الرياض-الوئام: وضع الكاتب علي سعد الموسى عددا من الأسئلة الهامة في مقاله بالوطن حول المحتسبين، وهو يتحدث عن بنات المحتسبين اللاتي يعملن، رغم أن المحتسب يستنكر على بنات الآخرين ذلك. وقال الموسى أعطونا بالبراهين والإحصاء والأرقام ما يبرهن هذا الخيال ويجعلنا على قناعة أن المرأة العاملة في الظرف الطبيعي البشري مفتاح لأبواب رذيلة، واسألوا أنفسكم عن السيارات الفارهة التي وصلتم بها إلى مكتب معالي الوزير حتى يدرك الناس الذين تحتسبون لأجلهم أنهم منكم وأن لكم ذات ظروفهم. وقبل أن تذهبوا لمكتب صاحب المعالي اذهبوا إلى آلاف البيوت لتشاهدوا بأنفسكم آلاف المآسي وآلاف القصص المؤلمة، وكيف سنقنع المرأة أن تدرس 18 عاماً متصلة ثم نقول لها إن كل هذه السنين ليست للوظيفة بل لمحو الأمية؟. لمطالعة المقال: بنات المحتسبين في مكتب وزير العمل لدي بضعة أسئلة أقرب إلى الأماني أود أن أضعها اليوم بين يدي الإخوة المحتسبين في مكتب وزير العمل ضد مشاريع عمل المرأة وقد شاهدهم الجميع في صالون الانتظار. أولاً، فنحن معكم على حراسة الفضيلة ولن يرضى رجل غيور بشيء واحد من تلك الأخطار العظيمة التي سطرتها أوراقكم ونطقت بها ألسنتكم في التنبيه لخطورة المشروع. ولكن: أعطونا بالبراهين والإحصاء والأرقام ما يبرهن هذا الخيال ويجعلنا على قناعة أن المرأة العاملة في الظرف الطبيعي البشري مفتاح لأبواب رذيلة. خذونا معكم لندرس حال المرأة العاملة في بلدان الإسلام من ماليزيا إلى القاهرة حتى صنعاء، ودعونا نقف على تجارب هذه المجتمعات المسلمة. ثانياً، سأقول لكم بصدق، وأنا أتمعن النظر جيداً في صوركم وأنتم في صالون معالي الوزير، إنني رأيت منظراً برجوازياً وصوراً طبقية من طراز رفيع. ومرة أخرى سأصدق القول، إن المرأة التي تبحث اليوم عن فرصة حياة إنما تبحث عن فرصة نجاة. هي لا تطلب راتب الكفاف ترفاً كي تشتري لوالدها مشلحاً من النخب الفاخر، ولا لكي تهديه آخر مبتكرات سان لوران أو دهن العود. بنات الأثرياء والنخب لا يبحثن عن وظيفة بألفي ريال. ثالثاً، دعونا نكشف أوراقنا ثم نتكاشف حولها بصدق حتى لا نكرر قصة محتسب قديم تكشفت أوراقه عن أن بناته الثلاث يعملن في مدارس الحي الذي يسكن فيه ثم يعترض على وظائف بنات الناس الذين فقدوا قدرة الوصول إلى منافذ القرار. بناته لم ينتظرن يوماً واحداً بعد الجامعة ولم يذهبن مثل غيرهن إلى حدود رنية ولا إلى الخرخير. وابنته، وبالنظام، تستلم آخر الشهر ثلاثة أضعاف مطلب فتاة مثلها من الوظيفة بعد سني الانتظار. دعونا نكشف أوراقنا وألا يكون “الإصلاحي” من بيننا على رأي المثل (شبعان بيده خبزة) ودعونا ننثر أمام الملأ أسماء نسائنا، وأين وكيف يعملن، وما الطريقة التي كانت عليها الشفعة إلى الوظيفة. اسألوا أنفسكم عن السيارات الفارهة التي وصلتم بها إلى مكتب معالي الوزير حتى يدرك الناس الذين تحتسبون لأجلهم أنهم منكم وأن لكم ذات ظروفهم. وقبل أن تذهبوا لمكتب صاحب المعالي اذهبوا إلى آلاف البيوت لتشاهدوا بأنفسكم آلاف المآسي وآلاف القصص المؤلمة. رابعاً، أريد أن أقول لكم إن مجرد الرفض والاعتراض هو أبسط الأمور التي لا يحتاج معها الإنسان إلا لبضع كلمات مع طلاوة الصوت. أصعب المهمات أن يقرن المرء اعتراضه بالحلول، وأن يعطي البدائل لما ينكره. وهب أننا بالفعل استمعنا لما تقولون ثم ألغينا بضعة قرارات، فمن هو الذي سيضمن حياة النجاة لمئات الآلاف في بضعة عقود؟ نحن استمعنا للرفض ولكننا لم نقرأ الحلول ولا البديل. كيف سيواجه المجتمع في العام الواحد مئة ألف جامعية إلى سوق الوظيفة ونحن لم نجد الحلول لثلاثة أضعاف هذا العدد حتى اللحظة؟ كيف سنقنع المرأة أن تدرس 18 عاماً متصلة ثم نقول لها إن كل هذه السنين ليست للوظيفة بل لمحو الأمية؟.. الحلول ليست أن تلغي بل أن تبني.