يتجدد الحديث سنويا مع اقتراب انعقاد المؤتمر السنوي العام للمقاومة الإيرانية في الخارج كما حدث في بداية الشهر المنصرم و تتصاعد المطالب بضرورة دعم المعارضة الايرانية في الخارج. بالإضافة الى دعم عرب الاحواز ولعل الصراع الإقليمي الذي بدأ يشتد ويظهر على السطح في السنوات الأخيرة بين السعودية وايران كان داعم كبير لهذا الطرح بالإضافة إلى رغبة قوى المعارضة الايرانية في الاستفادة من احتدام هذا الصراع . سوف انتقل في هذا المقال عن الحديث عن النوع الآخر من المعارضة الايرانية والتي لا يسلط عليها الضوء في العادة وتعتبر أكثر تأثيراً كونها تخوض العمل السياسي في الداخل الإيراني وتملك من الأتباع ما يكفل من تغيير المشهد السياسي في إيران على الأقل في السياسة الخارجية و في مبدأ تصدير الثورة. ولعل عدم تسليط الضوء على مثل هذه المعارضة رغم تأثيرها هو اعتقاد البعض بأن لا يوجد في إيران معارضة مشروعة وإن كل التيارات هي في الاساس جزء من السلطة، ويتصارعون عليها وان ما يسمى بالمعارضة فعليا مستترا ومحضورة بنص القانون ممنوعة من ممارسة أنشطتها داخل إيران. وايضا الاعتقاد أن المعارضة الإيرانية تقتصر على المعارضة المسلحة في المنفى، حيث يوجد العديد من الجماعات المهمة داخل إيران، وتنتقد النظام وتعمل في منطقة ما بين المجتمع والمؤسسات المدنية والمؤسسات الرسمية وتتفاعل بطريقة تحقق أهدافها في التغيير السياسي في الداخل الإيراني. ووضح وجود معارضة داخل إيران جلياً عام 2009 بعد الاحتجاجات التي وصفت بالحركة الخضراء حيث قامت احتجاجات شعبية مليونيه واسعة في العاصمة طهران. وفي مدن أخرى كبرى، وقامت هذه الاحتجاجات بسبب ما تم تناقله من تزوير الانتخابات لصالح المرشح الرئيس أحمدي نجاد ضد المرشح مير حسين موسوي. و أهم هذه الجماعات حركة حرية إيران وجماعة عزة الله سحابي والاصلاحيون المثقفون ويتألف زعماء هذا النوع من المعارضة من مفكرين دينين ورجال دين شيعة ولعل بعدها عن أي شكل من اشكال العنف اثناء معارضتها هو ما ابقاها ولكن هذا لم يبعدها عن محاولة اجنحة داخل النظام من تحجيم دور هذه الجماعات وحجب وصولها للجماهير وتمتلك هذه المعارضة القدرة على التأثير في بعض مجريات الامور، وتتفق فصائل المعارضة على رفض لمبدأ ولاية الفقيه. ومن مطالبهم المهمة إقصاء الولي الفقيه الحالي (خامئني) واقامة انتخابات مباشرة من قبل الشعب، وانسحاب كامل لرجال الدين من السياسة، وتكوين مجلس فقهاء يحل محل ولاية الفقيه. كما تركز على الانشغال بالداخل الإيراني والابتعاد عن التدخل في الشؤون الخارجية و مبدأ تصدير الثورة . كما يتشارك مع هذه الجماعات جماعات التيار الليبرالي والتي من أهمها حركة الحرية الإيرانية وحزب الامة الإيرانية وجماعة إيران فردا (إيران الغد) وحركة المسلمين المناضلين. وعلى الصعيد السياسي لا يؤيد التيار الليبرالي تصدير الثورة بالمعنى التقليدي وتدريب جماعات وتسليحها وارسالها الى الدول لمحاربة أنظمتها حيث أن ذلك يتنافى مع الاسلام وقيم الثورة الإيرانية بحد وصفها، وتدعو الى بناء علاقات لإيران مع الدول الاسلامية وخاصة دول الجوار وازالة التوتر واخراج إيران من عزلتها السياسية واحترام المواثيق والمقررات الدولية . لذلك لابد للدول العربية و الجوار العربي لإيران بالتنبه إلى عدم الاكتفاء بالتنسيق مع المعارضة الإيرانية في الخارج والأقلية العربية (عرب الأحواز) رغم أهمية ذلك، والعمل على التواصل مع التيارات والأجنحة المشاركة في النظام الإيراني التي لا تؤمن بنظرية الولي الفقيه. ولا تهتم بتصدير الثورة الإيرانية لمساعدتها على تغيير المشهد الإيراني من الداخل و ذلك لا يكون إلا بالعمل على بلورة استراتيجية لدول الجوار العربي لإيران (الخليج العربي) للتعامل مع تعقيدات المشهد السياسي الايراني الداخلي للانسجام مع المعارضة السلمية الداخلية الأكثر تأثيراً وفق المتغيرات الدولية والإقليمية تمهيداً لصياغة رؤية عربية أشمل عبر تكثيف التعاون والتنسيق من خلال المحافل الإقليمية والدولية. والتركيز على استخدام القوة الناعمة لما للقوة الناعمة من أهمية في كسب الصراع بأقل الخسائر في مواجه النظام الإيراني وذلك عن طريق استغلال المحافل الدولية والتركيز على الانتهاكات الحاصلة في الداخل الإيراني والتهميش الحاصل ضد الاحزاب المعارضة. عضو الجمعية السعودية للعلوم السياسية وباحث في الشأن الإيراني [email protected] هلسنكي