إثر إعلان فوز المشير عبدالفتاح السيسي بانتخابات الرئاسة في جمهورية مصر العربية الشقيقة، كان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، حفظه الله ورعاه، أول المهنئين ببرقية وصفها كل المراقبين السياسيين بأنها وثيقة نادرة، تحمل معانيَ سامية ًورؤيةً واضحةً ومكاشفةً صريحةً، لا التواء فيها ولا شعارات زائفة أو عبارات فضفاضة خالية من كل معنى ومفرغة من أي التزام بالمسؤولية. أجل.. هكذا كانت برقية قائدنا عبدالله بن عبدالعزيز، الرجل الصالح، لأخيه المشير عبدالفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، ولسائر إخوته في أرض الكنانة، وقد أوجزتُ أبرز ما جاء فيها في مقال سابق، في أمرين مهمين: الدعوة التي وجهها خادم الحرمين الشريفين لأشقاء مصر وأصدقائها لمساعدتها على تجاوز هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، نتيجة الثورات المتتالية واحتشاد الناس في الميادين والساحات وتعطُّل عجلة الاقتصاد. ثم صدقه المعهود وصراحته البينة في مخاطبته للمشير السيسي وحثّه على العدل ورحابة الصدر والاستماع للصوت الآخر واحتواء كل أبناء المجتمع المصري في بوتقةٍ واحدةٍ، فضلًا عن تأكيد خادم الحرمين الشريفين التزامَ بلاده الدائم بأمن مصر واستقرارها الذي طالما أكده في كل مناسبة، بصرف النظر عمَّن تؤول إليه مقاليد السلطة فيها، مع احترام خيار أهلها ومساعدتهم على تحقيق رغبتهم في الطريقة التي يرتضونها لحكم بلادهم. فالسعودية، كما يؤكد قادتها دائمًا، لا تتدخل في شؤون الدول الأخرى إلا بالخير؛ سعيًا لتحقيق الأمن والاستقرار، ناهيك عن أن الآخر هنا هو أرض الكنانة التي لها في قلوبنا جميعًا كل محبة وتقدير واحترام، منذ عهد والد الجميع، الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود، طيَّب الله ثراه، إذ يؤكد خير الدين الزركلي في كتابه (شبه الجزيرة في عهد الملك عبدالعزيز) ص 661: (…. صرفتُ ثمانية عشر عامًا، من سنة 1353–1371ه/ 1934–1952م منقطعًا إلى تمثيل الملك عبدالعزيز، وقضاء مصالحه الإدارية والسياسية.. والخاصة والعامة في بلاد وادي النيل. وما كتب لي يومًا بشأن مصر، ولا سمعته يتحدث في سر أو علن عن مصر، إلا بما فيه الحرص والحضِّ على حسن العلاقة، وتوطين الحب والصداقة، بينه وبين المصريين حكومةً وشعبًا). ويؤكد هذا محمد جلال كشك، المصري القُح، إذ يقول: (أرسل الملك فاروق إلى الملك عبدالعزيز يطلب وساطته في الأزمة مع بريطانيا عام 1951–1952م، فقال عبدالعزيز لرسول فاروق: لا فائدة ما لم يتفاهم الملك مع الوفد، وتكون هناك وحدة وطنية في مصر). فوحدة قلوب أبناء مصر هي هدف جوهري لكل قادتنا الذين ينشدون الخير لإخوتهم في كل مكان، انطلاقًا من رسالتهم السامية التي تحمل الخير والأمن والسلام للعالم أجمع. إذن عندما نقول إن العلاقات بين السعودية ومصر راسخة ومتينة، فنحن نعني ما نقول تمامًا، وليس كالذين يؤكدون في الإعلام بين الفينة والأخرى أن العلاقات بين بلدانهم والبلدان الأخرى (ضاربة في جذور التاريخ) ثم ما تلبث المناوشات والمشاحنات والمكايدات التي قد تصل إلى حد الاحتراب