ايفان توني يدخل تاريخ دوري روشن برقم جديد    ضمك يصعق الرائد بثنائية    رسميًا.. عدنان حمد يتولى تدريب العروبة    ضبط شخصين في الباحة لترويجهما الحشيش وأقراصًا خاضعة لتنظيم التداول الطبي    رئيس لبنان يطالب رئيس حكومة تصريف الأعمال بالاستمرار لحين تشكيل حكومة جديدة    اتحاد القدم يختتم المرحلة الثانية من دورة الرخصة التدريبية الآسيوية "B"    جياد ميدان الدمام تتألق وتتأهل لأشواط أبطال بطل الميادين بالرياض    مادورو يصف تنصيبه بأنه «انتصار» للديموقراطية    مجموعة stc تمكّن المكفوفين من عيش أجواء كرة القدم خلال بطولة كأس السوبر الإسباني    بالشرقية .. جمعية الذوق العام تنظم مسيرة "اسلم وسلّم"    ملتقى الشعر السادس بجازان يختتم فعالياته ب 3 أمسيات شعرية    «حرس الحدود» بعسير ينقذ طفلاً من الغرق أثناء ممارسة السباحة    الشيخ طلال خواجي يحتفل بزواج ابن أخيه النقيب عز    عبرت عن صدمتها.. حرائق كاليفورنيا تحطم قلب باريس هيلتون    ارتفاع أسعار النفط وخام برنت يتجاوز 80 دولاراً    ثلاث أمسيات شعرية في ختام ملتقى أدبي جازان الشعري    "الزكاة والضريبة والجمارك" تُقدم مزايا جديدة للمستوردين والمصدرين    أنشيلوتي يبدي إعجابه بالجماهير.. ومدرب مايوركا يعترف: واجهنا فريقًا كبيرًا        خطيب المسجد النبوي: تجنبوا الأحاديث الموضوعة والبدع المتعلقة بشهر رجب    "الزكاة والضريبة والجمارك" تُحبط محاولتي تهريب أكثر من 6 كيلوجرام من "الشبو"    شفيونتيك تكشف عن شعورها بالحرج خلال فترة إيقافها المؤقت بسبب المنشطات    الكرملين: بوتين جاهز للتحاور مع ترمب بدون شروط مسبقة    فن الكسل محاربة التقاليع وتذوق سائر الفنون    «سلام» يُخرّج الدفعة السابعة لتأهيل القيادات الشابة للتواصل العالمي    «عباقرة التوحد»..    محافظ الطائف يستأنف جولاته ل«السيل والعطيف» ويطّلع على «التنموي والميقات»    الصداع مؤشر لحالات مرضية متعددة    5 طرق سهلة لحرق دهون البطن في الشتاء    الخروج مع الأصدقاء الطريق نحو عمر أطول وصحة أفضل    ماذا بعد دورة الخليج؟    الحمار في السياسة والرياضة؟!    وزارة الثقافة تُطلق مسابقة «عدسة وحرفة»    كُن مرشدَ نفسك    سوريا بعد الحرب: سبع خطوات نحو السلام والاستقرار    أسرار الجهاز الهضمي    سبب قيام مرتد عن الإسلام بعملية إرهابية    الألعاب الشعبية.. تراث بنكهة الألفة والترفيه    المقدس البشري    سالم ما سِلم    «سلمان للإغاثة» يوزّع مواد إغاثية متنوعة في سوريا    جانب مظلم للعمل الرقمي يربط الموظف بعمله باستمرار    نجاح المرأة في قطاع خدمة العملاء يدفع الشركات لتوسيع أقسامها النسائية    الرياض تستضيف الاجتماع الوزاري الدولي الرابع للوزراء المعنيين بشؤون التعدين    جودة القرارات.. سر نجاح المنظمات!    