من فيلا داخل مجمع سكني فخم (كامباوند) وفرت لها الحماية وسط مدينة الخبر، تمارس وافدة عربية عملها في مشغلها غير المرخص، وتقدم فيه خدمات متنوعة تجاوزت قص الشعر والمكياج إلى تحويل المشغل إلى عيادة جلدية. كل ذلك يتم من دون رخصة أو شهادة في هذا التخصص إضافة إلى عدم توفر الاشتراطات الصحية اللازمة ما يهدد بانتشار أمراض وحدوث مضاعفات خطيرة للمتعاملات مع هذه النوعية من المشاغل غير المرخصة والتي يبلغ عددها حسب إحصائيات غرفة الشرقية، 400 مشغل تزاول نشاطها بدون تراخيص وبعيدا عن الأجهزة الرقابية. تمكنت "الوطن" من دخول الفيلا المعنية والتقت عددا من العاملات فيها، واطلعت على الخدمات التي يقدمنها لضحاياهن من الزبونات اللواتي يجهلن خطر ما يحاك ضدهن طمعا في المال دون وجه حق وبأسوأ الطرق التي قد تعود عليهن بالضرر. "دنيا" والشهادات تساؤلات كثيرة كانت تدور لدى محرر ومحررة "الوطن" كيف تمكنت هذه السيدة من تأجير الفيلا؟ وكيف تمكنت أيضا من جلب العاملات من الجنسية الفلبينية، وكذلك موظفة الاستقبال الإثيوبية التي تجيد التحدث باللهجة السعودية؟ عندما دلفت محررة "الوطن" إلى داخل الفيلا وجدتها تضاهي المشاغل الأخرى من حيث التنظيم والاستقبال ومقاعد الجلوس والتجهيزات المعتادة في المشاغل مع غياب أجهزة التعقيم، إلا أنها لم تلحظ أي شهادات أو رخص رسمية، فسألت العاملات فأجبن أنهن يقدمن كل الخدمات من قص وصبغ الشعر والمكياج والعيادة الجلدية التي تهتم بالبشرة وتجري عمليات التقشير وغيره من الخدمات، إلا أن مديرة المشغل "دنيا" وهي من جنسية عربية أوضحت أن مثل هذه الخدمات لا تحتاج إلى شهادات طبية وأنها تمارس عملها بالخبرة، في الوقت الذي لم تعلق على وضع العاملات معها وكيف تم توظيفهن؟ صاحب الفيلا وبعد عدة محاولات توصلت "الوطن" إلى صاحب الفيلا عبدالله الغامدي الذي برر عدم وجود التراخيص بعدم تعاون البلدية معه، ومنحه ترخيصا لمزاولة عمله في الفيلا التي استأجرها داخل المجمع السكني، مؤكدا أن العاملات على كفالته الشخصية ويمارسن عملهن منذ سنة وسبعة أشهر بدون أن يتلقين أي شكوى من أي زبونة، واعدا بأنه سيسعى إلى تصحيح وضعه. منافسة من جانبها كشفت رئيس لجنة المشاغل النسائية بغرفة المنطقة الشرقية شعاع الدحيلان في تصريح إلى "الوطن" أمس، عن وجود 400 مشغل نسائي مخالف في الشرقية، تمارس أعمالها بدون تراخيص وتقدم خدمات سيئة المستوى بأسعار رخيصة في الغالب مستغلة عدم المقدرة لبعض العائلات لدفع مزيد من المال ما يشكل تهديدا لقرابة 3800 مشغل نسائي اقتصاديا، مبينة أن عددا من المشاغل الشهيرة أغلقت بسبب عدم مقدرتها على الاستمرار نتيجة هذا التنافس. وأضافت الدحيلان أن الأمر لم يعد يقتصر على المشاغل فهناك بعض السيدات في الغالب غير سعوديات يقمن بزيارة المنازل لتقديم هذه الخدمات بأسعار عالية جدا وبدون ترخيص مما يستوجب اتخاذ إجراءات صارمة للحد من هذه الظاهرة. وكشفت الدحيلان أن المخالفات التي ترتكبها هذه المشاغل كثيرة، وتستغل غياب الرقابة لممارسة أعمالها فتحولت بعضها إلى ملجأ للخادمات الهاربات، وتعمل بعضها على تأجير الخادمات، كما تنظم حفلات "دي جيه" وتؤجر صبابات القهوة والشاي في الحفلات، إضافة إلى قيام بعض المشاغل بتنظيم دورات تدريبية غير مصرحة. آثار