فر عشرات الألوف من السوريين من قصف روسي مكثف في محيط حلب يوم الجمعة وقال عمال إغاثة إنهم يخشون من أن تحاصر قوات النظام المدينة بالكامل والتي كان يعيش بها مليونا نسمة ذات يوم. وأعلنت إيران مقتل أحد جنرالاتها على جبهة القتال أثناء مساعدته للقوات الحكومية وهو تأكيد مباشر للدور الذي تلعبه طهران إلى جانب موسكو في أحد أكثر الهجمات طموحا على ما يبدو في الحرب الدائرة منذ خمس سنوات. وتسبب هجوم قوات النظام في محيط حلب والتقدم الذي تحققه في جنوب البلاد في نسف محادثات السلام التي جرت في جنيف هذا الأسبوع. وتسعى القوات السورية وحلفاؤها للقيام بمحاولة جديدة لتحقيق انتصار ميداني بعد أن أنهى التدخل الروسي شهورا من مكاسب المعارضة العام الماضي. وخلال اليومين الماضيين نجحت قوات النظام ومقاتلو حزب الله اللبناني والمقاتلون الإيرانيون المتحالفون معها في تطويق منطقة الريف الى الشمال من حلب وقطع خط إمداد رئيسي يربط المدينة التي كانت كبرى مدن سوريا قبل الحرب بتركيا. وقالت أنقرة إنها تشتبه أن الهدف هو تجويع السكان لدفعهم للاستسلام. وستكون حلب أكبر مكسب خلال سنوات الحرب بالنسبة لقوات النظام في صراع أودى بحياة ربع مليون شخص على الأقل وشرد 11 مليونا. وأظهرت مقاطع فيديو آلاف الأشخاص غالبيهم من النساء والأطفال والمسنين يتدفقون على معبر باب السلام الحدودي. وحمل الرجال أمتعتهم فوق الرؤوس ونُقل المسنون وغير القادرين على السير على مقاعد متحركة. وجلست بعض النساء على جانب الطريق يحملن أطفالا رضع في انتظار السماح لهم بدخول تركيا. وقال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو إن 15 ألف شخص فارين من حلب وصلوا للحدود التركية. وطالبت منظمة العفو الدولية تركيا بالسماح بدخول الفارين من أحدث موجات العنف. وقال ديفيد إيفانز مدير برنامج الشرق الأوسط في منظمة الإغاثة الأمريكية ميرسي كور التي قالت إن أكثر طرق الإمدادات الانسانية مباشرة إلى حلب قد قُطع "أشعر أن حصارا لحلب على وشك أن يبدأ." ووصف متحدث باسم المعارضة لا يزال في جنيف بعد تعليق محادثات السلام الوضع في حلب بأنه كارثة إنسانية. وأضاف أن على المجتمع الدولي اتخاذ خطوات عاجلة وحاسمة للتعامل معه. قال حسن الحاج علي قائد لواء صقور الجبل التابع للجيش السوري الحر "الغطاء الروسي مستمر ليلا نهارا وهناك أكثر من 250 غارة باليوم الواحد على هذه المنطقة." وأضاف "النظام يحاول الآن توسيع المساحة التي سيطر عليها. ريف حلب الشمالي محاصر بالكامل والحالة الإنسانية صعبة جدا." وذكر التلفزيون الحكومي السوري والمرصد السوري لحقوق الإنسان أن الجيش وحلفاءه سيطروا على مدينة رتيان شمالي حلب ليستفيدوا من المكاسب التي تحققت في وقت سابق هذا الأسبوع. وقال الحاج علي إن المدينة لم تسقط حتى الآن وأضاف أن "المعارك قوية جدا." وقال المرصد السوري إن نحو 120 مقاتلا من جميع الأطراف قتلوا في القتال الدائر عند رتيان. وقالت قناة المنار التابعة لحزب الله والتلفزيون السوري في وقت لاحق يوم إن القوات سيطرت على بلدة ماير القريبة. ويوم الأربعاء الماضي فك الجيش السوري وحلفاؤه حصار المعارضة الذي استمر لثلاث سنوات لبلدتين شيعيتين في محافظة حلب وقطعوا خط إمداد رئيسيا من تركيا إلى حلب. وعلى مدار السنوات الماضية قسمت حلب التي كانت العاصمة التجارية لسوريا إلى قسم تسيطر عليه القوات الحكومية ومناطق في قبضة المعارضة. ودمرت أجزاء كبيرة من حلب بما في ذلك المدينة القديمة المدرجة على قائمة التراث العالمي لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو). وقال الحاج علي إن غالبية المقاتلين في جانب القوات الحكومية "إيرانيون ومن حزب الله