لا تحرره عقداً فيؤذيك    أفضل الوجبات الصحية في 2025    مركز إكثار وصون النمر العربي في العُلا يحصل على اعتماد دولي    مغادرة الطائرة الإغاثية السعودية ال8 لمساعدة الشعب السوري    إطلاق كائنات مهددة بالانقراض في محمية الإمام تركي بن عبدالله    نائب أمير تبوك يطلع على مؤشرات أداء الخدمات الصحية    أمير القصيم يتسلم التقرير الختامي لفعالية "أطايب الرس"    ولي العهد عنوان المجد    أمير المدينة يرعى المسابقة القرآنية    مجموعة (لمسة وفاء) تزور بدر العباسي للإطمئنان عليه    أسرتا الربيعان والعقيلي تزفان محمد لعش الزوجية    عناية الدولة السعودية واهتمامها بالكِتاب والسُّنَّة    القيادة تعزي رئيس جمهورية الصين الشعبية في ضحايا الزلزال الذي وقع جنوب غرب بلاده    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كاتب سعودي: التيار الليبرالي هو الممثل للطبقة الوسطى ومطالبها الخاصة بالحرية
نشر في الوئام يوم 30 - 03 - 2012

يؤكد الكاتب عبدالرحمن الوابلي في مقاله ب”الوطن” أن ما أثير عن الليبرالية السعودية ناتج عن ردة فعل عكسية مقصودة ضدها، كونها تمثل تيارا طليعيا فاعلا ومنافسا وواعدا، ضد التيار المحافظ الذي لم يقبل منافسا له في قيادة المجتمع، التي عدها مكسبا ومغنما اجتماعيا وحيدا له، وكذلك ناتج عن ضبابية مصطلح الليبرالية في مجتمع ذي خلفية محافظة، اعتاد على خلط الديني بالدنيوي، لتنزاح الحدود بينهما ويختلطا ببعض، لدرجة صعوبة الفرز بينهما، خاصة لدى العامة.
يقول الكاتب “كل طبقة جديدة تنشأ ينشأ قبلها طلائع روادها المطالبين بتطبيق مبادئها وقيمها والمدافعين عن مصالحها حتى قبل أن تنضج. وفي المملكة التيار المسمى ب”الليبرالي” الممثل لقيم ومبادئ الطبقة الوسطى من رعاية للفردانية والمطالب بالحريات العامة والخاصة والعدالة والمساواة والعقلانية وحقوق الإنسان، هو الممثل الصادق لها والممسك الأمين بمفاتيح إدارة الوفر، التي لن تنجو مدننا من إخفاقاتها التنموية بدونها.”
لمطالعة المقال:
الليبرالية السعودية.. حالة مدنية متقدمة
طبيعة المدن، ومن خلال التاريخ، تنشأ وتتطور على يد سكانها الذين يسبقونها في درجة النضوج والتطور المدني، لتكون حاضنة وراعية لطموحاتهم وتطلعاتهم ورؤاهم المدنية. أي أن الوضع الطبيعي البنيوي للمدن أن تكون الثقافة المدنية سابقة لبنيتها العمرانية.
إن الغبار والضبابية اللذين أُثيرا وما زالا يثاران حول ما تم التعارف عليه ب”الليبرالية السعودية”، ناتجان إما عن ردة فعل عكسية مقصودة ضدها، كونها تمثل تيارا طليعيا فاعلا ومنافسا وواعدا، ضد التيار المحافظ الذي لم يقبل منافسا له في قيادة المجتمع، التي عدها مكسبا ومغنما اجتماعيا وحيدا له، وكذلك ناتجان عن ضبابية مصطلح الليبرالية في مجتمع ذي خلفية محافظة، اعتاد على خلط الديني بالدنيوي، لتنزاح الحدود بينهما ويختلطا ببعض، لدرجة صعوبة الفرز بينهما، خاصة لدى العامة.
ذكر المفكر وعالم الاجتماع السياسي، الدكتور خالد الدخيل، في بحوثه العلمية التي طرح جزءاً منها في مقالاته الصحفية، أن الواعظ في البلدات والقرى والهجر كان هو مثقف الدولة التي كانت عن طريقه تتواصل مع الناس، حيث كان الشيخ هو الشخص المؤهل الوحيد الذي يقرأ ويكتب ويفتي ويقضي ويخطب ويعظ ويعلم الناس ويلجؤون إليه لحل مشاكلهم الاجتماعية والعائلية وحتى الصحية.