صحية واقتصادية سيدة الأعمال هناء الزهير وجهت انتقادها للبلديات التي تقع عليها المسؤولية الرقابية للحد من انتشار هذه الظاهرة والتي أثرت اقتصاديا وصحيا على المجتمع حيث تعاني المستثمرات في هذا المجال من تعقيدات الجهات الحكومية للحصول على تراخيص مما يدفع البعض لارتكاب المخالفات والعمل بعيدا عن الرقابة بأسعار منخفضة وخدمات لا تخضع للاشتراطات الصحية. كما انتقدت الزهير قرار رسوم الدورات التدريبية التي طبقت مؤخرا على بعض المهن من بينها العاملات في المشاغل مبينة أنها زيادة أعباء مالية على المستثمر لاسيما وأنها عديمة الفائدة نظرا لضعف هذه الدورات. وطالبت بضرورة أن تخصص البلدية أرقاما للإبلاغ عن مثل هذه المخالفات وزيادة الحملات التوعوية الاجتماعية في هذا الجانب للحد من هذه المشاغل وما تقوم به من ممارسات تؤثر سلبا على الاقتصاد والصحة العامة. لا تراخيص من جانبه أوضح رئيس بلدية محافظة الخبر المهندس عصام الملا في تصريح إلى "الوطن" أن البلدية لا ترخص أي مشاغل نسائية داخل المجمعات السكنية المغلقة، وأن وجود بعض هذه المشاغل يتم التعامل معه بعد ورود شكوى رسمية، مبينا أن قيام بعض المشاغل بالعمل في الخفاء ووجود مخالفات متعددة يدخل أيضا في اختصاص عدد من الجهات الحكومية الأخرى مثل مكتب العمل والجوازات وغيرها من الجهات ذات العلاقة. لجنة الدهم وأشار مصدر في أمانة المنطقة الشرقية أمس، إلى أن المشاغل المرخصة الواقعة في مجمعات سكنية تخضع للجنة مشكلة من عدة جهات ويتم دهمها بالتنسيق مع الشرطة وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفرق المراقبات وصحة البيئة التي تم تشكيلها منذ ما يقرب العام وأسندت إليها مراقبة المشاغل النسائية. وبحسب تقارير متعددة فإن أمانة منطقة الشرقية رصدت أكثر من 80% من المشاغل النسائية مخالفة للتراخيص واشتراطات السلامة، إذ أغلبها تعمل من دون رخصة محل، ووفقا لآخر إحصائية فإن في شرق الدمام يوجد 52 محلا، وفي غربه 22 محلا. ويقول مراقبون ل"الوطن" إن الكثير من المشاغل متعددة الأنشطة من رياضة إلى تجهيز مطاعم وأدوات طبية وتستخدم مواد خطرة تؤدي إلى انتشار الأمراض، كما أن بعض المشاغل تقدم الخدمات الصحية غير المرخصة، ما أدى إلى إيقاف العمالة فيها بسبب تعرض مرتادي هذه المشاغل لأمراض وتسمم، حيث تبين عند الكشف على بعض العاملات أن لديهن أمراضا جلدية وتناسلية. وما يؤدي إلى تناقل الأمراض عبر هذه المشاغل هو وجود أجهزة تخسيس وأجهزة تخريم الأذن وحقن الكولاجين وجهاز تنظيف البشرة في المشاغل، ومن دون علم صاحبة المشغل، وقد تم تغريم صاحبة المشغل المخالف في وقت سابق من عشرة آلاف ريال إلى 50 ألف ريال. قرار الأمانة وكانت أمانة المنطقة الشرقية قد أصدرت أخيرا قرارا يلزم أصحاب المشاغل النسائية التي تحوي "ردادات خارجية" بإزالتها فورا وجاء ذلك بعد الزيارات الميدانية التي قامت بها المراقبات الصحيات. وكشفت زيارة لمندوبيها عن وجود 43 منشأة مخالفة وقد تم بسببها إصدار هذا القرار لكونها غير ملائمة وغير مطابقة فنيا ولأن الرصيف ملك للمشاة وليس ملكا للصالون، وتم منحهم مهلة للعمل على تصحيح أوضاعها بما يتماشى مع الاشتراطات الصحية والأنظمة البلدية، وأكدت الأمانة أن هناك المزيد من الجولات الميدانية، إضافة