على أعتاب نهاية الربع الأول من العام الحالي، يكاد يكتمل السيناريو المتوقع أن يكون عليه سوق الأسهم السعودية هذا العام بارتفاعات متواصلة، وسط توقعات باستمرار تصحيح مسار السوق على طول العام، وتحذيرات من تكرار مشهدي عامي 2006 و2008، الذي من الممكن أن يتسبب فيه اندفاعات غير محسوبة. وعلى الرغم من المشهد المغري الذي ظهر فيه السوق خلال الفترة الماضية، وما تضمنه من آراء تفاؤلية، رجحت أن يشهد السوق عملية تصحيح تستمر إلى عام وأكثر، إلا أن هناك تحذيرات من أن يتعدى السوق مرحلة الأمان بمجرد تجاوزه لحاجز 10 آلاف نقطة. وقال الدكتور أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك عبدالعزيز أسامة فلالي ل"الوطن" أن السوق يعيش مرحلة انتعاش، محذراً في الوقت ذاته من حدوث فقاعة كبيرة في حال تعدي المؤشر العام حاجز 10 آلاف نقطة، معتبراً تعدي هذا الرقم بمثابة ناقوس خطر. وأشار إلى أن الطلب على أغلب الشركات ذات العوائد كبير جداً لأنها تحقق أرباحا، والربع الأول يثبت أنها تحقق أرباحا ربما تكون غير مسبوقة. وتوقع الفلالي أن يستمر السوق في تحقيق أرقامه الإيجابية على طول العام، وهو الأمر الذي يتفق معه علي الزهراني الرئيس التنفيذي لمركز المال والأعمال للتدريب، والذي رشح وصول السوق لمستويات ال9 آلاف خلال 2012. وأوضح الزهراني أن المرحلة التي عاشها السوق خلال الفترة الماضية تعد مرحلة ابتدائية لاستقطاب الناس لسوق الأسهم والأفراد بالتحديد، مشيراً إلى أنه ومنذ صيف 2011 إلى بداية 2012، كانت هناك مرحلة تسمى مرحلة مشاركة العامة من خلال رفع بعض الأسهم لإلفات النظر لسوق الأسهم، وهو الأمر الذي حدث في قطاع التأمين، حيث ضاعفت شركات التأمين قيمها حتى 4 مرات، إلى أن وصلت لمستويات سعرية عالية، مشيراً إلى أن ذلك كان بمثابة الشرارة التي أعطت المتداولين الإيحاء أن الوقت قد حان للاستثمار في سوق الأسهم. أما فلالي، فأوضح من جانبه، أن ما دعم حركة السوق خلال الفترة الماضية يتمثل في وجود سيولة كبيرة تبحث عن مجالات للاستثمار، في حين أن توجه الكثير من الأموال في الأراضي والعقارات أدى إلى ارتفاع أسعار الأراضي والعقارات إلى أرقام خيالية، إلى جانب أن الاستثمار في سوق العقار يتطلب مبالغ مرتفعة، لا تتوفر لدى الكثيرين، فيما سوق الأسهم تفتح الباب أمام أصحاب الأموال الصغيرة. وفي ذات السياق قال الزهراني، إن الوفرة المالية التي بدت واضحة من خلال مراقبة المعروض النقدي في البنوك ومراقبة حجم الصرف على البنى التحتية من قبل المشاريع الحكومية، ساعد على توجه السيولة لسوق الأسهم. وأشار إلى أن هناك عوامل أخرى دعمت وضع السوق مثل دورة الأعمال الموجودة في السوق المحلية وتنقلها بين سوق العقار وسوق الأسهم، إذ لوحظ أن سوق العقار وصلت إلى مستويات مرتفعة جدا منذ بداية 2009 حتى نهاية 2011، حيث تضاعف متوسط الأسعار أكثر من مرة ونصف، مضيفاً: "والآن أصبح هناك عملية جني أرباح في قطاع العقارات وخروج من قطاع العقار كوحدات وكمضاربة أكثر من تلبية احتياج حقيقي". وقال الزهراني إنه في حال كانت عودة الناس للسوق حالياً هي مجرد استثمار، فإن الكثير من المتعاملين لن يجدوا في السوق مبتغاهم الأساسي، إذ إن أكثر شركات السوق لا توزع أرباحا، وبالتالي الاستفادة تكون من عمليات المضاربة وعمليات تحسن الأسعار السوقية فقط. وأضاف:"أعتقد أن المؤشر في حال أنه وصل إلى مستويات مرتفعة فسيخرج عن نطاقات الحركة الطبيعية، وهنا لابد من إدارة الأموال والمخاطر بشكل حكيم، إذ لابد أن لا يتكرر ما حدث في السوق من انهيار في عامي 2006 و2008"، محذراً من أي اندفاع يؤدي إلى وجود حالة من الهلع في السوق وموجة بيع مكثف عشوائي من شأنها إحداث هبوط قوي. ولكن الزهراني اعتبر أن ما يشهده السوق حالياً هو سيناريو تصحيحي، ستليه ارتفاعات مجددا، مضيفاً: "لا أعتقد أن السوق ستدخل مرحلة انهيارات إلا إذا كسر حاجز 10 آلاف نقطة.