وكان كل سؤال ديني يوجد له في جعبة الشيخ جواب، وكل داء دنيوي يوجد له في مزودته دواء، وذلك ليس لعلم الشيخ المحيط بكل صغيرة وكبيرة، وإنما لبساطة الظروف التي كانوا يعيشونها وبدائيتها. كان الأمير يتغير والتاجر يخسر ولكن الشيخ دوماً لا يتغير ولا يخسر، ولذلك كانت دعوته التي يطالب الناس بترديدها خلفه هي “الله لا يغير علينا”، ليقينه أنه مهما أتى من تغيرات فلن يحسن الوضع السيئ وإنما بالتأكيد ستحيله إلى الأسوأ.
كانت البلدات والقرى والهجر في السعودية تعيش قبل توحيد المملكة وظهور النفط في حالة سكون إن لم نقل خمول دائم؛ بسبب نشاطها الاقتصادي والتجاري البسيط والمحدود جداً. كان اقتصادها بالكاد يغطي حاجياتها الضرورية للبقاء على قيد الحياة. كانت محاطة بصحاري قاحلة، تقطنها وتجوبها القبائل المتنقلة والتي تغير عليها من وقت لآخر وتقطع وتتحكم بمسالك الطرق بينها. وكان لا يأتيها من الخارج بالكاد غير الأوبئة القاتلة من طاعون وحمى وأمراض قاتلة. كما كان النزاع الدموي بين أفراد الأسر الحاكمة لهذه البلدات، يزيد خوفها خوفا ويهدد استقرارها السياس – اجتماعي النسبي. ذكر أحد الأميركيين رواد التنقيب عن النفط في رسالة لزوجته، يصف فيها حال الناس الذين يشاهدهم، أنهم بالضبط يعيشون كما كان يعيش الناس في زمن سيدنا المسيح، على حسب ما ذكر في الإنجيل. وكان وصفه هذا لحياة ومعيشة الناس في نهايات الثلاثينات من القرن الواحد والعشرين.
كانت حالة الفقر المدقعة في البلدات والقرى والهجر آنذاك تحتم على قاطنيها إدارة مواردها البسيطة والشحيحة بإدارة مناسبة لها، تحافظ عليها ولا تعرضها للتشتيت والتبذير، حيث لا تحتمل ذلك، ولذلك أداروها عن طريق ما أسميته في كتاباتي السابقة عن حالة البلدات ب”إدارة الفقر”. وإدارة الفقر ترتكز على القيم الأكثر محافظة، للمحافظة على الموارد القليلة. وتم انتقاء القيم المحافظة من الأعراف القبلية التي تشكل الأصل الاجتماعي للبلدات والقرى والهجر، ومن الشريعة الإسلامية التي تشكل مرجعيتها الدينية أكثرها تشدداً وتضييقاً على الحركة، وتم الجمع بينها بمنظومة قيم اجتماع – دينية، محافظة جداً، مناسبة لإدارتها، حسب معطياتها الفقيرة والتي أصبحت تشكل ثقافتها التي اختلط فيها الديني بالدنيوي، بشكل يصعب الفرز بينهما.
وأصبحت منظومة البلدات الاجتماع – عقدية بالنسبة لها حتمية يقينية متعالية على الزمان والمكان وغير خاضعة لهما، بسبب حالة العزلة والسكون التي عاشتها بسبب قطيعتها مع تاريخها وعزلتها عن محيطها الجغرافي الإقليمي والدولي لقرون. وتحولت لديها قيمها البلداتية من قيم مكانية طارئة إلى قيم كونية ثابتة لا يأتيها الباطل لا من أمامها ولا من خلفها ولا من بين يديها.
