تتجلى وتتضح سمات القيادة وصفاتها في شخصية الملك عبد العزيز المؤسس، رحمه الله، وأسكنه فسيح جناته، فلو تأملنا سيرته العطرة وإنجازاته الممتدة لوجدنا أنها مليئة بالأحداث والمواقف والشواهد التي تدل على القائد والشخصية القيادية الحكيمة والرشيدة، والتي بدأت منذ طفولته ونشأته وتجلت وظهرت عندما استعاد ملك الآباء والأجداد وفتح الرياض والحجاز ووحد المملكة العربية السعودية، فامتازت شخصيته بالإقدام والحزم والصبر والحماس وقوة الإرادة، ولم يقف الأمر عند القيادة العسكرية، بل ظهرت سماته القيادية الأخرى عندما انتقل من التوحيد إلى إنشاء وتأسيس الدولة المدنية، حيث أقام المشاريع التنموية في مختلف المجالات الصحية والتعليمية والزراعية والصناعية والاقتصادية، فمن سماته القيادية الشمول والتكامل وبُعد النظر والرؤية المستقبلية وغيرها من السمات والصفات التي كانت تفتخر بشخصية كشخصية المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، ماذا أكتب وماذا أترك عن قياديّ سطر له التاريخ وعلماؤه أحرفا وإنجازات من الماس وخير شاهد على ذلك المؤتمر العالمي الثاني عن تاريخ الملك عبد العزيز الذي تشرفت وافتخرت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بتنظيمه وزاد فخرها وسعادتها عندما أكرمها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود بافتتاح المؤتمر في يوم الأربعاء الموافق 20 جمادى الأولى 1436ه وحضره عدد من أصحاب السمو الأمراء والمعالي والسعادة، حيث شارك به 92 باحثاً وباحثة من أكثر من 17 دولة بأبحاث وأوراق علمية تركزت وتحدثت عن القائد الفذ الملك عبد العزيز، رحمه الله. وقد سار من بعده وعلى نهجه أبنائه حيث اكتسبوا من شخصية الوالد المؤسس السمات والصفات القيادية التي انتجت وسطرت نهضة تنموية شاملة ولله الحمد يشهدها هذا الكيان الشامخ في كل ركن من أركانه وفي كل شبر من أرضه، فما تعيشه المملكة الغالية من تطور وتقدم علمي واقتصادي واجتماعي وصناعي فهو فضل من الله ثم من قيادات خططت وقدمت وعملت وبادرت وانجزت وأبدعت، فبارك الله الجهود ونفع الله الوطن، وحققت التقدم والازدهار. قد يتساءل القارئ الكريم في أن مقدمة الحديث كانت عن الأب القائد ولم تكن عن الابن القائد، وأقول "هذا الشبل من ذلك الأسد"، حديثي عن شخصية إدارية قيادية شبيهة بوالدها المؤسس من حيث السمات والصفات الأخلاقية والقيادية، لن أتحدث عن سلمان وإبداعاته في الإدارة المحلية حينما كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسين عاماً، فقد أُلفت الكتب والمخطوطات وقُدمت المحاضرات والندوات عن نظرياته وأساليبه وطرقه في الإدارة المحلية، فقد أثبت أنه نموذج للإدارة المحلية. لن يكون حديثي عن سلمان ذي الفراسة والحنكة والخبرة التاريخية العريقة، فقد عُرِف عنه إلمامه بأنساب الجزيرة العربية وتاريخها، فهو مؤرخ يهتم بالتاريخ وكتبه؛ مما يعني أننا أمام شخصية قيادية تتميز بذاكرتها القوية في الربط والتحليل والاكتشاف. ولو تأملنا سمات الملك سلمان القيادية العسكرية عندما تولى وزارة الدفاع عام 2011م بعد وفاة أخيه القائد الشهم الوفي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز رحمه الله، لوجدناه امتداداً لسمات والده المؤسس في الحزم والشجاعة والإقدام والمشاركة والبذل والعطاء. ولو ركزنا في سماته القيادية عندما بُويع ولياً للعهد عام 2012م بعد وفاة أخيه القائد الفذ صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز رحمه الله لوجدنا أنه في تلك المرحلة امتاز بسمات وصفات قيادية تميزت بالتكاتف والتعاضد والتعاون والبذل والتضحية مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز رحمه الله. سيكون حديثي عن الملك سلمان القائد الإنسان مُنذُ أن بُويع ملكاً للمملكة العربية السعودية في يوم الجمعة 3 ربيع الثاني 1436ه الموافق 23 يناير 2015م، في هذه الفترة القصيرة جداً (100 يوم) والتي تجلت بها سماته وصفاته القيادية الإنسانية وعن قرب وعمق واضحين للعيان. الحزم والعزم: إن أهم سمة وصفة ينبغي أن يتحلى بها القائد هي سمة الحزم والعزم، وهي من السمات التي تُمايز بين القادة، ولا يمتلكها إلا القليل منهم، وقد تجلت تلك السمة في قرارات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان ومواقفه المشرفة، حيث رأينا قرارات تخص هيئة البيعة من الأسرة الحاكمة، وتعيينه لقيادات شابة من أحفاد الملك عبد العزيز، ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية، وولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز وزير الدفاع، وقرارات بتعين حكومة جديدة تدير حقائب وزارية ممزوجة بالشباب وأهل الخبرة والاختصاص، حيث نالت هذه القرارات تغييرات كبيرة على مجلس الوزراء السابق ولكنها برؤية مختلفة تحمل في نورها المستقبل، والحزم كان واضح في محاسبة وإقصاء كل مقصر أو متهاون أو متخاذل من المسؤولين ممن يقصر في خدمة المواطن والمقيم على أرض الوطن الغالي. ولم يكن الحزم والحسم في الشأن المحلي، بل تجلى على الصعيد الإقليمي والخليجي والعربي، فقد اتخذ الملك سلمان قراراً استراتيجياً وحازماً وحاسماً، عندما أعلن انطلاق وبداية عاصفة الحزم بعد أن تمادى الحوثيون في غطرستهم وتكبرهم وخروجهم على الشرعية في اليمن الشقيق، وبدأت عاصفة الحزم تلبية لطلب الرئيس اليميني وشعبه الحكيم والمؤمن، وبتكاتف وتعاون واتحاد من الأشقاء الخليجيين والإخوة العرب والذين أثبتوا للعالم كله أن خليجنا واحد وأمتنا العربية والإسلامية أمة واحدة، وأنهم قادرون على العودة والسؤدد وإثبات وجودها وقوتها وتعاونها في وجود شخصية قيادية حازمة كالملك سلمان حفظه الله. الكرم والشهامة: فالقائد الذي لا يكون كريماً ليس قائداً، والملك سلمان تمثل الكرم في بذله وسخائه وعطائه، فقد أصدر عدداً من القرارات المحلية الوطنية والتي تحمل في طياتها الحب والبذل والكرم فأمر بصرف راتبين لموظفي الدولة من المدنيين والعسكريين والمتقاعدين، بل شمل أيضاً فئات المجتمع المختلفة من الطلاب والمبتعثين والمسجلين في وزارة الشؤون الاجتماعية وبقية الوزارات، بل عدل نظام الضمان الاجتماعي ورفع سقفه لإحساسه بأهمية أولئك الفئة من المجتمع ومدى حاجاتهم للدعم والسخاء من الملك الإنسان، وكذلك أصدر أمره بالعفو عن سجناء الحق العام وهذا من شيم الكرام العفو عند المقدرة، وعلى الجانب العربي تقديم القائد سلمان أنواع الدعم للدول العربية والإسلامية من أجل نموها وتطورها واستقرارها، وقد خصص الملك سلمان حفظه الله مبلغ 247 مليون دولار لأعمال الإغاثة الإنسانية في اليمن من خلال الأممالمتحدة، وإعلان الملك تأسيس مركز لإغاثة الشعب اليمني ويكون مركزه الرياض. الحرية والاستقلالية: من السمات القيادية التي تنفرد بها شخصية القائد هي الحرية والاستقلالية عن الآخرين، وهذا ما رأيناه في شخصية الملك سلمان عندما رفض التدخل في الشأن السعودي تحت أي مظلة أو أي شعار، فللمملكة العربية السعودية كيانها القوي والسيادي الخاص في العالم العربي والإسلامي والعالم كله، فبعد تصريحات وزيرة الخارجية السويدية التي انتقدت فيها حقوق الإنسان والمرأة في السعودية، جاء الرد حاسماً بسحب السعودية لسفيرها في السويد، ورفض إصدار تأشيرات تجارية للمواطنين السويديين، وانتهت باعتذار السويد للسعودية رسمياً عبر