والقطيعة التامة، أن تندلع قبل أن ينفضَّ ذلك النوع من المؤتمرات الصحفية الهزلية، التي يُبطن أصحابُها خلاف ما يُظهرون. وقد دفعني إلى الكتابة اليوم، هذا الفهم العميق والإدراك الواعي لهذه الحقائق الراسخة، في العلاقة بين بلدينا، الذي يتحلى به الإخوة في أرض الكنانة، ولاسيما قيادتها العليا اليوم. وكما يقال: الصورة أبلغ من ألف كلمة، فقد كانت تلك الصورة التي حملتها إلينا الصحف الصادرة يوم السبت 23 من شعبان 1435ه، الموافق 21 من يونية 2014م، للرئيس المصري المشير عبدالفتاحالسيسي، مستقبلًا قائدَ الأمة وحادي ركبها الرجل الصالح خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز، الذي أبت نفسه الكريمة إلا أن يحطَّ الرحال في قاهرة المعز، في طريق عودته إلى بلاده، بعد إجازة قصيرة قضاها في المملكة المغربية الشقيقة، ليؤكد للعالم أجمع، أن قلبه الكبير يحمل الخير الوفير للعالم كله، ولاسيما الإخوة في العقيدة والعروبة، قائد اسثنائي يعني ما يقول بصرف النظر عما قد يعترض المسيرة من صعاب وعقبات، فالنفوس الكبار لا يشغلها شاغل عن تحقيق غاياتها. أقول: لقد كانت تلك الصورة النادرة للأخ المشير السيسي مُرَحِّبًا بمليكنا المفدَّى، وهو يطبع قبلة صادقة على رأس المليك الكريم، أبلغَ تعبير من مجلدات، وليس ألف كلمة فحسب. إذ تجاوز الرجل الصادق المخلص بصنيعه هذا، كل البروتوكولات الرسمية، ليؤكد لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله، أنه فعلًا الأخ الأكبر، بل والد الجميع العطوف الذي يسعى لخير إخوتنا في العقيدة والعروبة، بل الإنسانية كلها، مثلما يسعى لخيرنا نحن هنا في هذا البلد الطيب المبارك. وإذ أتقدم بوافر الشكر والتقدير للأخ المشير عبدالفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية الشقيقة، على هذه اللفتة البارعة، التي تعبِّر عن أصالة معدن الفلاح المصري وعظمة شعب أرض الكنانة العريق، أؤكد له أن تلك الصورة النادرة، سوف تظل محفورة في ذاكرة كل السعوديين، يذكرونها له دومًا بكل عرفان وامتنان، مؤكدين للجميع أننا لن نحيد عن نهج المؤسس أبدًا، الذي غنى له العقاد: أسد العرين يخوض غيل الماء يا بحر راضك قاهر الصحراء لم يقترن بالبحر عيد جلوسه إلا لعمر زاخر ونماء يوم من البشرى يردد ذكره راكب السفينة وجيرة البيداء وغنى له علي محمود طه أيضًا: فإن تذكر الأوطان والأهل عندنا فما مصر إلا موطن لك ثانِ وما هي إلا أمة عربية موحدة في فكرة ولسانِ أقول: لن نحيد عن السعي الجاد لتقديم الخير وتحقيق الأمن والاستقرار لنا وللعالم أجمع، ولاسيما إخوتنا في الدين والعقيدة، ليس منَّة على أحد، بل لأنه نهج يتعلق بجوهر رسالة هذه البلاد الطيبة المباركة قيادة وًشعبًا.. ومرة أخرى، شكرًا من الأعماق للأخ المشير السيسي على حفاوة الاستقبال وبلاغة الترحيب بقائد الأمة عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، حفظه الله ورعاه، وأبقاه ذخرًا لنا جميعًا، الذي استحق بجدارة أن نحمله على رؤوسنا ونفاخر به كل الأمم والشعوب.
رابط الخبر بصحيفة الوئام: أبلغ من ألف كلمة.. شكرًا للرئيس السيسي