الرياض-الوئام: النظام الصحي السعودي بحاجة إلى مراجعة للائحته التنفيذية والتنفيذيين على السواء، لمحاولة تشخيص مكامن الخلل بشكل أدق، فما يحصل من انتهاك حالي لحقوق المواطنين الصحية الأساسية ودفعه للمناشدة وبشكل يومي لأمر علاج وإخلاء في ظل استراتيجية ورقية جميلة، هو دليل إدانة على أن الخلل في فرق التنفيذ وقادتها. وقارنت الكاتبة نورة العمرو بين نام المملكة الصحي وبين برنامج “وقاية” بالإمارات وقالت: الصحة والعيش الكريم من الحقوق الأساسية لكل مواطن، في شمال المملكة وجنوبها، كإخوتهم في الوسطى والغربية والشرقية، وإلا فلتصدر وزارة الصحة لائحة تنفيذية جديدة “مناطقية” للنظام الصحي حتى يتسنى للمواطن المناشدة مبكرا لمكرمة العلاج، كل حسب منطقته. لمطالعة المقال: الوقاية خير من انتظار العلاج النظام الصحي في المملكة هو نظام يضمن توفير الرعاية الصحية الشاملة المتكاملة لجميع السكان بطريقة عادلة وميسرة ومنظمة، وهو نص المادة الثانية من النظام الصحي والذي تم إقراره عام 1423ه. اللائحة التنفيذية لهذه المادة الصادرة عام 1424ه نصت على أن وزير الصحة يصدر القواعد والإجراءات اللازمة لتنظيم توفير الرعاية الصحية لجميع السكان بطريقة عادلة وميسرة بناء على المعايير والمؤشرات التي يعتمدها مجلس الخدمات الصحية. رفع وزير الصحة في عام 1427 لإقرار مشروع إستراتيجية الرعاية الصحية في المملكة، والذي يتضمن المعايير والمؤشرات، لتأتي الموافقة عليه في عام 1430 ويتم التوجيه لمجلس الخدمات الصحية بوضع الخطط التنفيذية التفصيلية خلال أربعة أشهر. ولدت الخطة التنفيذية التفصيلية لاستراتيجية الرعاية الصحية في المملكة عام 1432، وفي رمضان لعام 1433 توفيت المواطنة الطفلة ألين الرويلي في عرعر انتظارا لسرير في هذا النظام الصحي الشامل المتكامل العادل والميسر، على ورق وبرقيات. هي ليست الأولى ولن تكون الأخيرة في قائمة ضحايا النظام الصحي، ولذلك فالوقاية هي خير من الاضطرار لاستخدام ما تقدمه هذه الوزارة الخدمية. المشكلة أن واقع الوقاية في المملكة غير ملموس، فالوقاية الوحيدة التي نعرفها هي شركة تأمين مدرجة في سوق الأسهم، وما سواه فهو مذكور بالاستراتيجيات واللوائح التنفيذية ليزين أرفف القطاعات الحكومية. وحيث إننا غالبا ما نبدأ من حيث ابتدأ الآخرون، في محاولة لإثبات قدرتنا على نسخ تجاربهم، جيدة كانت أم سيئة، فإنه من اللازم استعراض تجربة “وقاية” المميزة لإخوة لنا في هيئة الصحة في أبوظبي. وقاية هو برنامج فريد لإجراء عملية المسح الصحي السكاني للأمراض غير المعدية كأمراض القلب والسكري والسرطان، وحتى الاكتئاب مستقبلا، وأيضا التدخل والتخطيط في آن واحد. المسح الصحي يكون على مستوى الفرد، أما الإجراءات الصحية والتخطيط فهي على ثلاثة مستويات: الفرد والمجموعة والمجتمع كافة. لهذا البرنامج موقع إلكتروني يتيح للفرد الوصول إلى تقريره الخاص بالصحة الشخصية بعد إجراء فحص وقاية له، وتلقي شرح حول نتائج تقرير الفحص بطريقة مبسطة ليتسنى له الفهم الأفضل والأكبر لوضعه الصحي. هذا الموقع أيضا يعرض للفرد المعلومات والخدمات الصحية ذات الارتباط المباشر بوضعه الصحي ولا تقف هنا، بل تتجاوزها إلى خاصية حجز المواعيد مع الأطباء والعيادات المشاركة في برنامج وقاية وإعداد برامج سلوكية صحية مخصصة لاحتياجاته. برنامج وقاية أبوظبي قام بمسح 96٪ من سكان الإمارة وأصدر عدة تقارير دورية للأفراد وللقطاعات الصحية ورعاة الخدمات الصحية عن محددات ومؤشرات السكان الصحية ليتم اتخاذ قرارات مستنيرة عند وضع الخطط والاستراتيجيات الصحية، ومن أهمها توزيع المستشفيات الثانوية والتخصصية وطاقاتها الاستيعابية، علما بأن تكلفة المسح للفرد الواحد وتقديم التقرير له والخدمات الإلكترونية كانت حوالي 211 درهما. ما قامت به هيئة صحة أبوظبي هو تنفيذ مميز جاد لخطة المسح المتدرجة المعتمدة من منظمة الصحة العالمية للأمراض غير المعدية، بهدف الوقاية والتخطيط، وهي التي قامت بها المملكة في عام 2005م وحامت حول منهجيتها ونتائجها العديد من الأسئلة في أروقة المنظمة وخارجها، ولعل هذا يفسر عدم تسليط الضوء إعلاميا عليها حينذاك. النظام الصحي السعودي بحاجة إلى مراجعة للائحته التنفيذية والتنفيذيين على السواء، لمحاولة تشخيص مكامن الخلل بشكل أدق، فما يحصل من انتهاك حالي لحقوق المواطنين الصحية الأساسية ودفعه للمناشدة وبشكل يومي لأمر علاج وإخلاء في ظل استراتيجية ورقية جميلة، هو دليل إدانة على أن الخلل في فرق التنفيذ وقادتها. النظام الصحي واضح وصريح ويكفل حق المواطن بالعلاج بأي منطقة من مناطق المملكة، ولم يفرق في هذا الحق على أساس مناطقي، واللائحة التنفيذية تكفل ذلك، أما الميزانية فلا يمكن جعلها الشماعة لهذا الخلل في الحقوق الصحية الأساسية ما لم يتم إصدار تقرير مالي واضح سنوي لكل منطقة صحية يوضح ضعف الدعم المالي من قبل الدولة. المنظومة الخدمية الصحية الوزارية تشير إلى ضعف حلقة الإدارة والتنفيذيين، فنحن هنا لا نتحدث عن خدمات تفاعلية صحية أو نظام ملف صحي إلكتروني موحد أو رعاية صحية أولية بمعايير عالمية، نحن نتحدث عن حق العلاج الطارئ، وهو أبسط حقوق المواطن الصحية، والذي لم يقم بتنفيذه مسؤولو وزارة الصحة، مما دفع بذوي ألين يرحمها الله لمناشدتهم عبر وسائل الإعلام طلبا لحقهم المكفول بالنظام! الصحة والعيش الكريم من الحقوق الأساسية لكل مواطن، في شمال المملكة وجنوبها، كإخوتهم في الوسطى والغربية والشرقية، وإلا فلتصدر وزارة الصحة لائحة تنفيذية جديدة “مناطقية” للنظام الصحي حتى يتسنى للمواطن المناشدة مبكرا لمكرمة العلاج، كل حسب منطقته.