إلى قيام القسم النسائي بمسح شامل لجميع الأنشطة النسائية في حاضرة الدمام ضمن خطة مجدولة على مدار الأسبوع للفترتين الصباحية والمسائية. ويأتي ذلك في ظل معاناة هذا القطاع من مشكلات وفقا لمراقبين، تبدأ من عدم توفر أيد عاملة سعودية مدربة، حيث تنقصنا الخبرة في مجال تصفيف الشعر، فهذه المشكلة قد تؤدي إلى عرقلة العمل أحيانا، وتدني مستوى الخدمة المقدمة، ومن الصعب حاليا أن يتم استقدام عمالة؛ وذلك ليتماشى مع سياسة توطين الوظائف النسائية، وهذا الأمر يحقق منفعة عامة، إلا أن نقص الخبرة وغياب التدريب الأكاديمي المعتمد يعد أبرز معوق؛ إذ إن التدريب في قطاع التجميل معدوم تماما في ظل عدم وجود أكاديميات متخصصة تقدم مناهج دراسية عن التجميل، وبشهادات معتمدة. غياب التدريب وبحسب تأكيدات عدد من العمال في هذا القطاع فإنه من المفترض ألا تقل مدة التدريب عن عامين، وأن يتم التدريب وفق آليات حديثة على أيدي مدربات من الخارج، يتم استقدامهن لفترة للاستفادة من خبراتهن؛ لأن نقص الخبرة وغياب التدريب سيؤديان إلى تدنٍ أكثر من حيث الخدمات والكفاءة في القطاع؛ لما للتدريب من أهمية بالغة للنهوض وتحقيق أفضل المستويات، مع العلم أن غياب التدريب والكفاءات النسائية الوطنية المدربة يولد سلسلة معوقات؛ لأن نقص الأيدي العاملة قد يؤدي إلى سلبيات تقع على المشاغل النسائية، ومن هنا تتكاثر المعوقات بدلا من أن تتقلص وتصبح هنالك فجوة بين أعداد المشاغل الكثيرة وعدم القدرة على تلبية الطلب من قبل الزبائن. وأدى ذلك إلى ظهور مطالبات بتدريب احترافي مهني وليس تجاريا استثماريا، وأن من المعوقات التي تواجه المشاغل تتمثل في العشوائية في العمل، وغياب الرقابة عن مشاغل تقدم خدمات غير مسموح بها وغير مرخص لها بالعمل، حيث يصبح هناك تضارب وفوضى. ومع ذلك لوحظ أخيرا عدم استمرار الكثير من المشاغل في العمل، ما يراه العديد من المتابعين أن السبب هو في عدم القدرة والأهلية على العمل؛ إذ إن المسألة موهبة وتدريب مهني احترافي على العمل اليدوي، وليست استثمارا فقط، فلا يمكن أن يصلح الاستثمار في مهنة تعتمد على الموهبة والإبداع؛ لذا عدم النجاح يكون هو المصير لمن تحاول أن تستثمر دون رغبة حقيقية وفعلية لهذا القطاع؛ لذا أود تذكير الفتيات بأهمية التدريب والتسلح بالمهارات التدريبية في كل ما يتعلق بعالم المكياج وتصفيف الشعر تحديدا. مستحضرات محظورة بدوره قال خبير التجميل العالمي أشرف النجار ل"الوطن" إن 40 % من المشاغل تستخدم بعض المستحضرات القاتلة التي تحتوي على مادة الكيراتين الذي يعد أخطر الأنواع ويستخدم في فرد الشعر، وهيئة الغذاء والدواء منعت تسع أنواع من مستحضرات التجميل التي تحتوي على هذه المادة، بسبب أنها تؤدي إلى الوفاة عند استنشاقها كونها مادة تستخدم في التحنيط، وأشار إلى أن انتشارها يكون في المشاغل غير المرخصة كونها بعيدة عن الرقابة، إضافة إلى أن هذه المشاغل قد تؤثر على صحة النساء، كون من يعملن فيها عادةً لا يحملن مؤهلات علمية أو تدريبيا للعمل في هذا المجال أسوة بالدول الأخرى التي تتم فيها دراسة هذه التخصصات.موضحاً أن 90 ِ% من عاملات المشاغل هم من الوافدات. مطالبا بضرورة التدريب وتأهيل الفتاة السعودية وتأسيسها بالشكل الصحيح للعمل في هذا المجال.