لم تمض أيام قليلة، حتى كشف مبكراً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيزعن فلسفة حكمه، وخطواته القادمة. فبعد أن أرسى دعائم الحكم والانتقال الرسمي (السلس) للسلطة عقب رحيل الملك عبد الله بن عبد العزيز يرحمه الله باختيار ولي العهد وولي ولي العهد، فاجأ سلمان شعبه، ب34 أمراً ملكيا دفعة واحدة، تعبرعما يدور في عقله من إرادة قوية للتغييروالانطلاق، وفي قلبه من إحساس بهموم واحتياجات المواطن البسيط وكافة فئات المجتمع السعودي. ونظرة شاملة على الأوامر الملكية، يتبين أنها تحمل العديد من الأبعاد السياسية والإدارية والاقتصادية والاجتماعية، وتعكس طريقة تفكير سلمان بن عبد العزيز، ورؤيته الثاقبة كرجل دولة محنك، يؤمن بنظرية القرار السريع المدروس، ويضع الرجل المناسب في المكان المناسب، ويشعر بنبض الشعب واحتياجاته. وعندما تحمل الأوامر نحو 110 مليارات ريال، تذهب للمواطن في شكل إعانات ومكافآت عاجلة تخفف من ضغوط حياته المعيشية، فإنها تكشف عن توجه اجتماعي واقتصادي قوي للملك سلمان خلال الفترة المقبلة. وإذا كانت هناك أهداف سياسية وإدارية، تعيد هيكلة الحكومة، وبعض الأجهزة السيادية والأمنية والمؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية، بما يخدم التوجهات، ويواكب التحديات، فإن الهدف الأسمى والأكبر، يكمن في تلك الرسالة القوية التي أراد أن ينقلها سلمان لشعبه في الداخل، وللذين يتابعون حركة تقدم المملكة عبر العالم، وهي أن المملكة العربية السعودية بيد أمينة، وإنها قيادة وشعبا ستواصل المسيرة، بالقرارات الجريئة والرغبة الصادقة، في حماية المكتسبات وتحقيق المزيد من الإنجازات والطموحات، ومواجهة التحديات، داخليا وخارجيا. فرغم كل الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة التي تمر بها دول العالم، وانهيار الأنظمة السياسية وتفككها في بعض دول المنطقة، يبدو نظام الحكم السعودي متينا راسخا ومستقرا، يتمتع باقتصاد قوي رغم الانخفاض الشديد في أسعار النفط عالميا، والدليل كل هذه المليارات الإضافية التي تتحملها خزانة الدولة، في سبيل تحسين معيشة المواطن، ومساعدته على تحقيق آماله وتطلعاته. وعندما يغرد خادم الحرمين، ويقول للسعوديين "تستحقون أكثر" تفاعلا مع الفرحة العارمة التي استقبل بها الشعب القرارات الملكية، التي لامست احتياجاتهم، فإنه يؤكد للعالم، مدى تواضع الحاكم السعودى، ومدى قربه من مختلف فئات شعبه، وتقديره لتحملهم فاتورة تقدمهم ونهضتهم، ومشاركتهم فيما وصلت إليه المملكة من نهضة شاملة، أرسى دعائمها عبر العصور أبناء الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود – طيب الله ثراه. وبينما أعرب المواطنون عن رضاهم التام عن التغييرات في بعض الحقائب الوزارية، وإعادة تشكيل مجلس الوزراء، وصف آخرون الإعانات والرواتب العاجلة، بأنها جبرت كسر قلوبهم بفقد الملك عبد الله رحمه الله، وجاءت لتداوي بعض جروحهم وأحزانهم على رحيل أبي متعب. ونالت الأوامرالملكية، الخاصة بالموظفين والطلاب والبسطاء من المعاقين، والمستفيدين من الضمان، مساحة كبيرة من الرضا التي سكنت قلوب السعوديين، حيث تقررصرف راتب شهرين لجميع موظفي الدولة ومكافأة شهرين لجميع طلاب وطالبات التعليم الحكومي داخل وخارج المملكة، ومعاش شهرين للمتقاعدين، وتعديل سلم معاش الضمان الشهري، بالاضافة إلى صرف مكافأة شهرين لمستفيدي الضمان الاجتماعي وإعانة شهرين للمعاقين. وترسم الأوامر شكلا جديدا لخارطة الاقتصاد السعودي، الذي حقق نموا قويا خاصةً في القطاع غير النفطي، ومن المنتظرأن تعزز هذه التغييرات مسيرة الإصلاح الاقتصادي الداعمة للنمو والاستقرار المالى، القائم على اقتصاد متنوع وبيئة استثمارية