في وقت رأى فيه خبراء من منظمة السياحة العالمية أن عوامل الجذب لممارسة سياحة المغامرات تتوافر بقوة في المملكة، رأوا أن السعودي يميل للنشاط السلبي في السياحة، وأنه بحاجة لتغيير ثقافته السياحية، فلا تقتصر فقط على النشاط السلبي المرتكز على التمتع بالفرجة، بل يتحول لممارسة أنشطة سياحية رياضية موازية مثل المشي وركوب الدراجات وغيرها من النشاطات. وتزامنا مع رؤية هؤلاء الخبراء الذين يعقدون حلقة بحث علمية إقليمية حول سياحة المغامرات، وذلك في فندق قصر أبها في منطقة عسير، كشف المدير التنفيذي للهيئة العامة للسياحة في منطقة عسير عبدالله مطاعن، عن بدء أمانة المنطقة في اعتماد المرحلة الأولى للبنى التحتية للمشروع الذي تسلمته من الهيئة، والمتمثل بإقامة مدينة الشباب في الحبلة تضم ملاعب لكرة القدم ومواقع لرياضات مختلفة مثل الطيران الشراعي والرياضي، وفندق، ومستشفى، وأنها ستكون نواة لتحقيق رؤية استضافة معسكرات الفرق العالمية في المنطقة في فترة الصيف. وكشف ابن مطاعن إلى "الوطن" عن اعتماد ناد للرياضات البحرية في مركز الحريضة البحري التابع لمنطقة عسير ضمن المشاريع البلدية التي اعتمدت هناك أخيرا بقيمة 365 مليون ريال، وتخصيص موقع خاص للطيران الشراعي والرياضي بالتعاون مع أمانة المنطقة برئاسة المهندس إبراهيم الخليل، إلى جانب سعي الهيئة بالتعاون مع شركائها إلى إيجاد أماكن مخصصة للرياضات والتنزه في جزيرة كدنبول، وآخر في القحمة ضمن مشروع سياحي سلمت دراساته بالكامل للأمانة، لافتا إلى أن عسير تمتلك كل المقومات لإقامة رياضات وسياحة المغامرات في الوجهات الجبلية والبحرية والصحراوية، وأنها سباقة في إقامة عدد من الفعاليات التي تشكل نواة لتلك السياحة مثل رالي الجبال وتسلق الجبال والطيران الشراعي والطيران الرياضي والفروسية والفورمولا وسباقات الزوارق والمناطيد والغوص، وأن التوجه إلى استمرار تلك الرياضات طوال العام وعدم ربطها بمواسم الصيف أو غيره. جاءت كل تلك المعلومات التي أدلى بها مطاعن خلال زيارته ل"الوطن" في مركزها الرئيس في أبها، رفقة عدد من خبراء منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، ومسؤولين من الهيئة العامة للسياحة والآثار، وبعض المنظمين للفعاليات السياحية، وذلك على هامش حلقة البحث التي تقام بالتنسيق والتعاون مع الهيئة العامة للسياحة والآثار، وورشة العمل التي أقيمت حول رياضة وسياحة المغامرات. وعقد الزائرون ندوة حوارية مع بعض قيادات التحرير في المؤسسة ومنهم مساعد المدير العام لمؤسسة عسير للصحافة والنشر عبدالعزيز بن سعود المتحمي، ونائب رئيس التحرير المكلف ماجد البسام، ومدير التحرير عيسى سوادي، ورئيس القسم الرياضي محمد تركي الدعفيس، والمحرر في القسم الرياضي الزميل سلطان عوض حول مفهوم سياحة المغامرات، والأدوار التي تقوم بها الهيئة والمنظمة، وانطباعات خبراء المنظمة العالمية عن السياحة في المملكة. ولفت أيضا إلى أن الهيئة مرتبطة بشركائها للنجاح، ملتزمة بالأنظمة والاختصاصات، إلا أنه قال "تقوم الهئية على تنظيم إنشاء مجالس التنمية السياحية في المناطق التي تعد المحرك الأساس بعضويتها، كما أنها وقعت مذكرات تفاهم مع الشركاء من وزارات وأمانات وغيرها من الجهات المعنية، وأنها حققت عبر هذه المذكرات نجاحات كبيرة، كما أنها وضعت خطة استراتيجية للمملكة، ومركزية للمناطق بالتعاون مع شركائها من القطاعين العام والخاص