أعادت غزارة الأمطار المصحوبة بزخات من البرد التي شهدتها منطقة نجران ومحافظاتها أمس وأول من أمس، ذاكرة الأهالي إلى أكثر من عشر سنوات للوراء، وتحديدا كارثة السيول التي شهدتها المنطقة، وتسببت في عدد من الخسائر، وكانت بمثابة ناقوس خطر لكوارث قادمة، إلا أن الجهات المعنية لم تستوعب الدرس جيدا، حيث كشفت الأمطار الأخيرة عن عدد من الأخطاء في مشاريع تصريف السيول، إضافة إلى ضعف مشاريع السفلتة للطرقات، والأساليب الخاطئة المتبعة في ردم الحفريات، إذ تسببت في طفح المجاري في العديد من الشوارع الرئيسية والفرعية، وإغلاق العديد من الطرق والمحال التجارية، وأجبرت الأهالي على التزام بيوتهم. ورصدت جولة "الوطن" الميدانية بالصور الحال الذي آلت إليه طرق المنطقة واحتجازها لعدد من المركبات كان أبرزها احتجاز حافلة تقل أعضاء لجنة مشاريع المنطقة المشكلة من الإمارة والمكلفة بمتابعة المشاريع المتعثرة التي اضطرت خلال جولة لها أمس إلى الوقوف على جانب طريق الملك عبدالعزيز، بسبب تجمعات المياه في الطريق، إلى جانب هبوط الطبقة الإسفلتية في أكثر من طريق، مما كشف ضعف مشاريع السفلتة للطرقات، والأساليب الخاطئة المتبعة في ردم الحفريات. وأجمع عدد من أهالي المنطقة الذين تحدثوا إلى "الوطن" خلال جولتها الميدانية لتفقد مواقع الضرر، أن الأوضاع الحالية للشوارع تنذر بكارثة في ظل الأمطار الكثيفة وسوء أداء شبكات التصريف التي لم تستطع استيعاب كمية المياه المتدفقة، ولم تخضع لعمليات صيانة منذ سنين، منتقدين أمانة المنطقة التي تعلن بين وقت وآخر عن مشاريع جديدة لتصريف السيول لم تر النور حتى الآن، وكذلك عدم وجود رقابة وجودة في تنفيذ المشاريع، خصوصا في مشاريع السفلتة. عيوب سفلتة الطرق وأبدى الأهالي استغرابهم من عدم مباشرة الجهات المسؤولة للمواقع المتضررة من هبوط الطبقات الإسفلتية، مطالبين الشركات المنفذة بتدعيم الطبقة الإسفلتية بطبقات قوية غير قابلة للانهيار في حال هطول الأمطار. وأكدوا أن الأمطار كشفت عيوب أغلب طرق المنطقة التي تحول بعضها إلى حفر نتيجة سوء تنفيذها مسبقا، إضافة إلى عدم وضع تصريف السيول بالطرق السليمة، مبينين أنه لا بد من الإسراع إلى معالجة الخلل والعمل على إزالته لعدد من الطرق التي كلفت أموالا كثيرة ولم تصل للمستوى المأمول. من جانبه، أوضح الناطق الإعلامي لمديرية الدفاع المدني بنجران المكلف النقيب ماجد الزهراني، في تصريح صحفي أمس، أن الدفاع المدني باشر العديد من الحالات، وساهم في إنقاذ عدد من العائلات المحتجزة، وباشر حالة وفاة على طريق الملك عبدالله نتيجة حادث مروري بسبب الأمطار، مشيرا إلى رصد العديد من المواقع التي تجمعت بها المياه وتسببت في إعاقة حركة المرور حيث تم رفع تقرير مصور بها. إنقاذ المحتجزين وبين الزهراني، أن انسداد إحدى عبارات مجرى العجمة على طريق الملك عبدالله تسبب في احتجاز عدد من الأسر في حي الضباط ودحضة تم إنقاذها