أي قولٍ وأي دمعٍ وأي نعي وأي لغة تعبر عن الحزن العميق جدا في قلوب أبنائك وبناتك يا حبيب القلوب، صقر العروبة، حكيم العرب، رجل السلام، الخليفة الراشد السادس، الملك الصالح، الإنسان، خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز. كل أمر في حياتنا يمكن أن يقبل وجهات النظر وتباين الرؤى إلا حبك الذي لا يقبل إلا إجماع القلوب والأرواح، هذا الحب الكبير ما كان إلا صدىً لحبك السابغ العميم الذي أنعمته على أبناء شعبك والشعوب العربية الإسلامية، الحب الذي لا يفرق بين أمير وفقير، ولا كبير وصغير، ولا حاضر وبادٍ، ولا ذكر وأنثى، حتى شاركتنا ضحكتك العفوية، ودمعتك الكبيرة، ودفء قلبك الكبير، وحنان أبوّتك، واهتمامك الغالي أن نكون في مقدمة العالم. ابنتي أسماء ذات السبع سنوات ببراءة الطفولة كانت تنظر إلى صورتك على شاشة الإخبارية السعودية ساعة النعي الفاجع، وتبكي بكاء بريئا، تتناشج وتزيدنا في البيت ألما ودمعا، أحاول تهدئتها فتقول باكية منكسرة مفجوعة "مات ملكنا يا بابا"، وأجزم أن كل أبنائك وبناتك وأبنائهم كانوا مثل أسماء وأكثر. "إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع، وإنا لفراقك يا عبدالله لمحزونون" رحمك الله رحمة واسعة يارحيم ياحليم يا أمين ياحازم، يامن جعلت بلادنا ورشة عمل عملاقة تصب كلها في بناء الإنسان السعودي ورفاهيته وتقدمه، في عهدك الاستثنائي الزاهر الذي وجه كل طاقاته وإمكاناته إلى إنسان هذه الأرض المباركة. ولم تغفل عن عمقنا العربي والإسلامي، ولم تغض عينك عن السلام والنماء والأمن العالمي و "حوار الحضارات والأديان". حملت أمانة الملك الثقيلة باقتدار وتقوى، أوليت خلالها عنايتك بكل شيء، عناية بالحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، وقدت بلادنا في مرحلة دقيقة وحساسة وصعبة بحكمة وأمن وأمان في ظل توترات أمنية عميقة، ونوازل اقتصادية رهيبة، وفتنٍ ملتهبة تتفجر من حولنا، لا نحس بألمها إلا في إخوتنا في اللغة والدين والإنسانية، واعتبرت قضايا إخوتنا في العالمين العربي والإسلامي قضاياك التي تدافع عنها، ومن ينسَ رفضك عضوية مجلس الأمن عندما وجدته لا يحقق العدالة التي يؤمن بها عبدالله بن عبدالعزيز. دعّمت ثقافة ووعي الإنسان السعودي بنورانية العلم، والبحث عن "الحكمة" ضالة المؤمن في كل مكان، فأنرت الوطن بشموس أكثر من 30 جامعة، غير المعاهد والكليات والأكاديميات، وبنيت العديد من المدن الطبية والصناعية والرياضية والاقتصادية والأمنية، واهتمامك الكبير بالبنية التحتية، ومشاريع الطرق والسكك الحديدية، وابتعاث شبابنا وشاباتنا بمئات الألوف إلى أرقى جامعات العالم، وإسكان لأبنائك المواطنين، وإصلاحات عامة في العديد من القطاعات الحكومية، وهيئة لمكافحة الفساد تقطع أيدي المفسدين الجشعين التي تمتد إلى الاستئثار بمقدرات الوطن، حتى أعدت بعضها إلى حيث يجب أن تكون، وبحثك الدائب عن الكوادر الوطنية التي تتوسم فيها الصلاح والإصلاح، حتى حققوا بعض ما حلم به الملك العادل (رائد الإصلاح الماهر)، ثم قضى قدر الله أن تسلمها إلى أخيك البار الملك سلمان بن عبدالعزيز. عزاؤنا الكبير بعد عبدالله في سلمان، الذي أعلن في أول خطاب له أن تسير البلاد على ذات النهج القويم، وأن تستمر في سياساتها الحكيمة في بناء الإنسان السعودي، وتقديم دين الله الإسلام في صورته الصحيحة المعتدلة إلى العالم أجمع، فطمأننا حفظه الله أن عبدالله لم يمت ولم يفارقنا وأياديه البيضاء متصلة بنا وببلادنا ترعانا وترعاها. رغم الألم والحزن العميق في قلبك وقلوبنا إلا أن وجهك المضيء يا ملكنا الحكيم سلمان بن عبدالعزيز يبشرنا بعهد زاهر مشرق، فالناظر في إنجازاتكم إبان إمارتكم للرياض وولايتكم للعهد يطمئن إلى مستقبلنا المزدهر بإذن الله واستمرار عجلة تنمية للإنسان والمكان، في طموحكم الدائب إلى ترقّي بلادنا إلى مصاف العالم الأول. "رحمك الله يا عبدالله وأبقى والدنا الغالي الحكيم سلمان" رابط الخبر بصحيفة الوئام: أقسم أن عبدالله لم يمت!!