حينما أعلن الأمير الشاب محمد بن سلمان عن رؤية السعودية 2030 في أبريل 2016 كشفت لنا عن شخصية قيادية طموحة تملك رؤية مستقبلية ذات إصرار وعزيمة تعمل من أجل مستقبل الوطن والمواطنين، ولكن هل الطموح والعزيمة والإصرار تكفي لنجاح التغيير، أم أن هناك متطلبات أخرى ضرورية تواكب ذلك الطموح والإصرار لتحقيق النجاح المنشود، وهذا ما أكده الأمير محمد بن سلمان في حديثه للواشنطن بوست في أبريل 2017م أي بعد مرور عام كامل من إعلان الرؤية، حيث ذكر " إن الشرط الأساسي والجوهري للإصلاح هو رغبة الشعب في التغيير" أو بمعنى آخر " إذا اقتنع السعوديون بالتغيير فعنان السماء هو حد طموحاتنا"، بالفعل أصبح لدى قائد الرؤية قناعة تامة أن نجاح التغيير هو قناعة وعمل الجميع. ولكي ينجح التغيير وتحقق الرؤية أهدافها وطموحاتها، لابد أن يصاحب التغيير متطلبات ضرورية لتوحيد الجهود وشحذ الهمم، أهمها: القيادة الاستراتيجية أولاً وسأتحدث عنها في مقال آخر، وتأتي ثانياً المتطلبات الضرورية واللازمة التي يجب أن تصاحب الرؤية وعمليات التغيير؛ من أجل الاقتناع بأهمية التغيير وضرورته وسأتحدث عنها بشكل عام ولن أدخل في تفاصيلها: – الوعي بأهمية التغيير والحاجة إليه، وهي أن يكون لدى المجتمع فهم لطبيعة التغيير والتحول الذي تسعى الرؤية لتحقيقه، وما يحمله من طموح وآمال لهم، وأن يكون لدى المجتمع وعي بالمخاطر التي يمكن أن تحدث إذا ظلت الأمور كما هي دون تخطيط وفق أهداف مستقبلية، ولماذا التغيير والسعي نحو تحقيق الرؤية وأهدافها ضرورية وفي هذا الوقت بالذات، يجب أن يكون لدى المجتمع أيضاً وعي بالأخطاء الجارية حالياً على مستوى جميع المجالات والقطاعات، والأخطاء التي أثرت على التنمية وتنوع الاقتصاد، وأخيراً يجب أن يدرك المجتمع حجم الأضرار والمخاطر التي يمكن ان تحدث إذا لم يكن هناك تغيير وتحول نحو المستقبل وبقاء الأمر كما هو، وكيف ينظر الناس إلى المشاكل الحالية، مع التأكيد على المصداقية والوضوح فيما يتم طرحه؛ لأجل إغلاق الباب أمام الشائعات والأكاذيب التي قد تؤثر على الرأي العام وتعزز مقاومة التغيير لديهم، وهناك فرق كبير بين الوعي والإعلان والإعلام. – دوماً ينظر الناس إلى التغيير وما يحمله لهم من آمال والآم نظرة حذر وترقب وخوف، وهذا طبيعة النفس البشرية؛ مما يجعلهم يقفون كمقاومين للتغيير، ومن أجل كسب الناس والمجتمع لدعم الرؤية والتغيير ونجاحه؛ ينبغي أن يحمل السياق البيئي والتنظيمي للرؤية وللتغيير رغبات وحاجات الناس الحالية والمستقبلية، ويجب التنوع في الرغبات والحاجات لتشمل أفراد المجتمع؛ لتعزيز الدوافع الذاتية للأفراد. – الرؤية تحمل معها برامج ومبادرات ومشاريع تترجم على أرض الواقع بممارسات عملية يقوم بها الأفراد، فتأتي المعرفة كعنصر مهم وضروري لتحقيق البرامج والمشاريع عن طريق التدريب والتعليم وإكساب الأفراد المهارات والسلوك الذي يحتاجه التغيير، فضروري توفير المعلومات التفصيلية حول استخدام الأدوات والمعلومات الجديدة، كذلك فهم القوانين الجديدة والمسؤوليات المرتبطة بها. – يصاحب الرؤية والتغيير عمليات كبيرة ومتعددة ومتنوعة تتطلب الإمكانات المادية والبشرية اللازمة لتحقيقها، فقدرات القيادات والأفراد الفكرية والنفسية والجسدية والصحية ضرورة أساسية لقيادة عمليات التغيير وإدارتها بشكل صحيح، وإتاحة الزمن الكافي لعمليات التغيير وتطوير المهارات اللازمة للقيام بها، وإدارة الوقت بفاعلية عنصر مهم جداً وضروري للوصول إلى الأهداف المنشودة. – لأجل استمرار عمليات التغيير وضمان تحقيق الرؤية، يأتي عنصر التعزيز كأحد العناصر المهمة والضرورية؛ بحيث تكون التعزيزات هادفة، وربط التعزيزات بالإنجازات التي تحققت، لأن دور التعزيز يأتي ليؤكد نجاح الرؤية وعمليات التغيير من جهة، ومن جهة أخرى يقضى على الأفكار والآثار السلبية التي قد تنشأ كمقاومة للتغيير بين الأفراد والمجموعات في بيئة العمل الواحدة. د. خالد عواض الثبيتي أستاذ الإدارة والتخطيط الاستراتيجي المشارك