وزارتها الخارجية، وكذلك القرارات والمواقف السياسية والاقتصادية التي اتخذها الملك أعادت للمملكة هيبتها واعتبارها وقوتها التي تملكها بفضل الله، وتلك القوة هي قوة ناعمة جذبت العالم للوقوف مع قرارات المملكة الإقليمية والعربية، وما قرار مجلس الأمن الخاص باليمن رقم 2216 تحت الفصل السابع لخير دليل على ذلك. التوجه الإيجابي للقائد: تمثل هذه الصفة والخاصية نقطة مهمة ومهمة للغاية في شخصية القائد وهي امتلاكه لتوجه إيجابي يتضح من خلال قراراته ومواقفه والتي تنعكس بشكل إيجابي على المؤسسات والأفراد، وتسهم في التنمية الشاملة لجميع المجالات والقطاعات، والأمثلة والشواهد على التوجه الإيجابي للملك سلمان ما اتخذه من قرارات ومواقف محلية وعربية وعالمية، فتخصيص 110 مليار سعودي لتطوير ودعم المرافق والخدمات والأنشطة المختلفة ليؤكد ذلك التوجه، وكذلك اعتماد مبلغ 20 مليارا سعوديا لتنفيذ خدمات الكهرباء والمياه، وإنشاء مجلسين، يرتبطان تنظيمياً بمجلس الوزراء، الأول هو مجلس الشؤون السياسية والأمنية برئاسة ولي العهد وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، والثاني مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسة ولي ولي العهد وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، ونقل اختصاص خمسة أجهزة حكومية من وزارة المالية إلى الوزارات المعنية. ويتضح التوجه الإيجابي للقائد على الشأن العربي والإقليمي، فقد أصدر الملك أمراً باتخاذ الإجراءات اللازمة لتصحيح أوضاع الإخوة اليمنيين المقيمين في المملكة بطريقة غير نظامية، وكذلك الوقوف مع جمهورية مصر العربية حكومة وشعباً من أجل بنائها اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، وتقوية العلاقات مع الدول الصديقة بما يحقق المصلحة للمملكة العربية السعودية وشعبها. الشفافية والوضوح: ترتبط الشفافية والوضوح بصفات قيادية أخرى تكون لازمة لظهورها كالشجاعة في اتخاذ القرار، والقوة في التغيير، والملك سلمان حفظه الله يمتلك تلك الصفات مما جعله شفافاً مع الكل، فمن الشفافية والوضوح ما يتخذه من قرارات مستمرة ومهمة محلياً وعالمياً، يتضح للعالم بشفافية لماذا اتخذ تلك القرارات، فقد أجرى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان تعديلات كبيرة في الجسم الإداري للدولة، لتخليصه من البيروقراطية، ومنحه مرونة أكبر من أجل تلبية احتياجات المواطنين، وتم إلغاء الكثير من اللجان والمجالس الفرعية التي كانت تعيق عمل الوزارات، وقد أُلغي وفقاً لهذا الأمر الملكي 12 لجنة ومجلساً، وعلى المستوى الوطني تفاعل القائد سلمان بن عبد العزيز مع مطالب الوطن والمواطنين، وأصدر أوامر ملكية بناء على هذه المطالبات، وأوصل رسالة للمسؤولين مضمونها أن القائد يتابعكم، ويتابع مستوى إنجازاتكم، فإما الإنجاز أو الإعفاء. إن "سلمان… القائد الإنسان" ليس عنوانا لمقال، بل هو عنوان لكتب، فالحديث عن السمات الإدارية والقيادية للقائد سلمان بن عبد العزيز من خلال سيرته العطرة، يتطلب التفصيل والبيان والتوضيح ومزيدا من الكلمات والجمل والوصف، لكن يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق، ومن الأسورة ما أحاط بالمعصم. وقد يكفي من الصفات القيادية ما يدل على الشخصية القيادية للملك سلمان بن عبد العزيز ما غرد به "لن أقبل التقصير في خدمة الشعب". دعواتي بالتوفيق للقائد الإنسان الملك سلمان ولسمو ولي العهد، وسمو ولي ولي العهد، وللوزراء الجدد، وأن يؤدي المسؤولون كافة مهامهم خدمة للوطن والمواطن، الذي لن يقبل القائد سلمان التقصير في خدمة الشعب. رابط الخبر بصحيفة الوئام: سلمان… القائد الإنسان