اعتبر الموفد الرئاسي السابق لعملية السلام دنيس روس بأن تحذير القطريين بسحب القوات الأميركية من قطر سيعطي الغطاء السياسي لآل ثاني لإنهاء المواجهة. وتحدث في مقال نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، بشأن تطورات ازمة قطر جراء تشبث الدوحة بموقفها المتعنت والرافض للاستجابة للمطالب المطروحة عليها من الدول العربية الداعية لمكافحة الإرهاب. «اللعبة المزودجة» بحسب المقال، الذي كتبه الدبلوماسي الأميركي المخضرم دينيس روس، تتمثل في السياسات التي تتخذها القيادة القطرية الحالية، والتي تتضمن سماح «نظام آل ثاني (الحاكم في الدوحة) للولايات المتحدة باستخدام قاعدة «العديد» الجوية ودعوة جامعات أميركية مثل «نورث ويسترن» و «تكساس آيه أند إم» و«جورج تاون» لفتح مقارٍ لها في قطر. واستضافة تلك الإمارة الغنية بالنفط (في الوقت نفسه) لقادة بارزين في حركة طالبان، ودعمها إسلاميين متشددين في ليبيا وسوريا، وتمويلها منصاتٍ إعلامية لصالح جماعة الإخوان الإرهابية لبث رسائل هذه الجماعة». ويشدد روس في مقاله على ضرورة أن يكفل أي حل للأزمة الحالية أن يتخلى القطريون عن هذه «اللعبة». وأوضح المقال إلى أن بوسع وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون الاضطلاع بدور وساطة لإنهاء الأزمة. ولكنه يشدد على ضرورة أن يؤكد تيلرسون بوضوح أن الولاياتالمتحدة ستسحب قواتها من قاعدة «العديد»، إذا تردد القطريون في تنفيذ ما هو منوطٌ بهم بموجب مذكرة التفاهم التي وقعوها مع واشنطن مؤخراً بشأن مكافحة تمويل الإرهاب، تلك المذكرة التي تلزمهم باعتقال وترحيل كل من تُصنّفهم الإدارة الأميركية على أنهم يلعبون «دوراً داعماً أو مسهلاً» للعمليات الإرهابية، وتوجب عليهم كذلك وقف تقديم الدعم المادي لأي جماعة تعتبرها أميركا «تهديداً للأمن الإقليمي». ويشير روس، الذي شغل من قبل مناصب مرموقة في إطار العديد من الإدارات الأميركية المتعاقبة، إلى أن تهديداً من هذا القبيل هو ما يجب أن يشغل بال حكام «الإمارة المعزولة»، في ضوء أن القطريين «يرون الوجود العسكري الأميركي (على أراضيهم) ضمانةً أمنية». ويؤكد على أن الإبقاء على وجود قوات بلاده في تلك القاعدة العسكرية الواقعة غربي العاصمة القطريةالدوحة والحيلولة دون سحبها سيعطي القطريين «غطاءً سياسياً يحتاجونه لإنهاء الأزمة الحالية»، في إشارة – على ما يبدو – إلى حاجة الدوحة الماسة إلى حفظ ماء وجهها إذا قررت في نهاية المطاف الانصياع للمطالب المُحقة المُقدمة إليها، والعودة إلى الصفين الخليجي والعربي. وانتقد دينيس روس في مقاله النهج الذي اتبعه تيلرسون في مهمة الوساطة التي قام بها قبل أسابيع لحل الأزمة الخليجية، والتي شملت بقاءه في المنطقة لعدة أيام، مُشيراً إلى أن الوزير الأميركي اخطأ بالتوجه إلى الخليج قبل بلورة خطة جرى التفاوض بشأنها والتوافق حولها لإنهاء النزاع الناشب بفعل السياسات القطرية التخريبية. وأشار روس الى إن «الكفاءة السياسية تتطلب أن يجعل (المرء) من المستحيل (على أي طرف) أن يقول لا للولايات المتحدة». ومضى الرجل مُشدداً على أن التدخل الأميركي لحل الأزمة بات الآن «ضرورياً لأسباب عدة». ومن بين هذه الأسباب – وفقاً لما يقوله روس – أن بوسع «داعش الجريح استغلال الارتباك الحالي في المنطقة لاستعادة قوته. كما أن إيران والميلشيات الشيعية يعيدون تموضعهم بالفعل لملء أي فراغ في العراق أو سوريا، وهو ما سيزيد من حالة عدم الاستقرار في المنطقة». واعتبر أن النجاح في إيجاد حلٍ للأزمة القطرية مهم كذلك لتيلرسون، بل ويقول إن «الفاعلية المستقبلية لهذا الرجل كوزيرٍ للخارجية قد تعتمد» على نجاحه في إنهاء المأزق الحالي في الخليج. ف«تيلرسون» يحتاج – كما يقول روس – إلى «نجاح دبلوماسي بارز وقريب» للحيلولة دون تآكل مكانته «والأزمة الحالية مع قطر توفر فرصةً مثاليةً» في هذا الصدد. وأطلق روس تحذيراً ضمنياً من أن استمرار هذه الأزمة وما يُحدثه ذلك من شقٍ في صف الدول الحليفة للولايات المتحدة يهدد بإمكانية حدوث «فراغ سلطة خطير» في المناطق التي يتم انتزاعها من قبضة تنظيم «داعش» الإرهابي في سورياوالعراق، نظراً إلى أن ذلك يأتي في وقتٍ يتعين فيه على شركاء أميركا تبني موقفاً موحداً يكفل تأمين المناطق المحررة من «داعش» وإعادة إعمارها وإرساء مقومات السلطة والحكم فيها من جديد. وأشار إلى أن عدم القدرة على تحقيق ذلك سيقلل كثيراً من أهمية ما تحقق بالفعل من طرد إرهابيي «داعش» من مدينة الموصل العراقية ومناطق أخرى في سوريا.