هربت الكلمات من المعلمة تهاني الحمود خلال شرح الدرس في غرفة الصف، فتلعثمت وتوترت، ولم تعرف ماذا تقول، وزاد الموقف إحراجا أن ذلك كان بحضور المشرفة التربوية للمادة. تقول تهاني: "كنت أشرح الدرس للطالبات بشكل جيد، وجميع أموري على ما يرام، حتى جاءت اللحظة الحاسمة فرغبت في الاستعانة بمثال يدل على أن من تجتهد ستنال أعلى الدرجات، وهو مثل لم يكن من الصعب تذكره، فالجميع يردده صغارا وكبارا، وهو (من جد وجد ومن زرع حصد). وأضافت: "أعلم أنه من السهل تذكر هذا المثل، ولكن شاء القدر أن أنساه وهو على طرف لساني". وتابعت: "وقفت عاجزة عن التذكر والدهشة تظهر على ملامحي أمام الزائرة، وعلى الفور توجهت إلى السبورة لكتابة أفكار الدرس، علني أجد الملاذ، لحين تذكر ما أردت قوله ولكن دون جدوى". وتابعت الحمود قائلة: "حالة سيئة انتابتني وشرود ذهني لا يمكنني وصفه، وأنا أحاول جاهدة تذكر ما نسيت، فتارة أستنجد بالأحرف، وأخرى استعين بالكلمات المتشابهة، علني أجد ضالتي، وهكذا إلى أن قرع الجرس، وحان وقت الانتهاء من الحصة". وتضيف: شعور مؤلم ومحرج في آن واحد، نتعرض له أحيانا، حيث تكون المعلومة حاضرة في ذهن الشخص أو كما يشاع "على طرف اللسان"، وما أن يهم بذكرها أثناء الحديث يفاجأ بهروبها الخاطف الذي لم يكن بالحسبان، ومن ثم تبدأ المعاناة في البحث عنها، أو البحث حتى عن مفردات وأحرف قريبة منها، علها تكون المنقذ له والسبيل لمواجهة الحرج. ولم يكن "يوسف الرمضان" أفضل حالا من تهاني حيث قال: "بينما كنت ذات يوم برفقة أصدقائي وبجعبتي حكاية مميزة جدا كنت أنتظر حتى ينتهي صديقي أبو خالد من حديثه لسردها، رغبتي في إعلان رأيي دعتني لمقاطعة صديقي بمداخلات متتالية، حتى همس لي أحد الأصدقاء قائلا :"انتظر فلست في عجلة من أمرك أحرجت زميلنا أبا خالد من كثرة تدخلاتك"، عندها صمت، وما أن انتهى أبو خالد من حديثه حتى نظر إلي الجميع منتظرين أن أبدأ بذكر ما أردت، ولكن دون طائل أو جدوى..". وتابع الرمضان قائلا: "عندها نسيت ما أردت ذكره، وأصبحت في موقف محرج، والجميع ينتظر وأخذت أنظر إليهم بصمت، ولكن دون جدوى فلقد أصروا على السماع، ولكن الكلام هرب مني، فتمسكت بتلابيب الصمت إلى جانب ابتسامتي الباهتة. وقلت: "كانت والله على طرف لساني"، فغرقوا في الضحك". عن تلك الحالات قالت اختصاصية الإرشاد النفسي مريم العنزي: "تلك الحالة تسمى في علم النفس بالاحتجاز، وهي التي تؤدي إلى نسيان الكلام الحاضر، وقد يعتقد البعض أن تلك الحالة إنما تحدث نتيجة لضعف في الذاكرة، أو التقدم في السن، بينما الأمر على خلاف ذلك تماما، فالاحتجاز لا يكون إلا عندما يكون المخ مخزنا بكم هائل من المعلومات، وبصورة جيدة، ولكن لطارئ ما قد يمتنع الشخص من استعادتها". وبسؤالها هل تعتبر تلك الحالة مرضية؟ وما هي أسبابها؟ ، قالت: "هذه ليست حالة مرضية، وقد ترجع إلى الإفراط في تناول المشروبات المنبهة التي تحتوي على مادة الكافيين مثل القهوة، حيث لاحظ الباحثون أن هذه المادة تجعل الشخص يصعب عليه تذكر بعض الكلمات أو العبارات التي قد يحتاجها في مواقف معينة". واستطردت قائلة: "بعض الدراسات ذكرت أن الكافيين ينشط المخ، ويحسن اليقظة، وذلك عبر تعطيل العمليات الدماغية الأخرى، وهو ما يسفر أحيانا عن حالة احتجاز الكلمات التي كانت قريبة جدا إلى ذاكرة الشخص".