أكد الشيخ عادل الكلباني أن مواقع التواصل الاجتماعي لم تعد ترفا بل أخذت حيزا كبيراً من الحياة العامة لدرجة أنها أصبحت تسرق الوقت، وتبلغ درجة الانهماك فيها مثل خشوع الأولين في الصلاة حتى أنها باعدت بين الناس حتى في البيت الواحد لدرجة أنها أصبح يطلق عليها مواقع التفاصل بدلا من التواصل. وتطرق الكلباني خلال حديثه في ندوة الشيخ سعود المريبض بمدينة الرياض والتي أطلقت أول برامجها في عام 2017 بمحاضرة بعنوان (140 حرفًا وعشر ثوان) إلى تأثير مواقع التواصل الاجتماعي وتأثيرها على القيم الإسلامية في أمور كثيرة لعل من أهمها الرقابة والستر. وأكد أن تويتر كشف أخلاقيات المجتمع وأنني أشبهه بمثل ( الملاس الذي أخرج ما في القدر) داعيا إلى محاربة الأسماء المستعارة التي تعتقد أنها تستطيع أن تقول ما تشاء كيف ما تشاء في أي وقت تشاء، مبينا أن عززت وكشفت عن وجود ما يسمى بالإسلام الواقعي والإسلام الافتراضي. وقال الكلباني: إن من فوائد تويتر والسناب شات أنهما يدركان اهمية الوقت وأهمية استثمارة كما أنهما يعلماننا الاختصار؛ فنحن في حياتنا لم نتعلم الاختصار، وتويتر ألزمنا ب140 حرفًا، وسناب شات 10 ثوان وهذا من الممكن أن يكون فيه موعظة ورسالة وكلمة مفيدة مشيرا إلى أن أكثر ما ينشر في تويتر والسناب شات من اللغو الذي لافائدة فيه لافي دنيا ولا أخرة. وأشار الكلباني خلال حديثه في الندوة إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يحب الاختصار وكذلك العرب كانت ميزتهم هي الاختصار فخير الكلام ما قل ودل. وأوضح أن مواقع التواصل الاجتماعي ليست منابر وعظية، ويجب أن نفرّق بينها وبين منبر المسجد. مضيفًا بالقول: أننا عبر مواقع التواصل نتحدث إلى الملايين أو عشرات الآلاف من مختلفي الطبقات الفكرية والثقافية، داعيًا في هذا الصدد إلى تغيير الخطاب الديني الثقافي عبر هذه المواقع، ومؤكدًا أن ميزات التواصل تدفعنا لوجوب تغيير الخطاب الديني؛ فيجب أن نغير طريقة التخاطب مع الناس. وتابع: لقد هُيِّئ لنا في مواقع التواصل ما لم يُهيَّأ لصحابة النبي – صلى الله عليه وسلم – بل لم يُهيَّأ للنبي – صلى الله عليه وسلم – والأنبياء من قبله مثل هذا.. لم يهيَّأ لهم أن يصلوا إلى العالم كله وهم جالسون في أماكنهم! فأنت بالرياض يمكنك أن تتحدث لأشخاص في أمريكا والصين وبريطانيا في الوقت نفسه، مبينًا أن هذه الإمكانيات ينبغي أن تغيّر خطابنا الديني؛ فالأفضل أن يكون الحديث عامًّا لا خاصًّا لفئة معينة من الناس إلا للضرورة؛ فيراعى اختلاف المناطق والمبادئ والقيم والعادات.. فما يكون عندنا سنة قد يكون عند آخرين بدعة. وذكر الشيخ الكلباني أن من فوائد مواقع التواصل أنها تجعلنا نراعي الخلافات الفقهية فيما يكون سنة هنا قد يكون بدعة هناك ، وأن نصل إلى المخالِف أكثر من الموافق. وعما يقال عنه من تباسطه ونزوله للعامة في مواقع التواصل أوضح قائلاً: أنا لا أرى الدخول في وسائل التواصل نزولاً للعامة، بل هو فرصة ووسيلة أُتيحت لنشر العلم والثقافة والمحبة والمودة والرحمة. مشيرًا إلى أنه لا يوجد ما يسمى عامة، وإنما جاءت من تفرقة المجتمع إلى خاصة وعامة فالقرآن الكريم يخاطب با يا أيها الناس ولم يفرق بين خاصة وعامة. وعقب الإعلامي المعروف خالد الغنامي بأننا نعيش عصر الحرية لذلك لابد في البدايات أن يكون هناك شيء من الفوضوية والانفصام حيث يظهر لك بصورة معينة في الواقع بينما يتحول في تويتر مثل الوحش الكاسر مؤكدا أن البدايات تظهر دائما صراعا بين الفضيلة والرذيلة لكن في النهاية ستنتصر الفضيلة. وتطرق إلى انتشار الشائعات داعيا إلى ضرورة لجم ذلك من خلال استقاء الأخبار من مصادر الأخبار الأساسية وعدم الانجراف وراء مواقع التواصل الاجتماعي. وفي الختام أتيحت الفرصة لطرح بعض التساؤلات من قبل الحضور ودارت حول الاستفادة من مواقع التواصل في خدمة الدين، وتوجيه الخطب المنبرية بشكل مختصر كما تطرقت إلى تجربة الكلباني في تويتر وبعض تغريداته المثيرة للجدل. وتجدر الإشارة إلى أن ندوة المريبض شهدت حضورا كثيفا من المفكرين وأساتذة الجامعات والمثقفين وكانت الندوة قد انطلقت في عام 2000 تزامنا مع الرياض عاصمة الثقافة العربية، وقد أقيمت فيها ندوات لأبرز المسئولين والمفكرين على المستوى المحلي والعربي في مختلف المجالات السياسية والثقافية والدينية والاجتماعية.