حمل العام 2014 ذكرى سيئة للشعب الفلسطيني ,ففي بداية العام فشلت المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية بعد التصريحات التي اطلقها وزير الخارجية الامريكي جون كيري وترجمها الفلسطينيين الى أحلام لما تضمنته خطة اتفاق "الإطار" من مشاريع اقتصادية ,وبنفس العام فشل اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس بعدما علق الفلسطينيين آمالا كبيرة على الاتفاق الذي وقع في الشاطئ بين وفد منظمة التحرير الفلسطينية وحركة حماس . وبمجرد حلول منتصف العام اقتحم الاحتلال الاسرائيلي الضفة الغربية بحجة البحث عن ثلاث مستوطنين وتلتها أعمال مبرمجة واقتحامات للأقصى ,وبعد شهر من منتصف العام شن الاحتلال الاسرائيلي عدوانا كبيرا على قطاع غزة لمدة 51 يوم على التوالي انتهى بكارثة انسانية وصحية وبيئية واقتصادية وسياسية على القطاع ,واعاد مشهد الهجرة عامي 48 و 67 الى أذهان الفلسطينيين الذين شردوا من مساكنهم من المناطق الحدودية الى وسط المدن. سنستعرض اهم الاحداث المفصلية خلال العام 2014 التي كان لها الأثر السلبي على القضية الفلسطينية. فشل المفاوضات شهد نهاية العام الماضي اطلاق المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية برعاية امريكية ,وقد حددها الرئيس الفلسطيني محمود عباس ابو مازن لمدة تسعة أشهر على أن يتم فيها انجازات ملموسة على الأرض ,وتمت المفاوضات وفق ما تم الترتيب لها ,وبعد مرور عدة أشهر فرض الجانب الاسرائيلي مزيدا من المعيقات والعقبات في طريق عملية السلام ,وبمجرد انتهاء المهلة الزمنية أعلنت القيادة الفلسطينية فشل المفاوضات وبدأت تعد العدة للتوجه الى مجلس الأمن. الحقيقة المرة التي علق عليها الفلسطينيين آمالهم هي الوعود الاقتصادية التي أطلقها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري من ضمن والتي بموجبها وعد كيري بخطة انعاش اقتصادي للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة ,بل أضاف بأن تطبيق الخطة سيعمل على نقلة نوعية للمجتمع الفلسطيني, فماتت الخطة مع فشل المفاوضات وتحول حلم الفلسطينيين الى "خيبة" كبيرة ,وذهبوا ادراج الريح ليعلقوا آمالهم من جديد على نتائج المصالحة الفلسطينية وخصوصا في غزة. حصار اليرموك ومرورا بالشعب الفلسطيني بالخارج والداخل والشتات فقد دفع الشعب الفلسطيني ثمن الأزمة العربية التي عصفت بالدول العربية غاليا ,وتأثر بكل الأحداث التي عصفت بمصر وليبيا ولبنان وسوريا واليمن والعراق وغيرها . وتمثلت الأزمة الأكبر في حصار اللاجئين الفلسطينيين في مخيم اليرموك حين اشتد القتال بين الجيش السوري والمعارضة ووصل الى المخيم التي بحسب ادعاءات النظام السوري تحصن في المخيم عدد كبير من المسلحين ,وبعد تدخلات كبيرة من القيادة الفلسطينية والنظام السوري تم الاتفاق على تحييد المخيم واخلائه من المسلحين ,ولازال الفلسطينيين يعيشون أسوأ أوضاع في المخيم وتحولوا من بشر منتجين الى "متسولين" يعيشون على الكبونة". تجميد المصالحة شهد بداية العام 2014 جولات ماراثونية ومكوكية بين حركتي فتح وحماس ,وتخلل هذه الجولات مبادرات للوساطة كان أبرزها التي تقدمت بها الجبهة الديمقراطية لرأب الصدع بين حركتي فتح وحماس ,ولم تفلح ,وتبع ذلك لقاءات بين الأحمد وابو مرزوق في القاهرة ,ومن ثم شكل الرئيس الفلسطيني محمود عباس وفدا مشكل من قيادات منظمة التحرير الفلسطينية ,للقاء حركة فتح . ودرس الوفد مطالب الطرفين وخاض مفاوضات لساعات طويلة ومتواصلة في غزة أثمرت عن توقيع اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس وعرف باسم "اتفاق الشاطئ". وعلى أساس الاتفاق احتفل الشعب الفلسطيني بالمصالحة مع تحفظ على آلية تطبيقها ,وما أن لبث الطرفين ببدء تطبيق الاتفاق وعمل الاجراءات اللازمة على أرض الواقع حتى ,عاد الطرفين الى المناكفات من جديد ولم يتم تطبيق بند الا بند "الحكومة" من بنود اتفاق المصالحة ولكن بتقييد وبدون أدنى صلاحيات ,وشهد نهاية العام عودة مرة أخرى للمناكفات بين الحركتين وانتهى العام والعلاقات مجمدة