في وداع الأصدقاء يغيب الحرف ويجف الحبر أمام جدار الذكريات التي استبقتها ذاكرة الوفاء لأصدقاء الخير والمحبة.. وهم بالمناسبة قلة قليلة جداً قد تجود رحلة العمر بنفر قليل منهم.. وكم هو محظوظ من تهيئ له ذلك لأن هناك من مرّ عمره كاملاً دون أن يجد من يستحق أن يغفو على تلك المساحة في وجدانه وقلبه. والأخ الأستاذ عبدالمحسن بن عبدالعزيز العكاس وزير الشؤون الاجتماعية سابقاً.. ليس إلا واحدا من أولئك الكبار الذين لا يرحلون دون أن يتركوا بصمة المحبة والصدق والنقاء تذكاراً يعمر قلوب مجايليه ومزامليه ومحبيه.. لقد رحل عن دار الفناء إلى دار البقاء رجل وطني غاية في النقاء والصدق لدينه ووطنه قيادة وشعباً.. وإنا على فراقك أبا ناصر لمحزونون.. مع يقيني بأن أمثال فقيدنا الغالي وإن رحل جسداً إلا أنه مقيم في وجداننا وذاكرتنا أثراً وأنموذجاً للوفاء والإخلاص والصدق. حين بلغني نبأ رحيل الأستاذ عبدالمحسن العكاس.. انهالت الذكريات تباعاً إبان توليه وزارة الشؤون الاجتماعية.. كان أخاً للعاملين معه صديقاً للمراجعين بل لا أبالغ إن قلت محامياً للمستفيدين يطالب نيابة عنهم ويلح باسمهم.. ولقد حققت الوزارة في عهده الكثير من الإنجازات، ونسأل الله الكريم أن تكون في موازين حسناته.. تأملت جموع المصلين الذين حضروا لتوديعه إلى مثواه الأخير رحمه الله.. فالتفت إلى نفسي لأجدني على غير العادة – أصلي بينهم.. فانسحبت كدمعة من عين رجل شهم.. فأنا لا أصلي على الأحياء.. رحم الله الحي في قلوبنا صدقاً ونزاهة الأستاذ عبدالمحسن العكاس.. وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان.. "إنا لله وإنا إليه راجعون".