من قبل أفراد الدفاع المدني، إضافة إلى إنقاذ طفلين احتجزا بحي الأمير مشعل، وإنقاذ شخصين آخرين داخل سيارة بجوار كبري الجربة، مفيدا أن المياه تدفقت عبر طريق الملك عبدالعزيز بدحضة مقابل المحطة الوسطى، إضافة إلى تدفقها عبر حي الفيصلية مع تقاطع طريق الملك عبدالعزيز مقابل التموين الطبي. وأضاف الزهراني، أن الدفاع المدني باشر عددا من البلاغات الناتجة عن حدوث تماس كهربائي بسبب رداءة التمديدات الكهربائية ووجود بعض الأسلاك المكشوفة، محذرا من التواجد في بطون الأودية وعدم السباحة بها لما تشكله من خطورة بالغة جدا على الأسر وتوخي الحذر أثناء قيادة السيارت. شفط تجمعات المياه وفي سياق متصل، أكد مدير العلاقات العامة والإعلام بأمانة نجران ناصر الربيعي ل"الوطن" أمس، أن الأمانة جندت فرقا ميدانية بالمنطقة ومحافظاتها بإشراف مباشر من أمين المنطقة المهندس فارس الشفق، مشيرا إلى أنها تعمل على رصد المواقع التي تتكدس بها المياه وتشكل خطورة، للعمل على معالجتها فورا. وأوضح الربيعي، أنه تمت الاستعانة بأكثر من 500 شخص بينهم أكثر من 300 عامل لمباشرة تجمعات السيول بالشوارع والعمل على شفط المياه المتجمعة وفتح مجاري السيول، كما تم تكليف 20 وايت شفط للمياه المتجمعة جراء الأمطار، إضافة إلى مباشرة سبع معدات ثقيلة عبارة عن شيول لفتح العبارات وإزالة الأتربة والعقوم الترابية، مضيفا أن بعض العبارات شهدت انسدادا تاما تسبب في تجمع المياه مشكلا خطرا على المواطنين، فيما قامت بعض العبارات بتصريف السيول والعمل بأداء منتظم ومنها عبارة دحضة ومجرى السيول بحي الفهد الشمالي. إلى ذلك، رفض مدير إدارة طرق نجران المكلف المهندس ناصر بجاش، التعليق على الموضوع بحجة عدم صلاحيته للتصريح إلى وسائل الإعلام، مطالبا بإرسال خطاب رسمي ليتم إرساله للعلاقات العامة للوزارة. تسربات بمستشفى حبونا كما تسببت الأمطار الغزيرة التي شهدتها محافظة حبونا في انقطاع المياه عن مستشفى حبونا العام لأكثر من ثلاث ساعات بعد دخول الماء إلى عوامة الكهرباء المكشوفة وسط استياء شديد من المرضى، كما كشفت الأمطار أيضا سوء تنفيذ مبنى الطوارئ الجديد للمستشفى الذي شهد تسرب مياه الأمطار في أنحاء متفرقة منه. وأوضح مصدر مسؤول بالمستشفى - فضل عدم ذكر اسمه - أن مياه الأمطار تسربت إلى مكاتب الموظفين وأقسام المختبر والأشعة والممرات، كما تسببت شدة التسربات في غرفة السنترال التي تحوي أسلاك كهرباء مكشوفة في قطع شبكة الكهرباء من قبل إدارة المستشفى خوفا من حدوث تماس كهربائي. ودهمت السيول أيضا مبنى المستشفى من الجهة الشمالية، حيث باشرت لجنة من الدفاع المدني والبلدية والمستشفى والمحافظة الحادثة. وبين رئيس بلدية المحافظة المهندس مانع المحامض، أن البلدية تلقت بلاغا أثناء هطول الأمطار عن دخول السيول إلى مستشفى حبونا العام، فسارعت معدات البلدية فورا بتحويل مجرى السيل بحاجز ترابي إلى خارج سور المستشفى.