بين الحركتين برغم المبادرة التي قادها الجهاد الاسلامي مع مجموعة اليسار من أجل رأب الصدع بين الحركتين ولكن لم تفلح بالتقدم في أي اتجاه. انتفاضة الضفة وبحلول منتصف العام 2014 شهدت الضفة الغربية عدوان اسرائيلي كبير قطع أوصالها على أثر ادعاء الجيش الاسرائيلي بأن مجموعة من الخليل قامت باختطاف 3 جنود اسرائيليين ,وأدى العدوان الى اقتحام كل مدن الضفة الغربية مع التركيز اكثر على مدينة الخليل. وشهدت حينها الضفة الغربية أحداث كبيرة ,وتوقع المراقبون حينها بأن تقود تلك الأحداث الى انتفاضة ثالثة ,كما حذروا من اعتداءات المستوطنين ,وهو الأمر الذي حث فعلا فيما بعد حينما قام عدد من الفلسطينيين بتنفيذ عمليات فردية سواءا بالطعن أو الدعس ردا على الممارسات الاسرائيلية التعسفية . حكومة الوفاق من الأحداث المهمة والمفصلية التي عاصرها الشعب الفلسطيني في العام 2014 هو تشكيل حكومة وفاق وطني تم التوافق عليها بين حركتي فتح وحماس والفصائل الفلسطينية بعد التوقيع على اتفاق المصالحة في الشاطئ ,وما أن حاولت أن تثبت نفسها وتبدأ بتطبيق اجراءاتها وتقديم خدماتها على أرض الواقع حتى اصطدمت بالعديد من العقبات ,أبرزها قضية رواتب موظفي حكومة غزة السابقة ,وتأجج الوضع الى أن جاء العدوان الاسرائيلي على القطاع وانتقلت الحكومة لتقديم خدمات الانقاذ والايواء والخدمات الاخرى لمواجهة الكارثة التي تعرض لها قطاع غزة خلال العدوان الاسرائيلي الذي استمر لمدة 51 يوم على التوالي. وما أن خرج الشعب الفلسطيني من الحرب حتى عادت الحكومة مرة أخرى تواجه المناكفات والاتهامات التي وصفتها بالتقصير في شتى مناحي الحياة ,وعزت الحكومة بعض القصور لعدم التواصل بين كوادر الحكومة والوزارات بين الضفة الغربيةوغزة وعدم تقبل احداهم للآخر ,اضافة الى العقبات التي وضعت في طريق الحكومة بغزة ,حتى تم تحويل عدة آليات من اعادة الاعمار الى المؤسسات الدولية الأونروا و UNDP . عدوان على غزة وفي بداية الشهر السابع من العام 2014 ومع حلول شهر رمضان ومع تصاعد وتيرة الأزمة والاجتياحات في الضفة الغربية وخصوصا في مدينة الخليل ,صعدت المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وقامت بإطلاق الصواريخ للتخفيف عن الضفة الغربية ,مما قاد قطاع غزة الى مواجهة مفتوحة مع جيش الاحتلال الاسرائيلي وتطور الامر الى عدوان مبرمج وممنهج تخطى عدة مراحل أدت الى وصف المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة بالكارثة الانسانية نتيجة حجم الدمار الذي شهده على مدار أيام التصعيد ال51 يوم. المشهد في حرب هذا العام أعاد للأذهان ذاكرة ما قبل 66 عام حيث أمر جيش الاحتلال الاسرائيلي المواطنين الفلسطينيين القاطنين في المناطق الحدودية بإخلاء منازلهم الى وسط البلد ,مما شكلت الحرب ضغطا شديدا على الحاضنة الشعبية للمقاومة الفلسطينية بعد تهجيرهم من منازلهم وهدمها وتدميرها وخروجهم تحت أزيز الرصاص وصواريخ الطيران وقذائف المدافع طبقا لما حدث بالشجاعية ورفح وخزاعة. وانتهت الحرب بدمار شامل قضى على كل مناحي الحياة والقطاعات الاقتصادية والصحية والاجتماعية والسياسية ,اضافة الى القضاء على البنية التحتية والأساسية للمجتمع الفلسطيني ,ووصف حينها الحرب الرئيس محمود عباس بأن ما تعرض له قطاع غزة "حرب كارثية" . ودعت القيادة الفلسطينية الى مؤتمر لإعادة الاعمار في القاهرة ,وبالفعل عقد المؤتمر واقر حجم الدعم ب 5.4 مليار دولار دعما للشعب الفلسطيني ولازال الشعب الفلسطيني ينتظر الدعم الذي أقر في مؤتمر اعادة الاعمار ,فيما يري المراقبون بأن تأخير وصول الدعم يعود لحسابات اقليمية وحزبية وعقائدية. استحقاق الدولة ويسجل استحقاق الدولة الفلسطينية هذا العام والانتصار الذي حققته الدبلوماسية الدولية باعتراف عدد كبير من البرلمانات الاوروبية والعالمية وعدد من الدول المؤثرة في صنع القرار بالاعتراف بالجولة الفلسطينية ,مما يرى النشطاء أن هذا الانجاز الوحيد الذي يكسر "نحاسة" هذا العام.
رابط الخبر بصحيفة الوئام: 2014 .. الأسوأ على القضية الفلسطينية