والمجتمعات المحلية وحددت عناصر الجذب السياحي لكل منطقة والمدد الزمنية لتنفيذ المشاريع، إلى جانب الدراسات والخطط والدورات التدريبية التي تقيمها وتساعد على دفع العمل السياحي". إعجاب من جانبه أبدى الخبير البرازيلي في رياضات وسياحة المغامرات جوستافو فراجو تيمو إعجابه الشديد بما تمتلكه منطقة عسير من مناطق مؤهلة لتطوير هذه الرياضيات وسياحة المغامرات، مشيرا على وجه التحديد إلى الحبلة والسودة ومركز الزوار في أبو خيال، مشيرا إلى أن الحبلة تعد منطقة صالحة وملائمة من الطراز الأول لاحتضان مثل تلك الرياضات، مبديا سعادته بزيارة المملكة لأول مرة والتعرف عن قرب عليها. ورغم ذلك، إلا أن الخبير البرازيلي انتقد عدم وجود نشاط إيجابي قوي للسعوديين، برغم حبهم للخروج والرياضة والسياحة والتنزه، وغياب دعم المجتمع لذلك، وقال "يحب السعوديون الخروج والتنزه، لكنهم يقومون بذلك بشكل سلبي، ولا يستثمرون الظروف لممارسة رياضات مثل المشي أو ركوب الدراجات، أو غيرها، وخلال أسبوع تواجدت فيه هنا لم أشاهد أي دراجة". في حين، شددت الخبيرة الأميركية كريستينا هاينجر على أهمية تحديد السوق المستهدفة في مجال سياحة المغامرات بهدف تطويرها في المملكة ونموها بشكل أفضل، متوقعة أن يكون ذلك من بين 5 إلى 10 سنوات مقبلة. وأوردت أرقاما جديدة في مجال سياحة المغامرات، تشير إلى أن "سياحة المغامرات" باتت من ضمن أهداف 40% من المسافرين، 80% منهم دون 30 عاما. جاهزية لتأهيل مدربين وأوضح خبراء منظمة السياحة العالمية أن حلقة البحث المقامة حاليا تعد من أهم الورش التخصصية العلمية حول سياحة المغامرات بهدف تطويرها، تناولت 3 وحدات، وهي تطوير منتجات سياحة المغامرات، وتصميم فعالياتها، وتسويقها، وأنه شارك فيها نحو 80 شخصا من داخل وخارج المملكة مهتمين بتطويرها. وأبدى المدير التنفيذي لمؤسسة تمس التابعة لمنظمة السياحة العالمية عمر فالديز، استعداد المنظمة للتعامل مع أي مجالات عاملة في القطاع السياحي، على الرغم من أن دور المنظمة يقتصر على التعامل مع الجهات الحكومية، وأنها جاهزة أيضا لإقامة دورات وورش لتأهيل المتدربين المتخصصين في سياحة رياضات المغامرات. نمو سنوي وأوضحت مسؤولة التعاون الدولي في الهيئة العامة للسياحة والآثار بسمة الميمان أن الحلقة العلمية تأتي ضمن سلسة البرامج التي تنظمها الهيئة من خلال عضوية المملكة في المنظمة، وذلك من خلال الاستعانة بعدد من الخبراء والمختصين الدوليين في صناعة السياحة. وأضافت أن الهيئة حريصة على استعراض أفضل التجارب وتطوير تلك الرياضات والسياحة إلى منتج، لاسيما وأن التقارير تؤكد نمو قطاع سياحة المغامرات بنحو 17% سنويا. من جانبه لفت بندر الأحمد أحد منسوبي الهيئة العامة للسياحة والآثار إلى أن فريقا استشاريا برئاسة الأمير بندر بن خالد بن فهد شكل للعناية برياضة تسلق الجبال، وأن الهيئة ستستقطب خبيرا فرنسيا لتأهيل مدربين للعبة، وستعمل على منح رخص للمدربين مستقبلا. ترتيب الأوراق كما لفت منظم الفعاليات السياحية في منطقة عسير إبراهيم مسفر إلى أن عسير سباقة في إيجاد رياضات ذات صلة بسياحة المغامرات، وذلك منذ نحو عقد من الزمن، إلا أن الحلقة العلمية قدمت برنامجا مغايرا وقدمت أفكارا ثرية للغاية، ستتم الاستفادة منها، وإعادة ترتيب الأوراق بدعم الهيئة، لافتا إلى أهمية إيجاد خدمات وبنى تحتية، خصوصا أن الخبراء يحسدون عسير على المقومات التي شاهدوها.