستقبل مناطق الإدارة الذاتية في الشمال السوري، في خطوة تأتي بعدما استعاد النظام مناطق واسعة من البلاد خسرها في بداية النزاع المستمر منذ 2011. وجاءت زيارة وفد مجلس سوريا الديمقراطية التي بدأت الخميس، إلى دمشق بدعوة من الحكومة السورية، وفق بيان صدر السبت عن المجلس ونشر على حسابه على فيسبوك. وأعلن المجلس في بيانه أن هدف اللقاء هو "وضع الأسس التي تمهد لحوارات أوسع وأشمل لحل كافة المشاكل العالقة". وأسفر اجتماع عُقد الخميس، بحسب البيان، عن "اتخاذ قرارات بتشكيل لجان على مختلف المستويات لتطوير الحوار والمفاوضات وصولا إلى وضع نهاية للعنف والحرب التي انهكت الشعب والمجتمع السوري من جهة، ورسم خارطة طريق تقود الى سوريا ديمقراطية لامركزية". ولم يوضح البيان عدد اللجان أو موعد تشكيلها أو مضمونها، كما لم يحدد مواعيد أي محادثات مقبلة. وضم وفد مجلس سوريا الديموقراطية قيادات سياسية وعسكرية برئاسة رئيسة الهيئة التنفيذية في مجلس سوريا الديمقراطية إلهام أحمد. وأوضح سيهانوك ديبو، مستشار الرئاسة المشتركة لحزب الاتحاد الديموقراطي الكردي، أبرز مكونات مجلس سوريا الديمقراطية، أن "ما تم الاتفاق عليه هو ان يكون هناك لجان على كافة المستويات، اقتصادية، عسكرية قانونية وسياسية وخدماتية"، مشيراً إلى أن وظيفتها "وضع خريطة طريق لتكون سوريا لامركزية"، ما تحقيقه عبر الإدارة الذاتية. وقال "من المبكر جداً الحديث عن اتفاق لكن نناضل من أجل التوصل إليه، والانطلاقة بدأت على أن تكون سوريا لامركزية لكن التفاصيل تدرسها اللجان" وهي في طور التشكيل، مشيراً إلى أن "عملية التفاوض ستكون طويلة وشاقة، لان السلطة في دمشق وبنيتها مركبة على أساس شديد المركزية". ولم يصدر حتى الآن أي تصريح رسمي من دمشق. وطوال سنوات النزاع، بقيت المواجهات العسكرية على الارض بين قوات النظام والمقاتلين الأكراد نادرة. وتصر دمشق على استرداد كافة مناطق البلاد بما فيها مناطق الأكراد، إلا أن وزير الخارجية السورية وليد المعلم أعرب العام الماضي عن استعداد دمشق للحوار مع الأكراد حول إقامة "إدارة ذاتية". بعد عقود من التهميش، تصاعد نفوذ الأكراد في سوريا مع انسحاب قوات النظام تدريجياً من مناطقها في العام 2012، ليعلنوا لاحقاً الإدارة الذاتية ثم النظام الفدرالي قبل نحو عامين في منطقة "روج أفا" (غرب كردستان). وتضم هذه المنطقة الجزيرة (محافظة الحسكة)، والفرات (شمال وسط، تشمل أجزاء من محافظة حلب وأخرى من محافظة الرقة)، وعفرين (شمال غرب) التي باتت منذ أشهر تحت سيطرة قوات تركية وفصائل سورية موالية لها. وشدد ديبو متحدثا لوكالة فرانس برس على أنه "يجب التوصل الى حل عادل للمسألة الكردية، المسألة هي إما نكون أو لا نكون، مسألة الادارة الذاتية مكتسب تم تحقيقه عبر آلاف الشهداء". وتسيطر قوات سوريا الديمقراطية التي تعد وحدات حماية الشعب الكردية عمودها الفقري على نحو ثلاثين في المئة من مساحة البلاد تتركز في الشمال، لتكون بذلك ثاني قوة مسيطرة على الأرض بعد الجيش السوري. وتأخذ دمشق على المقاتلين الأكراد تحالفهم مع واشنطن، التي قدمت لهم عبر التحالف الدولي غطاء جوياً لعملياتهم العسكرية ضد تنظيم الدولة الاسلامية ودعمتهم بالتدريب والسلاح والمستشارين على الارض. وكان الرئيس السوري بشار الأسد وضع الأكراد في وقت سابق أمام خيار ما بين المفاوضات او الحسم العسكري. وقال العضو الكردي في مجلس الشعب السوري عمر أوسي لفرانس برس الجمعة عبر الهاتف من دمشق ان المحادثات "هي الأولى العلنية مع حكومة دمشق"، معرباً عن اعتقاده بأنها ستتناول "تسهيل دخول الجيش السوري إلى المناطق ذات الغالبية الكردية وإعادة مؤسسات الدولة إليها في مقابل اعتراف الدستور المقبل بالمكون الكردي.. ومنحه حقوقه الثقافية". وفي مقابل تخلي أكراد الشمال عن "الأجندات الخارجية والحكم الذاتي" وفق أوسي، فإن "الحل الأمثل سيكون بتطوير قانون الإدارة المحلية" الصادر في العام 2012 من أجل تفعيل الإدارات المحلية في إطار اللامركزية الادارية. وإذا كانت واشنطن دعمت الأكراد في كل معاركهم ضد تنظيم الدولة الاسلامية، فقد امتنعت عن دعمهم في مواجهتهم مع القوات التركية في عفرين. وتصنف أنقرة حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي وذراعه العسكرية وحدات حماية الشعب منظمات "إرهابية". وبعد تهديد أنقرة مراراً بشن هجوم ضد المقاتلين الأكراد في مدينة منبج (شمال)، انسحب المقاتلون الأكراد من المدينة بناء على اتفاق أميركي تركي. وتلى هذه التطورات إعلان الأكراد استعدادهم للدخول في "محادثات من دون شروط" مع النظام.