تسلَّم ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة أمس التقرير النهائي للَّجنة الوطنية المعنية بتوصيات تقرير اللجنة المستقلَّة لتقصِّي الحقائق. وقال في كلمة بالمناسبة إن "إنشاء لجنة لتقصي الحقائق كان حدثاً فريداً في المنطقة والعالم على حد سواء، ويمثّل جزءا من تاريخنا الذي نفخر ونعتز به، إذ كانت توصياتها واسعة النطاق، ويمثِّل تنفيذها تحدياً كبيراً في حد ذاته". وأشار إلى أن القيادة السياسية في المملكة تعاهدت على عدم تكرار مثل هذه الأحداث المؤلمة، وأن تأخذ منها الدروس والعبر، كمحفِّز لإحداث التغيير الإيجابي. وأضاف "هذا التقرير يدل على حدوث ذلك التغيير الذي ننشده، حيث خلص إلى اتخاذ الحكومة لخطوات مهمة في انتهاج الشفافية المستمدَّة من قيم الديموقراطية، وتم وضع الآليات الإدارية والقانونية اللازمة لتنفيذ ما يتطلَّب تحقيقه من خطط متوسطة وطويلة المدى، وشمل ذلك إصلاح القطاع الأمني والقضائي وتحسين المناهج التعليمية ووضع خطة مفصَّلة لإصلاح الإعلام والعمل من أجل ضمان إعادة الموظفين إلى أعمالهم، ووضع خطط التعويض لضمان توفير سبل الإنصاف للمتضررين في أقرب وقت ممكن، وبدء برامج لتحقيق لمّ الشمل الوطني في المجالات الاجتماعية والاقتصادية، وإنشاء مكتب مستقل لأمين عام التظلُّمات بوزارة الداخلية ومكتب مستقل للمفتش العام بجهاز الأمن الوطني، والأهم من ذلك إنشاء وحدة خاصة للتحقيق للمساءلة في الأحداث التي وقعت العام الماضي". وأشاد آل خليفة بجهود الحكومة وجديتها في تنفيذ التوصيات على الوجه الأمثل خلال فترة زمنية قصيرة، وتابع "هذه السرعة في الإنجاز والجودة في العمل هي ما ندعو إليه ونتمناه في جميع أعمال الحكومة وليس في تنفيذ التوصيات فحسب، ونأمل من السلطة التشريعية من جانبها أن تسرع في إقرار مشاريع القوانين ذات العلاقة والمحالة إليها من قبل الحكومة. ولقد شهدنا إقرار مشاريع قوانين متعلِّقة بحرية التعبير وكذلك تعريف جريمة التعذيب كما تم اقتراحه العام الماضي". واختتم بقوله "إن وحدتنا الوطنية هي الحصن الحصين لهذا الوطن، ونحن إذ نقدر عالياً التزام الحكومة بتنفيذ التوصيات، فإن المسؤولية الوطنية تقع أيضاً على جميع أفراد المجتمع والجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني، ليقوموا بدورهم المطلوب في المشاركة والرقي بالممارسة الديموقراطية وفق القانون والنظام العام، ومرة أخرى على الجميع أخذ العبر مما مرّ بنا من أحداث، والاستفادة من التجربة، والمضي نحو المستقبل بخطى واثقة ونوايا صادقة". وكان رئيس مجلس الشورى رئيس اللجنة الوطنية علي بن صالح الصالح قد ألقى كلمة في بداية الحفل أكد فيها أن اللجنة عملت باستقلال وحيادية لمتابعة تنفيذ التوصيات والتأكد من أن ذلك تم وفق أفضل المعايير والممارسات الدولية. وقال "قمنا بوضع الأسس اللازمة للمضي قدماً، آخذين بعين الاعتبار التباين الكبير بين متطلَّبات تنفيذ التوصيات على النحو الذي سيأتي تفصيله، ففي حين أن بعض التوصيات تتطلب إجراءات محدَّدة وواضحة يمكن تنفيذها مباشرة من خلال إجراءات تشريعية أو إدارية أو من خلال السلطة القضائية، نجد أن البعض الآخر يتطلب تغييرات هيكلية على المؤسسات المعنيَّة أو بناء قدرات عن طريق التدريب أو التأهيل، وهناك من التوصيات ما يتطلَّب تغيير ثقافات ووضع برامج واستراتيجيات تتطلب زمناً لرؤية آثارها على أرض الواقع". وأضاف "من أجل التنفيذ الأمثل للمهمة التي كُلِّفنا بها، شكَّلت اللجنة فرقاً لدراسة التوصيات كلا ضمن نطاق اختصاصه. وتولت الفرق مسؤولية الشؤون التشريعية، وشؤون حقوق الإنسان، والمصالحة الوطنية. كما استقبلت اللجنة البروفيسور محمود شريف بسيوني وعدداً من الخبراء وعقدت معهم اجتماعين منفصلين. وذلك في إطار الالتزام الفعلي والجهود الحثيثة التي بذلها أعضاء اللجنة الوطنية للوفاء بواجباتهم على أعلى درجات الكفاءة والسرعة لضمان حسن تنفيذ التوصيات بما يلبي هدف تحقيق تقدم بحلول نهاية شهر فبراير. وقد لاقت اللجنة في جميع مراحل عملها التعاون والشفافية من الحكومة الموقرة التي عملت على تقديم الدعم والمساندة لإنجاح مهمتها الوطنية واستجابت للتوصيات والمقترحات التي وضعتها اللجنة". كما أشاد الصالح بقرار النائب العام بإسقاط جميع التهم المتعلقة بحرية التعبير.