عندما خلق الله هذه البسيطة، وأنزل فيها آدم وحواء وتناسلوا، أصبح هناك عمل وتنافس وصراع بين بني البشر على صنوف الحياة، والملاحظ أن التنافس بين أصحاب المهن المتشابهة يتحول إلى صراع عندما يشتد التنافس وتضعف الاعتبارات الأخلاقية، والمهن المتشابهة مثل الأطباء والمحامين والمهندسين وأصحاب الوظائف المتشابهة والباعة والتجار، وإن أشد الصراع يكون كلما علت المهنة مثل كبار التجار، حيث يؤدي الصراع إلى خسائر كبيرة، وإفلاس التاجر المصروع وخروجه من السوق، وكذلك التنافس بين الناس قائم في مجالات عدة في مجال العلوم، الفنون، الرياضة، المحاماة، الصحافة، والإعلام، وهلم جراً. للأسف، اليوم نجد في المجتمع المسلم من انطبق عليهم المثل: (شريكك في الصنعة عدوك)، هناك تحاسد بين الأقران خاصة أصحاب المهنة الواحدة، حيث انعدمت بينهم روح التنافس الشريف، والتعاون المثمر، ونسي البعض نهي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن الحسد، وتحذيره منه في مواضع عديدة منها:- قول الرسول -صلى الله عليه وسلم- : "إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ وَلَا تَحَسَّسُوا وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا". وعن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لا تَبَاغَضُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ". قال ابن سيرين: ما حسدت أحداً على شيء من أمر الدنيا، لأنه إن كان من أهل الجنة، فكيف أحسده على شيء من أمر الدنيا، وهو يصير إلى الجنة، وإن كان من أهل النار، فكيف أحسده على شيء من أمر الدنيا، وهو يصير إلى النار. ومع تحريم الحسد وذمه، أذن النبي صلى الله عليه وسلم في لون آخر منه، وهو التنافس الطيب، والغبطة بالخير. فعن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : (لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسُلِّطَ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا). أقول يجب أن يكون هناك حرص على أن يطور الفرد من نفسه وللمؤسسة التي يعمل بها، ويعالج هذا الصراع بتحويله إلى صراع إيجابي بالابتعاد عن السلبي الذي يضر به وبمن يتعامل معهم، بحيث يكون التنافس شريفاً وإعطاء كل مجتهد حقه والابتعاد عن العداء. رابط الخبر بصحيفة الوئام: شريكك في الصنعة عدوك