جاذبة، وإدارة قادرة على التكيف مع المتغيرات العالمية، وهو ما يثمر في النهاية عن المزيد من فرص العمل ويتيح آلافا من الوظائف أمام الشباب السعودي، الذي يوليه خادم الحرمين اهتماما كبيرا. وجاءت الأوامر الملكية مجسدة رغبة الملك سلمان في اختصارأدوات الإنتاج وآليات الإنجازوالتطوير، والقضاء على الروتين والبيروقراطية، للوصول إلى الهدف وتحقيق التنمية المستدامة من أقصر طريق، ولذا كان القرار إعادة تشكيل مجلس الوزراء، وتجديد الدماء، بضخ خبرات جديدة في شرايين الحكومة، والأجهزة الرسمية والتنفيذية، ودمج بعض الوزارات وإلغاء بعض الهيئات، والمجالس العليا، وإعفاء وتعيين بعض أمراء المناطق، بالإضافة إلى تعيين عدد من المستشارين، الذين لا غنى عن خبراتهم ورؤيتهم فى مواجهة التحديات. ولضمان إيقاع أسرع لخدمة الطلاب والطالبات، تم دمج وزارتي التعليم العالي والتربية والتعليم في وزارة واحدة تسمى "التعليم"، وعين لها عزام الدخيل، ولمواجهة الغزو الإعلامي، والحفاظ على الموروث الثقافى، دون إفراط أو تفريط فى مباديء ديننا وقيم المجتمع، وإعادة تشكيل التوجهات الإعلامية والذائقة الثقافية بما يتواكب، مع خطورة الإرهاب الفكرى جاء عادل الطريفي وزيراً للثقافة والإعلام، ولتحقيق التنمية الاقتصادية المتوازنة، وتعزيز الإنتاج غير النفطي، والمواءمة بين ما هو متاح من موارد وإمكانيات وبين احتياجات المجتمع اقتصاديا وصحيا واجتماعيا، جاء عبدالرحمن الفضلي وزيراً للزراعة، وخالد العرج للخدمة المدنية، وأحمد الخطيب للصحة، وماجد القصبي للشؤون الاجتماعية، وصالح آل الشيخ للشؤون الإسلامية، ووليد الصمعاني للعدل، وجميعهم خبرات فى مجال تخصصهم، ويشهد لهم بسرعة في الإنجاز والنزاهة والشفافية والصراحة في الأداء، وهو ما يريده الملك سلمان من فريق حكومته خلال الفترة المقبلة. ولم تغفل الأوامر الملكية، الوجه الإنساني النبيل للملك سلمان، فبعد أن شمل الموظفين مدنيين وعسكريين برعايته، وخفف معاناة الطلاب والطالبات، توقف عند أسر المتقاعدين وأصحاب المعاشات، ولم ينس أسر الضمان الاجتماعي والمعاقين وغيرها من الفئات التي في أمس الحاجة للدعم والمساندة، وهذا جانب آخر يعكس متابعة خادم الحرمين الشريفين وتلاحمه مع شعبه، الملتف دائما حول القيادة في السراء والضراء. وكما استهدفت الأوامر الملكية دعم الفئات الأكثر احتياجا، شملت أيضا العفو عن سجناء الحق العام وفق القواعد الواردة من وزارة الداخلية؛ يشمل العفو من الغرامات المالية بما لا يتجاوز 500 ألف ريال، وإبعاد السجناء المقيمين بعد الإفراج عنهم، والتسديد عن المطالبين بحقوق مالية. ولم تهمل الأوامر قطاع الخدمات، الذي خصص له 20 مليار ريال لتأمين خدمات الكهرباء والمياه للمخططات. واتجهت الأوامر أيضا للشباب، الذي كثيرا ما وجه الملك سلمان، بالعمل على تحقيق طموحاته وتطلعاته، وتأهيل الأندية الرياضية والثقافية، ودعمها بما يمكنها من القيام بدورها المنشود في تشكيل عقول الناشئة، وهو ما بدأه سلمان بصرف 10 ملايين ريال لكل ناد أدبي، و10 ملايين ريال لكل ناد من أندية الممتاز و5 ملايين لأندية الدرجة الأولى ومليوني ريال لبقية الأندية المسجلة. ورغم ما حظيت به هذه الأوامرالملكية من ارتياح شديد بين كل فئات الشعب السعودى، يرى المراقبون والمتابعون لأداء الملك سلمان كرجل دولة من الطراز الاول، أن بجعبته الكثير من الأوامر الأخرى، التى تصب في مصلحة الدين والوطن والمواطن، قبل أن يتجه لتعزيز مكانة المملكة عالميا، والحفاظ على ما حققته من إنجازات واتخذته من مواقف شجاعة وثابتة إقليميا ودوليا. رابط الخبر بصحيفة الوئام: الإرادة الملكية عندما تنحاز للبسطاء والشباب..الملك سلمان يعيد تشكيل عقل الحكومة