لم يكن بدر المالكي يتوقع أن جهاز الآيفون الذي أهداه لوالدته في "يوم الأم" لتكون أول سيدة مسنة في العائلة تستخدمه سيتحول إلى هدية أخرى من الوالدة لشقيقه، حيث منحت الوالدة هدية الابن إلى شقيقه الأصغر "آخر العنقود" كما تحب أن تسميه. قال المالكي إنه تفاجأ من والدته بهذا التصرف، ولم يعلق عليه خشية غضبها، ولكنها بادرته بالتبرير بأن شقيقه يحتاج إليه أكثر منها، وواصلت محاولتها لتبرير الموقف قائلة إنها لا تفقه شيئا في التقنية الحديثة. ولم تكن المعلمة صالحة الحارثي بأحسن حالا من سابقها، حيث أهدت والدتها غرفة نوم كاملة سعرها عشرة آلاف ريال بمناسبة يوم الأم، فقامت الوالدة بإعادة إهدائها لشقيقها الذي كان يستعد للزواج في تلك الفترة، وبينت صالحة أنها فوجئت بموقف والدتها والذي سبب لها صدمة، واعتبرت أن والدتها لم تقدر هديتها ولم تقبل بها طالما أنها أهدتها لشقيقها، ولكن بعد فترة من التفكير أدركت أن اعتياد أمها على العطاء دفعها إلى مساعدة خالها في زواجه بهذه الهدية. تقول أم إبراهيم "أهداني ابني هدية طالما كنت أتمناها وهي الذهاب لمكة المكرمة لأداء العمرة، ومن ثم إكمال الرحلة للذهاب للمدينة المنورة، وزيارة الرسول صلى الله عليه وسلم وكان لذلك الأثر الكبير علي"، وتابعت أن ابنها خيرها السفر للمدينة جوا أم برا ، فاختارت الأيسر لهما عن طريق الجو. وتشير الموظفة شريفة التركي إلى أنها أهدت والدتها خاتما بقيمة مرتفعة السعر، ففرحت الأم به ووضعته في أصبعها، ولم تمض ثوان حتى خلعت الخاتم وألبسته يد ابنتها الأخرى، مما سبب لها حرجا أمام شقيقاتها الأخريات واللاتي حضرن الموقف، وعندما سألت والدتها عن السبب فأخبرتها أنه أكثر ملاءمة على شقيقتها الصغرى، وأنها كبيرة في السن، ولا تناسبها هذه الموضة. سالم الشهري يقول إنه يعرف طبعا في والدته، وعادة درجت عليها، وهي عدم احتفاظها بالهدايا، مضيفا أنه كلما أهداها هدية يتفاجأ بأنها تهديها لآخر، قريبا كان أو بعيدا، وخاصة جيرانها، مما جعله يغير نمط الهدايا التي يقدمها لها، حيث أصبح يهديها أشياء لا يمكن أن تتصرف فيها، كتغيير موكيت المنزل، وشراء بعض الطاولات والأغراض التي يصعب "إعادة تدويرها" وفقا لقوله. ويرى الاختصاصي الاجتماعي بمستشفى الصحة النفسية بالمدينة المنورة عماد محمد رفاعي أن الهدية عامل مهم للتحاب بين أفراد المجتمع، فهي تعبير عن التقدير والوفاء والحب والامتنان، وغيرها من المعاني الإنسانية الجميلة، وهي تحدد وفقا لطبيعة العلاقة، والثقافة الشخصية. وأضاف أن الهدية لها مردود نفسي طيب على المهدى له، وهذا الأثر قد يكون سلبيا أو إيجابيا حسب ثقافة الأسرة وتعاطيها مع مثل هذه اللفتات الجميلة بين أفراد الأسرة الواحدة. وأرجع رفاعي قيام الأم بإعادة إهداء الهدية إلى طبيعة الأم العربية التي اعتادت على البذل والعطاء والإيثار، حيث لا يشغل بالها إلا مصلحة أبنائها. ولكنه استطرد قائلا "ينبغي على الأم أن تقدر المهدي لها الهدية ولو لفترة من الزمن، وإظهار الفرح والسرور بالهدية، وبمن جاء بها، ثم تتصرف بعد ذلك في الهدية كيفما تشاء إن لم تكن بحاجة لها.