قسماته تبلغ السبعين لم يترك بابا إلا طرقه ، ولا جهة تؤمن له مسكن إلا بحث عنه بقلب مكلوم ونفس شغوفة تريد أن تلتقط أنفاسا فيها نبض الحياة قبل أن تغادر الروح الجسد . الجمعيات الخيرية كانت قبلته ولكن ردها اليائس أحبطه بقولهم ” هذا ليس من شؤننا” .هذا اختزال لمشهد متكرر لحياة العم ” شاعي معدي” والذي يأمل في خريف العمر بزوجة تحنو عليه وبيت صغير يواري عظامه الرقيقة التي أضناها الجوع ” . إذا ارتدت صيدلية الساحل بجوارالعيادات الخارجية القديمة بمحافظة محايل عسير يلفت انتباهك ،وكلما ترددت علي تلك الصيدلية تجد هذا الرجل الستيني يفترش حوض سيارته ( من نوع هايلوكس قديمة) بالنهار في داخل سيارته ليحتمي من حر الشمس وبالليل صندوق للنوم. إذا سألته هل معك منزل يشير لسيارته التي يجلس في حوضها ويصطحب فيها أدوات معيشية تذكرك بالعصور الوسطي أو عصر ما قبل التوراة.لا يتواني عن شرح حالته التي قال منذ 15 عاما هذا مسكني المتنقل. تجده ضيفا في حمامات المساجد لغسل ملابسه البالية والتي تزيده أعمارا فوق عمره . ملاذه هو الضمان الاجتماعي والذي يصرف له 800 ريال فقط .بجوار العم شاعي تجد شاب لم يتجاوز الخامسة عشر ربيعا تظن أنه يؤانس الشيخ الستيني. ولكن جاءت الصاعقة حيث يقبل عليك بقلب منكسر وبراءة مفعمة بالإقبال علي الحياة ويسألك هل أنت من “البحث الاجتماعي” ثم يشير إلي على منزله المتهدم القريب من حيث يقف العم شاعي و يستغيث “لاتنسوني أنا وأسرتي نحن نقيم في منزل متهدم وكثيرا ما نتردد على الجمعيات لتساعدنا في ترميمه ولكن دون جدوى”