منذ القدم تعد الرياضيات من العلوم الأساسية التي لا غنى للإنسان عنها وما زالت لارتباطها بكثير من فروع المعرفة ولدورها الفاعل في تقدم العلوم والتقنية بالدرجة التي يصف فيها البعض التقنية المعاصرة على أنها تقنية رياضية تنمي وتطور العديد من السمات العقلية فليس هناك علم أو تخصص إلا وكانت الرياضيات جزء منه أو وسيلة إلى إتقانه. مستوى تعليمنا بمن حولنا! ويعاني تعليم الرياضيات وتعلمها من السلبيات سواء كانت في المحتوى أو أساليب تدريسها أو أنشطة تعلمها انعكست على تحصيل المتعلمين في كل المراحل التعليمية فقد أكدت نتائج اختبارات الدراسة الدولية للرياضيات والعلوم البرنامج الدولي لتقييم الطلبة ( (PISA والتي من أهم أهدافها الوقوف على مستوى التحصيل العلمي للمتعلمين. أن مستوى التحصيل الرياضيات في معظم الدول ومنها المملكة العربية السعودية منخفض بشكل مستمر حيث حازت على ترتيب متأخر في الدورات الأخيرة التي بالمقابل نرى أن دولاً تتحسن في أدائها باستمرار الأمر الذي فتح الأفق لتبادل الخبرات مع تلك الدول والاستفادة من تجاربها في تعليم الرياضيات وتعلمها ومن أبرزها دولة (فلندا) وغيرها. أين الخلل في تعليمنا لمناهجنا؟! وبالرغم من تطبيق مشروع تطوير مناهج الرياضيات والعلوم بالمملكة العربية السعودية والذي كان من أهدافه مواكبة التطورات الحاصلة في العالم، ورفع مستوى التحصيل الدراسي للمتعلمين للتمكن من منافسة أقرانهم على المستوى العالمي، لاحظت من خلال عملي في مجال تدريس الرياضيات استمرار مشكلة انخفاض التحصيل الدراسي وتبين أن الطالب يعاني من ضعف في مهارات التفكير حيث إنه يقف حائراً أمام مسائل رياضية شائكة تتطلب منه أفكاراً وحلولا ً مبتكرة تكون مفتاحا لحل تلك المسائل. وبعد إطلاعي على بعض الدراسات والبحوث التي تناولت هذه المشكلة أشار البعض إلى أسباب هذا الضعف حيث ذكر منها: التركيز على الحفظ والتلقين بالإضافة إلى استخدام الطرائق والأساليب غير الفاعلة في تعلم الرياضيات وتعليمها، كذلك قد يكون العلم الذي لم يعد إعدادا كافيا سببا من الأسباب التي تجعله غير متمكن من تغيير وتنويع أساليبه في التدريس والعطاء. هل هذا ما نريد لمخرجاتنا؟! ومما ترتب على استخدام تلك الأساليب التي أخرجت متعلمين أشبه بالإنسان الآلي الذي لا يعطي إلا ما تلقى من معلومات وإمكانات حيث إنهم يفتقدون إلى مهارات التفكير التي لا يمكن أن تكتسب إلا من خلال الاستفادة من البرامج العالمية المقدمة لتنمية التفكير ومهاراته ودمجها في العملية التعليمية، إذ تعد مهارات التفكير بأنواعه في عصرنا الحاضر طريقاً مختصرًا إلى التفوق والنجاح التي يحتاجها المتعلمون في حل المشكلات والأزمات بطريقة مبتكرة تجعل منهم منتجين مبدعين لا مرددين لما حفظوا.