سيطرت توقعات الخبراء وعلى رأسهم أسطورة كرة القدم الألماني فرانز بيكنباور أن تشهد بطولة كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا كرة هجومية قوية، وعدداً جيداً من الأهداف بسبب برودة الطقس في جنوب أفريقيا خلال فترة المونديال. وأعتقد البعض أن برودة الطقس ستساعد فرق أوروبا بشكل خاص على التألق في هذه البطولة، لكن على العكس، كان لمنتخبات أمريكا الجنوبية اليد العليا، حيث تأهلت جميعها إلى دور ال16، للمرة الأولى في تاريخ بطولات كأس العالم. وفي نفس الوقت شهدت البطولة تأهل أقل عدد من المنتخبات الأوروبية في تاريخ البطولة إلى الدور الثاني، حيث تأهلت ستة منتخبات فقط لدور ال16 من بين 13 منتخبا أوروبياً. وكان منتخبا إيطاليا حامل اللقب ووصيفه الفرنسي من بين الضحايا الأوروبيين في هذه البطولة، بينما كانت القارة الأفريقية التي تستضيف البطولة للمرة الأولى هي الأكثر خسارة، حيث شاركت في البطولة بستة منتخبات لم يتأهل منها للدور الثاني سوى المنتخب الغاني بينما أصبح منتخب جنوب أفريقيا أول منتخب مضيف يودع البطولة من دور المجموعات. ويبدو أن برودة الطقس أصابت المهاجمين بالتجمد، حيث تواجه البطولة خطر تدوينها في سجلات المونديال بأنها الأقل من بين جميع بطولات كأس العالم في متوسط الأهداف. ورغم الفوز الساحق للبرتغال على كوريا الشمالية 7/صفر وثلاثية جونزالو هيجوين التي قاد بها الأرجنتين للفوز على كوريا الجنوبية لم تشهد البطولة سوى 101 هدف في 48 مباراة (في الدور الأول) من بين 64 مباراة تشهدها البطولة حتى نهايتها ليصل معدل التسجيل إلى 2.10 هدف في المباراة الواحدة. ووصل متوسط تسجيل الأهداف في مونديال 1954 بسويسرا إلى 5.38 هدفاً في المباراة، لكن أي بطولة أخرى لم تصل إلى هذه النسبة، أما أقل متوسط فكان في مونديال 1990 بإيطاليا ووصل إلى 2.21 هدف في المباراة، وهو ما يزيد على متوسط التسجيل في البطولة الحالية حتى الآن. وشهدت مباريات الدور الأول للبطولة ثلاث مباريات فقط انتهت بالتعادل السلبي ولكن عشر مباريات أخرى انتهت بفوز أحد الفريقين 1/صفر. وعلى مدار 48 مباراة في الدور الأول لم تكن هناك سوى 18 مباراة فقط شهدت أكثر من هدفين، ولم تشهد البطولة حتى الآن أي أهداف من الأرجنتيني ليونيل ميسي أو الإنجليزي واين روني، لكن ميسي أظهر بالفعل إمكاناته العالية حتى أصبح المنتخب الأرجنتيني هو الوحيد مثل المنتخب الهولندي الذي يفوز بجميع المباريات الثلاث التي خاضها في مجموعته بالدور الأول للبطولة. كما تأهلت منتخبات البرازيل وباراجواي وأوروجواي دون أن تتعرض لأي هزيمة في الدور الأول، وأكمل منتخب تشيلي النجاح الباهر لممثلي قارة أمريكا الجنوبية في البطولة الحالية حيث تأهل للدور الثاني رغم هزيمته 2/1 أمام المنتخب الإسباني، وقال صانع ألعاب منتخب أوروجواي السابق إنزو فرانشيسكولي"مراحل تصفيات قارة أمريكا الجنوبية المؤهلة للمونديال هي الأصعب مما يجعل الفرق المتأهلة منها هي الأقوى. وكان للمنتخب الأرجنتيني سقطة مدوية في التصفيات عندما خسر 1/6 أمام بوليفيا. وتتضمن التصفيات 18 مرحلة حيث تقام بنظام دوري من دورين بين جميع المنتخبات الموجودة في هذه القارة والتي يخوض كل منها المباريات ذهابا وإيابا مع جميع المنافسين التسعة. وقال النجم البرازيلي الشهير كاكا إن هذه التصفيات كانت ببساطة "مثل الحرب"، بينما أضاف فرانشيسكولي سببا آخر للنجاح الحالي قائلا "معظم المحترفين يلعبون في أوروبا، إنهم أكثر مرونة في المجال الخططي ويعرفون المنافس الأساسي". ومن المؤكد أن فريقا واحدا على الأقل من قارة أمريكا الجنوبية سيودع البطولة عبر مباريات الدور الثاني حيث يلتقي منتخبا البرازيل وتشيلي سوياً بينما يلتقي منتخب أوروجواي مع كوريا الجنوبية وباراجواي مع اليابان والأرجنتين مع المكسيك ويمكنهم جميعا بلوغ دور الثمانية. أما المنتخبات الأوروبية الستة التي تأهلت لدور الستة عشر فسيتقلص عددها إلى النصف في دور الثمانية حيث يشهد الدور الثاني ثلاث مواجهات أوروبية خالصة فيلتقي المنتخب الألماني نظيره الإنجليزي وتلعب هولندا مع سلوفاكيا وإسبانيا بطلة أوروبا 2008 مع البرتغال. ونتيجة لذلك، يبدو غير المرجح أن يفوز منتخب أوروبي بلقب البطولة الحالية، علما بأن المنتخبات الأوروبية لم يسبق لها الفوز بأي لقب في بطولات كأس العالم التي أقيمت خارج قارتها على مدار تاريخ البطولة. وتعرض المنتخب الفرنسي للأزمات داخل وخارج الملعب، بينما كان المنتخب الإيطالي مجرد شبح لما كان عليه الفريق في البطولة السابقة عندما توج باللقب عام 2006 بألمانيا ليخرج المنتخبان صفر اليدين، وبالتالي أصبحت البطولة الحالية أول بطولة في تاريخ كؤوس العالم تشهد خروج حامل اللقب ووصيفه من الدور الأول. ولم يجد المنتخب الدنماركي الطريقة التي يتغلب بها على المنتخب الياباني، بينما فشل المنتخب السويسري في التغلب على نظيره الهندوراسي المتواضع كما خرج المنتخب الصربي من البطولة بعد السقوط أمام أستراليا. كما قدمت المنتخبات الأفريقية مستويات أقل كثيرا مما كان متوقعا منها فخرجت منتخبات كوت ديفوار والكاميرون والجزائر ونيجيريا ومعها منتخب جنوب أفريقيا صاحب الأرض. بينما كان المنتخب الغاني هو الوحيد من فرق القارة السمراء الذي أفلت من الخروج المبكر. وخاضت منتخبات أفريقيا 18 مباراة في الدور الأول للبطولة حققت الفوز في ثلاث منها فقط لتؤكد فشلها مجددا وأنها ما زالت بحاجة إلى وقت طويل لتنافس على المستوى العالمي. وقال المدرب الألماني وينفرد شايفر الذي قاد المنتخب الكاميروني في مونديال 2002 بكوريا الجنوبيةواليابان "قلت قبل سنوات إنه عندما يصبح التنظيم والمكافآت على خير ما يرام، ويكون هناك المدرب المناسب، ويكون لديه الوقت للعمل بشكل متقن ستكون لدى منتخبات مثل كوت ديفوار ونيجيريا وغانا والكاميرون الفرصة للوصول إلى نهائي كأس العالم".