قدر خبراء ومستثمرون في الذهب حجم المضاربات المحمومة في المعدن الأصفر بنحو 70% من حجم التعاملات الإجمالي، مشيرين إلى أن التذبذب الحاد في الأسعار خلال الربع الأول من العام الحالي يمثل انعكاساً واضحاً لنشاط تلك المضاربات. وقال الخبير في الذهب مدير عام السوق السعودي في مجلس الذهب العالمي سابقاً بشر ذياب في تصريح إلى "الوطن": إن الشراء الحقيقي بغرض الاستثمار في الذهب لا يتعدى 30% من حجم عمليات المبيعات، فيما شكل النشاط المضاربي نحو 70%. وأبان أن الأزمات الجيوساسية في المنطقة وأحداث الربيع العربي ألقت بظلالها على تحركات المعدن في الأسواق العالمية، علاوةً على الأزمات في منطقة اليورو وتباطؤ النمو في الاقتصاد العالمي. وأشار إلى أن تراجع أسعار الذهب من مستوياتها القياسية جاء بسبب تضاؤل رغبة كبار المستثمرين والصناديق العالمية في الشراء بعد ارتفاع الأسعار في بداية العام الحالي. وأكد أن الذهب ما زال يعد الاستثمار الآمن، لكنه يقفد بعض ميزاته بسبب الارتفاع المتواصل في الأسعار، مما دفع المستثمرين إلى الإحجام عن الشراء الذي أدى بدوره للتذبذبات الحادة خلال العام الجاري. وعن عقود الذهب المستقبلية وتوقعات مسار الأسعار، قال ذياب إن العقود الآنية والمستقبلية مرتفعة نوعا ما لسببين، أولهما استمرار الأزمات السياسية والاقتصادية في العالم، والثاني توقعات المستثمرين بتحقيق عوائد مرتفعة من المضاربة على حركة الذهب السعرية. وأوضح أن انعكاس تلك التذبذبات على الأسواق المحلية تحكمه الأسعار الدولية، متوقعا أن تكون حركة الذهب عند مستوياتها الحالية في الفترة المقبلة. وذكر أن الإقبال على مجوهرات الذهب في كافة الأسواق عالمياً قد تراجع، بما في ذلك الأسواق العربية، باستثناء أسواق الهند والصين التي ما زالت تشهد حركة شرائية. وعن دوافع دخول المستثمرين في الذهب بالأسعار المرتفعة، قال ذياب إن الهدف من ذلك حفظ توازن المحافظ الاستثمارية، حيث تقدر الدراسات ضرورة أن تشمل المحافظ الكبرى معدن الذهب ما بين 3 إلى 10% من إجمالي أصول المحفظة لحفظ التوازن، مقابل التغيرات في صرف العملات والسلع الرئيسة. من جهته قال المستثمر محمد المحيسن في تصريح إلى "الوطن" إن التذبذبات التي شهدتها أسواق الذهب خلال الربع الأول متوقعة بسبب الاضطرابات السياسية في المنطقة العربية، بالإضافة إلى التقلبات الحادة في أسعار العملات الرئيسية مثل الدولار والين واليورو الجنيه الإستراليني. وأشار إلى أن الذهب شديد التأثر بكل التغيرات، سواءً كانت ساسية أو اقتصادية أو عسكرية في أي منطقة من العالم، مما يصعب تحديد وجهته مستقبلا، لكنه أضاف أن الاستقرار في العالم سيقود إلى تراجع أسعار الذهب، على اعتبار أنه ملاذ آمن في فترات الاضطرابات. وعن دور الصناديق في حركة الذهب أكد المحيسن أن حركتها كانت نشطة جداً على الذهب خلال الأعوام الماضية، لكنها بدأت تتراجع عن الاستثمار في الذهب لما وصفه ب "المبالغات " في الأسعار، متوقعاً ثبات الأسعار عند المستويات الحالية، حيث يدور سعر الأونصة حاليا حول 1630 دولارا. وقال المحيسن إن أسعار الذهب شهدت ارتفاعات متواصلة خلال السنوات العشر الماضية، مبينا أن خروج المستثمرين المحليين من السوق رغم ارتفاع قيمة الأصول يعود إلى أن العائد على الاستثمار خاصة في مجوهرات الذهب لم يعد مجديا في الوقت الحالي لثبات العائد بخلاف قيمة الأصول، لافتاً إلى أن ارتفاع قيمة الأصول وثبات العائد يؤديان لخروج المستثمر للبحث عن قنوات استثمارية أخرى تحقق ربحية أعلى. وأكد أن الدول العربية التي شهدت اضطرابات سياسية سجلت مبيعات كبرى بسبب المخاوف من عملة تلك البلدان، مثل مصر وتونس وليبيا، مما أدى إلى نشاط كبير في تجارة الذهب هناك. وأوضح أن سعر الجرام في ذهب المجوهرات ارتفع من 40 ريالا قبل سنوات إلى نحو 200 ريال، مما يعني انخفاضا في حجم العائد الثابت على البائع. بدوره قال المستثمر عبد الله العمودي إن السوق المحلية تشهد كسادا كبيرا بسبب ضعف الإقبال رغم التذبذبات الحادة في سعر الذهب. وأوضح أن المستهلك النهائي ما زال بعيداً عن الشراء بالأسعار الحالية، مما دفع بالكثير من أصحاب المحلات للخروج من الأسواق لضعف الطلب على المجوهرات. وربط العمودي بين ارتفاع الطلب وانخفاض الأسعار واستقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية، متوقعاً أن تشهد السنوات المقبلة تراجعا في أسعار الذهب بتحسن الاقتصاد العالمي وتسحن الظروف السياسية في المنطقة العربية.