وأفغان." وقال مصدر أمني بارز غير سوري مقرب من دمشق متحدثا لرويترز الخميس إن قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني وهو المسؤول عن العمليات بالخارج موجود في منطقة حلب. وذكرت وكالة تسنيم الإيرانية شبه الرسمية للأنباء أن البريجادير جنرال محسن غجريان القائد بالحرس الثوري الإيراني قتل في محافظة حلب ومعه ستة مقاتلين إيرانيين متطوعين. ومنذ 2014 أعلن تنظيم داعش قيام دولة خلافة من جانب واحد في شرق سورياوالعراق ويتعرض الآن لغارات جوية من التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة. وبدأت روسيا حملة جوية منفصلة قبل أربعة أشهر دعما للأسد لتقلب موازين القوى لصالحه. لكن مساحات كبيرة من أراضي البلاد لا تزال في قبضة المعارضة المسلحة وداعش في الشرق ووحدات كردية في الشمال ومجموعة متنوعة من الفصائل في الغرب يستهدفها الكثير من الغارات الجوية الروسية. وقال الكولونيل باتريك رايدر المتحدث باسم القيادة المركزية للجيش الأمريكي حين سئل إن كانت هناك أي خطط لمساعدة المعارضة المدعومة أمريكيا في حلب أو إسقاط مساعدات إنسانية عن طريق الجو "معركتنا الآن ضد داعش في العراقوسوريا. سنواصل التركيز على هذه العملية." حققت قوات النظام السورية وحلفاؤها المزيد من المكاسب في محافظة درعا بالجنوب لتستعيد السيطرة على بلدة خارج مدينة درعا مباشرة. وقال متحدث باسم المعارضة في المنطقة إن الجيش السوري مدعوم ببعض من أكثر الضربات الجوية الروسية كثافة حتى الآن منذ بدأ القصف في سبتمبر أيلول الماضي. وكانت محادثات السلام التي عقدت في جنيف هذا الأسبوع أول محاولة دبلوماسية منذ عامين لإنهاء الحرب لكنها انهارت بعد رفض المعارضة التفاوض مع استمرار القصف الروسي وتقدم القوات الحكومية. وقال حلف شمال الأطلسي إن القصف الروسي المكثف يقوض مساعي السلام وحذر روسيا من إثارة توتر بانتهاك المجال الجوي لتركيا العضو في الحلف والتي أسقطت طائرة حربية روسية في نوفمبر تشرين الثاني الماضي. واتهمت روسياتركيا بالتحضير لتوغل عسكري في شمال سوريا. ورفضت أنقرة هذا الاتهام وقالت إنه ليس سوى دعاية تريد بها موسكو التستر على "جرائمها." وتقول موسكو إن أهدافها في سوريا مقصورة على الدولة الإسلامية وذراع تنظيم القاعدة في سوريا وهو جبهة النصرة وهما فصيلان استبعدا من محادثات السلام ويقابلان بالرفض من قبل دول تدعم المعارضة. وقال السفير أليكسي بورودافكين مندوب روسيابالأممالمتحدة في جنيف "لماذا اشتكت المعارضة التي رحلت عن جنيف من الهجوم على حلب الذي استهدف في حقيقة الأمر جبهة النصرة وغيرها من الجماعات المتطرفة؟" وأضاف "ينبغي أن تسعد المعارضة بأن الإرهابيين يهزمون لكنهم على النقيض شعروا بخيبة أمل وتركوا المفاوضات." وترفض دول غربية وعربية هذا الموقف وتقول إن غالبية الغارات الروسية استهدفت معارضين آخرين للأسد وليس هذين الفصيلين. وقالت جبهة النصرة في بيان يوم الجمعة إنها قتلت 25 إيرانيا ومقاتلا شيعيا خلال القتال الدائر في حلب. وقال ينس ستولتنبرج الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "الغارات الروسية المكثفة خاصة التي تستهدف فصائل المعارضة في سوريا تقوض الجهود للتوصل لحل سياسي للصراع." وأضاف "تنامي الوجود الروسي والنشاط الجوي في سوريا يسبب أيضا زيادة التوترات وانتهاكات للمجال الجوي التركي… انتهاكات لأجواء الحلف… هذا يثير مخاطر." في الوقت نفسه قالت السعودية إنها مستعدة للمشاركة في عمليات برية منفصلة بقيادة الولاياتالمتحدة ضد داعش. ورحبت واشنطن بالعرض السعودي وإن كانت حتى الآن ملتزمة بعمليات على نطاق محدود تنفذها وحدات من قواتها الخاصة على الأرض في سوريا.