بعد تصنيف حزب الله، خليجيًا، ضمن المنظمات الراعية للإرهاب، في خطوة طالما تريثت فيها دول الخليج كثيرًا، بدا الأمر اليوم واضحًا شديد الوضوح حيث أصبح هذا الحزب مأزقًا حقيقيًا للكيان اللبناني، ومصدرًا مزعجًا عبر أدواره المشبوهة ضد بعض دول الخليج. إن حزب الله لا تكمن خطورته فقط في ولائه أو اصطفافه مع إيران فحسب، فهناك الكثير من الحركات الشيعية والسنية في المنطقة توالي إيران، بل كذلك تكمن الخطورة في عقيدته السياسية التي تقوم على اعتناق مذهب ولاية الفقيه وخطورة هذه العقيدة أنها تجعل من هذا الحزب رهينة للسياسات الإيرانية وأداة خطيرة من أدوات الولي الفقيه في طهران لتفجير الأوضاع في المنطقة. إن ولاية الفقيه باختصار تعني أن هذا الحزب لا يؤمن بمبدأ الدولة الوطنية في لبنان، ومن ثم لا يخضع في تحركاته وفق المصلحة والسيادة اللبنانية أو حتى المصلحة القومية للعرب، وإنما سيظل باستمرار عامل تفجير للأوضاع وللسياسات التخريبية التي تتخذها إيران ضد العرب. لقد ثبت تورط حزب الله مع الحوثيين في حربهم ضد المملكة العربية السعودية من خلال عناصر تدريب انخرطت في تلك الحرب كما أثبتت ذلك بعض وسائل الإعلام وفي الوقت ذاته ثبت تورطه في بعض قضايا الإخلال بالأمن في كل من الكويت والبحرين إلى جانب خوضه للصراع مع النظام السوري وإيران ضد المعارضة السورية. ولأن الحراك العقائدي للحزب من خلال الإيمان المطلق بولاية الفقيه هو سبيل هذه الحزب ومبرر نشاطه المعادي للعرب فإن أي وسيلة للحوار والسياسة لا تجدي في إقناع عناصره حيال أي قضية، الأمر الذي يقتضي بالضرورة استخدام سياسات من نوع آخر؛ كالتصنيف الذي أصدرته دول الخليج حول هوية حزب الله باعتباره منظمة إرهابية. لهذا سيظل هذا الحزب مأزقًا حقيقيًا للكيان اللبناني، ومانعًا من استقراره سياسيًا وأمنيًا من خلال هيمنته على الحياة السياسية في لبنان واختطافه لدور السيادة اللبنانية من وراء الكواليس. المفارقة التي يراها البعض في ضوء الأفعال التي يمارسها حزب الله سواء عبر أدواره السياسية أو عبر أدواته الإعلامية، هي أن قادة الحزب لا يملون من الخطابات المجوفة عن السياسة والتوافق والكلام عن مصلحة لبنان وتوازناته، لاسيما خطابات أمينه العام حسن نصر الله، التي يبدو فيها دائمًا أنه واثق من نفسه فيما يقول ويعتقد بما يوحي دائمًا لآخرين أنهم على خطأ. وفي تقديرنا أن هذه النفسية وهذه اللونية من الخطاب هي الأخطر لأنها تنطلق من يقينيات باطلة حين تمارس أدوارها السياسية من خلال رؤية عقائدية لا تعترف بسيادة الدول ولا بأمن المجتمع ولا بضرورات الاستقرار إلا عبر الكلام الذي يتم استهلاكه أمام وسائل الإعلام فقط. فحين يصرح حسن نصر الله أكثر من مرة أنه يعتقد بنظرية ولاية الفقيه وأمام الملأ كيف يمكنه، بعد ذلك، أن يتحدث بلغة السياسة، أو كيف يريد أن يصدقه الناس حين يتحدث عن مصلحة لبنان وسيادته وأراضيه. لقد أصبح حزب الله مأزقًا حقيقيًا للبنان، ولقد كشفت التداعيات الأخيرة في العلاقة بين السعودية والخليج من ناحية، وبين لبنان من ناحية ثانية؛ أن ما صبرت عليه دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية – من تجاوزات هذا الحزب أصبح اليوم مؤشرًا على مخاطر غير محتملة، وأصبحت علاقة لبنان بدول الخليج، نتيجة لذلك، معرضة للخطر بسبب هذا الحزب الذي اختطف الدولة في لبنان. ليس أمام القوى السياسية اللبنانية التي تؤمن بسيادة لبنان ودولته الوطنية، سوى مواجهة هذا الحزب، وإجراء تسوية ضرورية معه لفك ارتباطه بإيران على ذلك النحو الخطير. لأن الأحداث التي تجري في منطقة الشرق الأوسط، والملفات التي انخرط فيها هذا الحزب كذراع إيراني أصبحت اليوم مكشوفة في كل من سوريا واليمن والخليج، وسوف تؤدي عاجلاً أو آجلاً إلى انفجار الأوضاع في لبنان.