أتعلمين أي حزن «يكشف» المطر ؟! لطالما ارتبط موسم المطر بالبشائر والحنين، وقد تغنى العديد من الشعراء به، ولعل أنشودة المطر للسياب إحداها، لكن بوقتنا الراهن قد تتغير المفاهيم بِسَبَب الشركات والمؤسسات المعنية بتنفيذ المشاريع! فقد أصبح المطر هو المعيار الحقيقي والمسؤول الأول الذي ليس لديه أي مجاملات أو محسوبيات.. ففي كل موسم يكشف لنا المطر فساد المشاريع والبنية التحتية، وما كان منظر غرق الشوارع، وهبوط الأسفلت وانهيار الجسور، واقتحام السيول للمدن.. سوى اختبار وتقييم حقيقي لمدى صلاحية تلك المشاريع للبشر! ولم يكتف المسؤول «مطر» بالمشاريع المنجزة بل شمل ذلك المشاريع التي كانت على وشك الافتتاح، كما حدث مؤخرًا في مركز الملك عبدالعزيز الثقافي بالظهران، ففي نفس الموقع الذي انفجرت به ينابيع النفط انفجرت بالأمس ينابيع الماء وتسربت. ولكن هذه المرة من الأعلى للأسفل، فقطرات المطر التي سقطت كشفت عن سوء الإنشاء والبناء، رغم أن تلك المنشأة الضخمة كلف بناؤها سنوات وآلاف المليارات، فهل غفلت الدراسات والاستراتيجيات المعدة للمشاريع من قبل كبار المهندسين عن فصل الشتاء والمطر! ومع ذلك، للأسف يتكرر كل عام مشاهد فساد المشاريع، وبين طياتها مليارات مهدرة من الميزانية التي رصدت لإنشائها، ومعها أيضًا تتكرر الثقة الممنوحة لبعض الشركات، وخبرة المهندسين الأجانب لتنفيذها..!! ورغم تلك الحقائق ما زلنا ندور بنفس الحلقة كبار الشركات، نصيب الأسد فيها للمهندس الأجنبي بينما المهندس «ابن البلد» مهمش وعلى رصيف البطالة. أجزم أنه لو أدت الدوائر الحكومية التي انشأت لمكافحة الفساد دورها بجرأة كما يفعل المطر لمحاسبة المقصرين، لما اشتكى أحد من سوء البنية التحتية، وما علقت الدراسة لأيام، والحجة الواهية سوء الأحوال الجوية، وما تكررت لدينا مشاهد مشاريع الفساد المؤلمة، فكارثة جدة لا تزال بالذاكرة!