أكد رئيس أرامكو السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين، المهندس أمين بن حسن الناصر، أن النفط والغاز سيحتفظان بمكانتهما الجوهرية في قطاع الطاقة العالمي لعقود مقبلة، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أن على المستثمرين في صناعة الطاقة الاستعداد للانتقال إلى أنواع وقود بديلة. وشدد الناصر خلال كلمة رئيسة في مؤتمر الطاقة العالمي الثالث والعشرين المقام في مدينة إسطنبول، على أن صناعة الطاقة تواجه في الوقت الراهن تحديات صعبة، لافتاً إلى أن انخفاض أسعار النفط ليس السب الوحيد لهذه المصاعب، وإنما بسبب ضعف الاستثمارات العالمية بصورة رئيسة، الذي أدّى إلى اختلال موازين العرض والطلب. وقال: "هذا الاختلال سيؤثر على المدى البعيد على أسعار النفط والاقتصاد العالمي". وتابع الناصر حديثه قائلاً: "في أرامكو السعودية، سنستمر في الاستثمار في مشاريعنا الأساسية المرتبطة بالنفط والغاز وفي مجالات المعالجة والتكرير والتسويق والكيميائيات. أما المشاريع التي قمنا بإرجائها فقد كانت في معظمها من مشاريع المساندة". مؤكداً استمرار أرامكو السعودية في المحافظة على الطاقة الإنتاجية الإحتياطية لتعزيز أمن الطاقة العالمي حتى في ظل حالة التراجع طويل الأمد التي تشهدها الأسواق، وللحد من تأثير الظروف غير المتوقعة. وأضاف الناصر بأن "العالم سينتقل إلى أنواع وقود بديلة خلال الفترة الانتقالية التالية. ووفقاً لتقديرات وكالة الطاقة الدولية فإن ما يقرب من 75% من الطلب العالمي الأولي على الطاقة (أي ما يعادل 360 مليون برميل في اليوم من النفط) في العام 2040 ستتم تلبيته من مصادر الوقود الأحفوري. لذا، فإن الدور المحوري للنفط والغاز في مزيج الطاقة العالمي سيستمر لعقود مقبلة." وأشار الناصر كذلك إلى أنه يتوجب على صناعة الطاقة أن تتبنى نموذجاً جديداً للأعمال من ثلاثة عناصر أساسية، وأسماه الناصر "الطاقة 2.0″، وفي العنصر الأول قال الناصر: "يجب علينا الاستمرار في ضخ استثمارات مناسبة من حيث الكم والتوقيت في إمداد الوقود الإحفوري. فنحن في أرامكو السعودية نخطط لاستثمار أكثر من 300 بليون دولار أمريكي على مدى العقد القادم لتعزيز مكانتنا البارزة في مجال النفط والمحافظة على طاقتنا الإنتاجية الاحتياطية والتوسع بصورة كبيرة في إنتاج الغاز التقليدي والاستفادة من مصادر الغاز غير التقليدي لدينا." وفي حين رأى الناصر في حديثه عن العنصر الثاني بأن "على الصناعة أن تتحلى بقدرة مالية قوية ومرونة أكبر بإحداث تغيير هائل في بنية تكاليفها الأساسية. فالتحلي بقدر أكبر من الكفاءة والكلفة التنافسية والتكامل هي حتميات مهمة"، أشار إلى أن العنصر الثالث يرتكز على الاستثمار في الابتكار والتكنولوجيا لإنتاج منتجات نظيفة جداً من النفط والإمدادات الأخرى من أنواع الوقود الإحفوري، وذلك للتغلب على التحديات التي تواجهها أنواع الوقود البديلة. وأوضح الناصر أن هدف أرامكو السعودية هو أن تصبح شركة عالمية رائدة في تطوير تقنيات متطورة في مجال الطاقة والكيميائيات والوقود النظيف، بما يساهم في دعم الكفاءة وتقليل الكلفة والحد من الإنبعاثات، فضلا عن المساعدة على توفير طاقة موثوقة ومستدامة بأسعار معقولة. كما أضاف الناصر أن أرامكو السعودية، "وضعت أهدافا طموحة للاستفادة من التكنولوجيا من خلال الأبحاث والتطوير لزيادة معدلات استخلاص النفط في الشركة من 50% إلى 70% ورفع الاحتياطيات النفطية المثبتة بحولي 100 إلى 150 بليون برميل لتصل إلى 900 بليون برميل من مستواها الحالي البالغ 261 بليون برميل". وبين الناصر، في نقاشه للمرحلة الثالثة من مستقبل الطاقة، أن زيادة الحصة في مصادر الطاقة البديلة في مزيج الطاقة العالمي على المدى الطويل ستتطلب استثمارات تقنية ضخمة، وستنفذ تدريجياً في ظل الظروف الاقتصادية والسياسية العالمية، وقال: "بالنظر إلى هذه الأوضاع، فلعل من الحكمة أن نحافظ على ضمانة مصادر الطاقة المثبتة إلى يتم التأكد من معالم وجوهر مستقبل الطاقة البديلة". وسلّط الناصر الضوء في كلمته على الدور الرئيس الذي تؤديه أرامكو السعودية في دعم تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030، عبر تعزيز التنوع الاقتصادي والتنمية المستدامة. ونوه الناصر بأن أحد العناصر الرئيسية للرؤية هي التأكيد على توطين أنشطة الأعمال. وقال "كجزء من برنامج أرامكو السعودية لتعزيز القيمة المضافة الإجمالية لقطاع التوريد في المملكة سنتمكن من مضاعفة تأمين متطلباتنا من المنتجات والخدمات المحلية المرتبطة بالطاقة لتصل إلى 70% بحلول العام 2021، وهذا من شأنه أن يضيف قيمة للاقتصاد السعودي ويدعم توظيف الشباب السعودي الموهوب ويعزز نمو الصادرات". ويعد مؤتمر الطاقة العالمي الثالث والعشرين، الملتقى الدولي الأبرز المخصص لبحث شؤون الطاقة في العالم. منبراً للحوار بين وزراء الطاقة وقادة قطاعي الأعمال والمال والقطاع الأكاديمي.