في بداية الأربعينات من القرن المنصرم تم اكتشاف أضخم مخازن للنفط وبكميات هائلة لم يسبق أن اكتشف مثيل لها في العالم، فأرسل وزير الخارجية الأميركي آنذاك كورديل هل، برقية للرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت يبشره فيها بأن شركات النفط الأميركية عثرت على أضخم وأثمن كنز في تاريخ البشرية تحت رمال الصحراء العربية، وعندها أصبح للدولة السعودية مصدر اقتصادي يدعم كيانها، وأخذت برسم وتنفيذ خطط تنموية طموحة ومتسارعة لم يسبق للجزيرة العربية مثيل لها في كل تاريخها. وفي ظرف عدة عقود أصبحت المملكة قوة اقتصادية إقليمية ودولية لا يستهان بها، فكبرت بلداتها الصغيرة والفقيرة لتصبح مدنا كبيرة، منها مدن مليونية ذات بنية تحتية وخدماتية تنافس مدنا إقليمية ودولية سبقتها بقرون. ونتيجة لسرعة وتيرة التنمية في المملكة، فقد سبقت بنية مدنها التحتية والمؤسساتية ثقافتها الإدارية للمدن الكبيرة، فأدخلتها في ربكة إدارية شبه مزمنة، ما زالت تعاني منها مدنها.
طبيعة المدن في العالم، ومن خلال التاريخ، أنها تنشأ وتكبر وتتطور على يد سكانها الذين يسبقونها في درجة النضوج والتطور المدني، لتكون حاضنة وراعية لطموحاتهم وتطلعاتهم ورؤاهم المدنية. أي أن الوضع الطبيعي البنيوي للمدن أن تكون الثقافة المدنية والسلوك المدني سابقة لبنيتها العمرانية وحتى المؤسساتية وليست لاحقة لها، وبما أن غالبية سكان المدن هم من الطبقة الوسطى، إذاً فمفاهيم وطموحات ورؤى الطبقة الوسطى، المتمحورة حول الفردانية وتعزيزها من خلال الحريات العامة والخاصة والعدالة والمساواة والعقلانية وحقوق الإنسان، هي المعبرة عن قيم المدن والمدنية الحقيقية.
وحيث إن المدن تمتاز بوفرتها المادية والبشرية والحاجة لرعايتها وتنميتها، تدار بما أسميته ب”إدارة الوفر” وهو المقابل ل”إدارة الفقر” والتي تستخدم في إدارة التجمعات البشرية الفقيرة مادياً وبشرياً.
في حالات المدن التي نشأت وتطورت بشكل غير طبيعي، بفضل مردودات مادية لا دخل لسكانها فيها لا من قريب ولا من بعيد ومنها مدننا، تسبق البنية التحتية والمؤسساتية فيها ثقافة سكانها المدنية، وعليه سلوكهم وطموحهم المدني، حيث يصبح سكانها طبقة وسطى معيشياً مع احتفاظهم بثقافة طبقتهم الدنيا التي سبقت بناء مدنهم، ولكن بعد جيل أو جيلين يولد جيل ينتمي للمدن ثقافياً ومعيشياً، ثم يديرون مدنهم، بما تحتمه وتتوجبه إدارة المدن من قيم الطبقة الوسطى، ولكن لن يتسنى لهم ذلك إلا بعد عراك وحراك ثقافي بحيث تضمن لهم فيها حتمية التاريخ المدني والحضاري التفوق والانتصار فيه، لكون سندهم هو معطيات ومتطلبات الواقع المدني من حولهم وأجياله المدنية الجديدة المتدفقة الداعمة والدافعة نحو المزيد من الثقافة والسلوك المدني.
كل طبقة جديدة تنشأ ينشأ قبلها طلائع روادها المطالبين بتطبيق مبادئها وقيمها والمدافعين عن مصالحها حتى قبل أن تنضج. وفي المملكة التيار المسمى ب”الليبرالي” الممثل لقيم ومبادئ الطبقة الوسطى من رعاية للفردانية والمطالب بالحريات العامة والخاصة والعدالة والمساواة والعقلانية وحقوق الإنسان، هو الممثل الصادق لها والممسك الأمين بمفاتيح إدارة الوفر، التي لن تنجو مدننا من إخفاقاتها التنموية بدونها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.