انقضت الحرب العسكرية الشرسة التي شنت على اخواننا في قطاع غزة قبل اسابيع، والتي صاحبها حرب اخرى برزت في هذه الحرب بشكل اكثر وضوح من السابق، وهي الحرب الالكترونية من خلال شبكة الانترنت او ما يطلق عليها “حرب الانترنت او السيبر (cyber war)” التي يزيد تاثيرها المعنوي و الاقتصادي مع التوسع باستخدام شبكات الاتصالات وتقنية المعلومات في الخدمات والتعاملات الالكترونية. هذه الحرب – الحرب السيبرانية – بدأت بحملة استباقية قبل تلك الحملة العسكرية على قطاع غزة بهدف شل امكانيات الفلسطينيين التقنية مستغلة تفوقها وقدراتها التقنية في الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي بشكل كبير ومدروس، وخلال تلك الحملة تعرض هذا العدو المحتل لهجمة الكترونية شارك فيها مقاومين فلسطينيين و متعاطفين من منظمات وافراد من شتى بقاع الارض بشكل ملفت بالرغم من احتياطات العدو التقنية المتقدمة لمثل هذه الحرب. ومن بعض النتائج الاولية المعلنة لهذه الحملة الالكترونية المضادة على العدو خلال فترة الحملة: 1. احدى منظمات الهاكرز المعروفة ب” انونيموس” اخترقت عشرات المواقع الاسرائيلية المهمة وتم تعطيل بورصة تل ابيب والبنك المركزي ورئاسة الحكومة ووزارة الخارجية والدفاع والعدل و شركات امن ورقابة واستطلاع ….. 2. وزير المالية الاسرائيلي يصرح: بانه منذ بداية الحرب على غزة تعرضت الشبكة الالكترونية الاسرائلية لاكثر من 44 مليون هجوم الكتروني، ويقول: هذا الهجمة ليس له مثيل وجاءتنا من كل انحاء العالم. 3. يوم 19 نوفمبر الماضي كان من اسواء ايام شبكة الانترنت في اسرائيل حيث تم اختراق النطاق الدولي لاسرائيل والتحكم باكثر من 28 نطاق مؤسسة اسرائيلية مهمة وعطلت مئات المواقع لمؤسسات دولية ذات ارتباط بتلك النطاق في ذلك اليوم، مما انعكس سلبا على سمعة وهيبة اسرائيل التقنية عالميا. 4. الجيش الاسرائيلي يحذر مواطنيه من استخدام شبكات التواصل الاجتماعي مثل التويتر والفيسبوك لامكانية تحديد مواقعهم من قبل العدو( الفلسطينيين). ومن المفاجيء للقيادة الاسرائيلية ان غالب مصدر هجمات “انونيموس” من امريكا واوربا الغربية، وقد لوحظ ان المواقع الالكترونية الاسرائلية تعاد للخدمة بسرعة بعد الاختراقات ولا تتعطل الا لفترة وجيزة، وهذا يرجع للاستعداد المبكر لمثل هذه الحرب. وتوقع الخبراء استمرار الحرب الالكترونية الاسرائيلية المضادة وبوتيرة متزايدة، حتى بعد انتهاء الحرب العسكرية المباشرة، وربما تعمد لتعطيل شبكات الاتصالات والكهرباء والمياه و النفط والغاز والبنوك في الوطن العربي ودول اسلامية اخرى في اي لحظة. والمملكة واعية لمثل هذه المخاطر وتسعى جاهدة لتأمين عالمها الرقمي ، وتنفق له المليارات من خلال السياسات والخطط الوطنية ذات العلاقة كالخطة الوطنية للاتصالات وتقنية المعلومات التي فيها مشاريع نوعية اذا ما نفذت كفيلة بحمايتنا تقنيا بنسبة عالية وتساعدنا في الاستعداد الامثل لمثل هذه الاخطار مستقبلا، مع اهمية التاكيد على الجهات ذات العلاقة بتفعيل الاتفاقيات او المعاهدات الدولية التي تساهم في حماية شبكة الاتصالات وتقنية المعلومات الوطنية او بتبنيها في حالة عدم وجودها. ختاما، اردت من هذا المقال المقتضب تسليط الضوء على هذا النوع من الحروب- حرب السيبرانية- التي برزت مؤخرا، وزادت اهميتها وتاثيرها، والذي نحن ليس بمنأى عنها، وما تعرضت له شركة ارامكو في شهر اغسطس الماضي الا خير دليلا على ذلك. د. حامد الوردة الشراري- عضو مجلس الشورى