تحملت السعودية وحلفاؤها في منطقة الخليج كل التخفيضات الإنتاجية تقريبا التي نفذتها منظمة أوبك حتى الآن، إذ عادت المملكة لاستئناف أداء دور المنتج المرن الذي اعتادت القيام به. فقد خفضت السعودية إنتاجها بمقدار 564 ألف برميل يوميا في شهر يناير أي بما يزيد بنسبة 16 في المئة عن مستوى الخفض، الذي تعهدت به في نوفمبر 2016 وهو 486 ألف برميل يوميا. غير أن أعضاء المنظمة ككل خفضوا الإنتاج بمقدار 958 ألف برميل يوميا فقط أي بما يقل بنسبة 18 في المئة عن التخفيضات الموعودة، التي يبلغ إجماليها 1.164 مليون برميل في اليوم وفقا لما جاء في المسح الشهري لرويترز. وبناء على ذلك تكون السعودية قد تحملت ما يقرب من 60 في المئة من عبء التخفيضات الإنتاجية حتى الآن بالمقارنة مع ما وعدت به، ويتمثل فيما يزيد قليلا على 40 في المئة. وقد ساهمت السعودية وحلفاؤها الكويت والإمارات العربية المتحدة وقطر بنسبة 82 في المئة من إجمالي التخفيضات التي نفذها أعضاء المنظمة بالمقارنة مع النسبة المستهدفة لهذه الدول وهي 68 في المئة. أما معدلات الالتزام بالتخفيضات بين الدول الأخرى الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول فقد كانت أقل عموما. فقد خفضت الجزائروفنزويلا إنتاجهما بنسبة 18 في المئة فقط من تخفيضاتهما الموعودة ولم يكن مستوى التزام العراق أعلى كثيرا، إذ بلغ 24 في المئة. وللدقة، فالمقصود هو أن تحسب التخفيضات على أساس متوسط النصف الأول من 2017 ولذلك فلم يخلف أي من أعضاء أوبك حتى الآن ما وعد به. ولايزال بوسع أصحاب الأداء الضعيف إجراء تخفيضات أكبر في الأشهر المقبلة لتعويض مستوى الالتزام المتدني في يناير، وإن كان هذا يبدو مستبعدا. ها قد عادت أوبك إلى سيرتها الأولى. وبخفض الانتاج خفضا كبيرا سترت السعودية والكويت مستوى الالتزام المتدني بين بقية أعضاء المنظمة. فباستثناء السعودية والكويت بلغ متوسط مستوى الالتزام 50 في المئة فقط في يناير.ويشبه هذا النمط من السلوك ما حدث عام 1999 عندما تحملت السعودية معظم الخفض المقصود بمساعدة من الكويت والإمارات العربية المتحدة. استثناء آسيا واستثنت أوبك وروسيا غير العضو في المنظمة آسيا من تخفيضات في إمدادات النفط جرى التوافق عليها في اتفاق مهم العام الماضي، وذلك في مسعى حثيث للحفاظ على حصتيهما في أكبر وأسرع أسواق النفط نموا في العالم. وكبديل عن الإقدام على هذه الخطوة تخفض أوبك وروسيا الإمدادات إلى أوروبا والأميركتين في الوقت الذي تنفذان فيه اتفاقا منسقا لخفض الإمدادات بنحو 1.8 مليون برميل يوميا في مسعى لتقليص وفرة الإمدادات العالمية ورفع أسعار النفط. وزادت إمدادات منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) النفطية إلى آسيا سبعة في المئة في الفترة بين نوفمبر 2016 ويناير 2017 إلى 17 مليون برميل يوميا لتلبي ثلثي استهلاك المنطقة من النفط وفقا لما أظهرته بيانات تومسون رويترز. وقال توشار بانسال المدير بشركة آيفي غلوبال انرجي للاستشارات في سنغافورة إنه فيما يخص أوبك وبشكل خاص دول الشرق الأوسط فإن آسيا هي سوقهم الأساسي والمتنامي وآخر ما قد ترغب فيه تلك الدول هو أن يهرع مصدرون مثل روسنفت أو فنزويلا لزيادة حصصهم السوقية في آسيا، بينما ينشغل أعضاء أوبك في فتح أسواق جديدة خارج المنطقة. وبينما يتعين في نهاية المطاف أن تعيد تخفيضات أوبك وروسيا التوازن إلى السوق بعد فائض في المعروض استمر على مدى ثلاث سنوات فإن هذا سيكون أكثر تباطؤا في آسيا ما لم يرتفع الطلب الإقليمي. وفي مؤشر على وجود وفرة الإمدادات المستمرة في آسيا تظهر بيانات منصة آيكون أن نحو 30 ناقلة عملاقة مستأجرة ترسو في المياه خارج مركزي تجارة النفط في آسيا، وهما سنغافورة وجنوب ماليزيا محملة بنحو 55 مليون برميل من النفط، وهو ما يكفي لتلبية الطلب الصيني على مدى نحو خمسة أيام. وتتناقض الزيادة في عقود الإمدادات الآسيوية مع خفض إنتاج أوبك عالميا بأكثر من مليون برميل يوميا في يناير، مما يثير دهشة مراقبي السوق خاصة في ظل معدل التزام بالتخفيضات يتجاوز 80 في المئة. وأظهرت بيانات وزارة الطاقة الروسية أن إنتاج البلاد من النفط بلغ 11.11 مليون برميل يوميا في يناير انخفاضا من 11.21 مليون برميل يوميا في ديسمبر 2016. وبلغ الإنتاج 46.992 مليون طن الشهر الماضي مقارنة مع 47.402 مليون طن في ديسمبر. ووصل إنتاج الغاز إلى 66.11 مليار متر مكعب في الشهر الماضي -أو 2.13 مليار متر مكعب يوميا – مقارنة مع 66.38 مليار متر مكعب في ديسمبر. وقال وزير الطاقة الروسي ألسكندر نوفاك إن الشركات الروسية قد تخفض إنتاج النفط بوتيرة أسرع مما تم الاتفاق عليه مع أوبك. وأضاف نوفاك للصحافيين في بودابست «نتوقع أن تلتزم الشركات بالخطط التي تبنتها في البداية. هذا هو السيناريو الأساسي. ولكن من المحتمل أن تسرع وتيرة خفض الإنتاج في فبراير». وقال أوستين بيرينتسين العضو المنتدب للنفط لدي شركة سترونج بتروليوم لتجارة الخام في سنغافورة «مخزونات النفط تنخفض خاصة في أوروبا. أما في آسيا فقوة الطلب تقلص الفجوة مع المعروض لكنها سوف تستغرق وقتا». من جانب آخر، قالت شركة أرامكو السعودية إنها رفعت سعر بيع خامها العربي الخفيف إلى العملاء الآسيويين في شحنات مارس بمقدار 0.30 دولار للبرميل عن فبراير ليصل إلى 0.15 دولار للبرميل فوق متوسط خامي سلطنة عمان ودبي. ورفعت الشركة سعر البيع الرسمي لشحنات مارس من الخام العربي الخفيف إلى شمال غرب أوروبا بواقع 1.25 دولار للبرميل عن الشهر السابق ليصل السعر إلى المتوسط المرجح لخام برنت مخصوما منه 3.45 دولارات للبرميل. وتقرر رفع سعر البيع الرسمي للخام العربي الخفيف إلى الولاياتالمتحدة في مارس 0.15 دولار عن الشهر السابق ليصل إلى 0.40 دولار للبرميل فوق مؤشر أرجوس للخام العالي الكبريت.