ثورة تطويرية جديدة تشهدها المحاكم السعودية المتعلقة بالأسرة.. فتم مؤخرا إصدار نظام توحيد الأحكام الأسرية عند قاض واحد، والبت فيها بسرعة، وتطبيق عقوبة السجن على المماطلين والمعطِّلين للأحكام. وأرجو أيضا أن تتوقف أعمال المعطِّل للأحكام، من سفر وجميع تعاملاته في البنوك والصرافات، حتى يسرع إلى المحكمة ويحل مشاكله العائلية.. ومع أن موضوع الحضانة ما زال غير واضح للمطلقات، خصوصا في موقع وزارة العدل، إلا أني قرأت في مواقع أخرى أنه ستصدر قرارات جيدة وستحصل المطلقة على بعض الصلاحيات. وموضوع حضانة الأطفال من المواضيع المزعجة لأي مطلَّقين، وخصوصا الأمهات. وغالبا، يُترَك حسب شهامة الزوج أو حكم القاضي، أما المرأة فليس لها إلا الرضا بما يُقْسَم لها، مع أنه الأَوْلَى في الحضانة دينيا وعاطفيا الأمُّ، حيث قال الرسول – عليه الصلاة والسلام – لإحدى المطلقات: «أنتِ أولى بولدك ما لم تتزوجي»، وهذا أقوى دليل لجعل الحضانة منصالح الأم. ومع أن الأم لو تزوجت، فهي لن تغير من عاطفتها نحو أبنائها.. وأيضا، يخير الأبناء عند من يعيشون، فيُحكَم لمن يختار الأبناء، أو الأصلح لهم.. ولا أعرف لماذا يتمسك الزوج بحضانة أولاده وهو مشغول عنهم، بل يأخذهم من أحضان أمهم الدافئة إلى أحضان زوجة أبيهم الباردة أو المهمِلة أحيانا.. إنه لَظلمٌ أن تُحرَم الأم من رعاية أبنائها وهي على قيد الحياة وقادرة، ولم تتنازل عنهم، ويُسَلَّمون إلى امرأة أخرى قد تكون زوجة أب أو خادمة أو غيرهم؛ لأن الأب لن يكون كل اليوم في البيت ولا يعلم ما يحدث، من إهمال أو معاملة سيئة لأبنائه.. وكل هذا نكاية بأمِّهم، والضحيةُ الأولاد.. مع أنه لا يضرُّ الرجل لو أمَّن سكنا قريبا منه، لطليقته وأبنائه حتى يسهل عليه رعايتهم وقضاء شؤونهم. وكم قرأنا وسمعنا عن مآسٍ وجرائم قتل بسبب حكم القاضي بالحضانة للأب وهو مشغول عنهم.. وكم سمعنا أن بعض الأمهات لا ترى بناتها إلا في المدارس خوفا من بطش طليقها، حتى أن المحكمة تتعاون مع المطلق حين تضع تعميما في المدرسة بمنع الأم المطلقة من تسلُّم أبنائها في نهاية الدوام.. كأنها ستسرقهم، متناسين أنها الأمُّ وهي أحق بهم من أي مخلوق.. والحضانة الشرعية للأطفال أقل من السابعة للأم، وإذا ثبت عدم صلاحيتها فلا تنتقل للزوج، بل لأم الزوجة أو أم الزوج أو الخالة، وهذا ما تجهله غالب النساء، فتضطر إلى الامتناع عن الزواج وتكوين أسرة جديدة، خوفا من أن يعلم الزوج ويأخذهم ويسلِّمهم إلى زوجة أبيهم، مع أنه من حقها الزواج، وأولادها يعيشون بمكان آمن عند أمها أو إحدى أخواتها، ويتمتعون برعايتها اليومية. ومنهن من لا تملك بطاقة العائلة، بل صورة منها، فتجد صعوبة عند إدخال أبنائها المدارس، ولا تستطيع الدخول في مشاكل مع الزوج من أجل البطاقة، خوفا من أن يسحب الحضانة منها، بل منهن من تعاني شَظَفَ العيش وتضطر إلى السكوت خوفا من طليقها لو تجرَّأت واشتكت، مع أن المحكمة تحكم بنفقة للأم الحاضنة والأطفال، لكن يجب أن يكون مجزِيا، وحسب راتب الزوج وعدد الأبناء، ومثلما كانوا يعيشون بكرامة في بيت أبيهم.. وحتى لو حصلت المرأة على الحضانة، فيجب إعطاؤها توكيلا عاما لعلاج وسفر أبنائها وتعليمهم، وتُعطَى بطاقة عائلية تستطيع من خلالها قضاء احتياجاتهم، فهي في النهاية أمهم.. يوجد من الأزواج من يستغل جهل المطلقة بحقوقها، فيطغى من دون حسيب.. ولو علمتْ كلُّ مطلقة بحقوقها لما رأينا الكثير من مآسي الطلاق والأطفال.. إن وضع مدونة شخصية لتوعية المرأة في كل شؤونها، من زواج وطلاق وحضانة ونفقة وميراث، وغيرها، واضحة وصريحة، على شكل نقاط تقرأها كل امرأة وتعليمها في المدارس عن بعض حقوقها – سيقلل من المشاكل التي تتعرض لها المرأة، وستتفادى المطلقة وغيرها الكثير من الظلم الذي يقع عليها، وقبل أن تفكر جديا في طلب الطلاق تكون على معرفة بالمصير الذي سيلحقها، بدلا من تعريض نفسها وأبنائها للمآسي، من أجل مشاكل ممكنٌ حلها بالحكمة، وبدلا من تعرضها للظلم والأحكام التعسفية من القاضي أو الولي.. وأيضا، تكثيف النشرات التوعوية عن مصائب وآثار الطلاق للمرأة والرجل وتشتيت أبنائهم، وعدم التعجل، وأن يكّبروا عقولهم، ويتنازل كل واحد فيهم، وليس طرف واحد، حتى يصبروا إلى آخر قطرة ويستمر عش الزوجية، ويتشاركوا بعضهم مع بعض في تربية أبنائهم تحت سقف واحد، بدلا من أن ينحرم أحد الوالدين من نعمة العيش مع أبنائه، وينحرم الأطفال من أحد والديهم وهما على قيد الحياة. رابط الخبر بصحيفة الوئام: الحضانة من حق الزوج أو الزوجة