أصدرت بعض الوزارات في الآونة الأخيرة قرارات قوية أثارت ضجة واسعة بين مختلف الأوساط , ووصفت بأنها ارتجالية وغير مدروسة . حيث شكلت ردود فعل مختلفة , مما أدى إلى حدوث بعض الخوارم من خلال الاستثناءات التي لم تكن أصلا في صلب القرار بمعنى أن تلك القرارات الصادرة لم تخضع للدراسة من جميع الجوانب ولم تراع فيها كل الحيثيات فانكشفت الثغرات من البدايات وستتبعها حتما بعض الإشكاليات . والواقع أن القرار يأخذ قوته من سلامته وليس من مصدره , فالقرار السلبي يظل خاطئا حتى لو طبق بحذافيره ولم يعترض عليه أحد . فيما يتم تقبل القرار الإيجابي واحترامه من الجميع لأنه يؤدي إلى النجاح المطلوب , منطلقه اتخاذ الحلول المناسبة , ويراد به التنظيم الأمثل الذي يخدم مصلحة العمل وكذلك المصلحة العامة . وهناك من يؤمن بأن من صفات القائد سرعة اتخاذ القرار والأرجح هو سلامة اتخاذ القرار ! لأن كل إنسان يمكنه اتخاذ القرارات كيفما اتفق . لكن القيمة بما يطور العمل ويحقق أفضل النتائج للإدارة ويخدم المجتمع . وهذا يبين سلامة المنهج ويترجم حسن القيادة . لأن القرار كما هو معروف عبارة عن خيار من بين عدة خيارات ومجموعة حلول لمشكلة معينة أو أزمة طارئة أو لتنظيم معين على كافة المستويات . وفي حياتنا العامة يصدر كل منا قراراته الشخصية بعضها يتم بصورة سريعة وعشوائية وأخرى تخضع للدراسة حسب الموضوع المطروح . أما في الجانب الإداري فيعتبر القرار تصرفا قانونيا ونظاميا ويمثل وسيلة من وسائل الإدارة لتحقيق أهدافها المنشودة . إذ يقوم بدور كبير في العملية الإدارية لتأمين الكوادر والوسائل , ولبلورة الاتجاهات والسياسات . ويبرز دوره أيضا في معالجة الأخطاء وتعديل المسارات . وهو في الأخير يكشف الحقوق ويوضح الالتزامات . ولأهميته عهد بإصداره إلى المستويات العليا في الهرم الإداري , حيث تعد عملية إصدار وصنع القرار من الوظائف الأساسية للوزراء ومديري العموم بل جميع المديرين بمختلف مستوياتهم . سعيا لتحقيق التنظيم الأمثل . وهناك قرارات حيوية تحتاج إلى المناقشة وتبادل الرأي على نطاق واسع وبمشاركة جميع الأطراف المعنية . وهناك أيضا قرارات استراتيجية غير تقليدية تتصل عادة بمشكلات ذات أبعاد متعددة وعلى جانب كبير من التعقيد وهي تتطلب مزيدا من البحث المتعمق والدراسة المتأنية والمتفحصة التي تتناول جميع الفرضيات والاحتمالات المتوقعة ومناقشتها وأخذها في الاعتبار قبل إصدار القرار . والحكمة باتخاذ القرارات الناضجة الفاعلة التي تراعى فيها كل الحيثيات . والمعروف عالميا أن اليابانيين من أبطأ الناس في اتخاذ القرار ,حيث لا يتسرعون لأنهم يرمون من وراء ذلك ألا يكون هناك أي ثغرات أو تبعات سلبية جراء تطبيق القرار . مما عزز لديهم التفوق الشخصي والمؤسسي في كثير من المجالات . وفي بلادنا السعودية نلاحظ أن بعض القرارات الوزارية الصادرة قد أعدت بعناية فائقة وفق ركائزها المعروفة , وفي بعض الأحيان يتفاجأ المجتمع بقرارات تدعو للتساؤلات كما حدث مؤخرا , لأنها خرجت متسرعة وغير مدروسة , وربما كانت بمثابة ردة فعل , أو لتحقيق رغبات معينة ! وبتحليلها نجدها أهملت بعض أركان القرار , فغابت عن صنّاعه التبعات التي ستكون أشد ضررا على المصلحة العامة . وبالتالي يصبح القرار غير ذي جدوى , وقد يجر من المشكلات ما لا يتوقعه من قاموا بإعداده .ومن ثم تضيع قيمته وتتضاءل غايته . والإشكالية أن هناك من يحتمي بالقرار وينظر إلى من أصدره ويعتبره أمرا لا يقبل التعديل والتبديل ويصر على تطبيقه في دوائر العمل بما يحمله من أخطاء كبيرة ونواح خطيرة دون إبداء الرأي حول المضامين , بينما الصحيح أن تتم المسارعة في التصحيح حتى لا تتسع المشكلات وتتفاقم الأمور , وتصبح القرارات فروضا قاسية وواجبات لا قناعة بها ليس لها أدنى قبول . ويظل التعديل إلى الأفضل أولى من حالة الإلزام الذي يقابل في العادة بالنقد الشديد وهو ما يضعف قيمة القرار ما لم يتم التصحيح. عبد الناصر الكرت رابط الخبر بصحيفة الوئام: قرارات وزارية .. ولكن !؟