للأسف أن بعض من يتعاطى مسائل الخلاف والآراء لا يتشبث إلا بالجانب الذي يرى أنه مظلم، فيحاول إضاءته، وهو لا يعلم أنه يُحرق نفسه بمحاولاته الإضاءة، فعلى سبيل المثال وجدت أن جُل من تعامل مع مقال الأستاذ تركي الدخيل المنشور في "الوطن" العدد 4170 بتاريخ 29/2/ 2012 الذي كان تحت عنوان "لا للتشبيح الاحتسابي" تعامل معه بأنه مقال سلبي، قُصده منه التشكيك في الهيئة وعملها، والبعض ذهب أبعد من ذلك بكثير! لقد قرأت المقال وهو يعالج بعض السلبيات، وبغض النظر عن ردات الفعل المتشككة سأتطرق مباشرة لبعض من الإضاءات الواردة في المقال، ولعل أبرزها ما ذكره الكاتب حين قال: (طمست بعض أعمال الهيئة القاعدة الشرعية "لا إنكار في مسائل الخلاف") وهذه نقطة مهمة يجب التنبه لها من الجميع، فمسائل الخلاف ليست بالأمور القطعية التي يجب على الجميع الامتثال لها تحت ظل رأي واحد.. بل يتبين ذلك من مسماها (خلاف) فليس من المعقول أن يجزم أحد في الميدان بصدقية رأيه في نقاط خلاف(ما)، نقطة أخرى تطرق لها الكاتب وكانت إضاءاتها كالشمس عندما قال: "مثلاً لا تلتفت الهيئة لمفهوم الحسبة الأول في زمن عمر بن الخطاب حين كانت الحسبة تعنى بالغش أو الخداع أو التغرير أو غيرها من الأفعال المحرمة بالإجماع" هنا يجب التوقف.. والتوقف طويلاً أيضاً، فالمتأمل لهذه الأمور يجد أنها هي فعلاً معضلة المجتمع اليوم والجميع يتنادى للقضاء عليها، فلماذا غابت الهيئه عنها ولو بالحديث فقط؟! أنا لا أشك أن الهيئة تعي أهمية هذه الأمور التي ذكرها الكاتب، ولا أشك أيضا بأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان أعلم بمصلحة الأمة منا جميعاً عندما جعل أولوية الحسبة بهذه الأمور التي إن صلحت صلحت بقية الأمور وإن فسدت فسدت بقية الأمور، لكن يبدو أن الهيئة لديها وجهة نظر مغايرة في الأولويات! وقد يقول قائل بأن هذه الأمور التي كانت عليها الحسبة في زمن الخلافة لا تنطلي اليوم ضمن مهام الهيئة! ولأجل هذا نقول بأن الهيئة تحتاج إلى إعادة نظر في مفهومها للحسبة أولا ثم كيفية تعاطيها مع المفهوم الصحيح للحسبة وكذلك في الهيكلة وكيفية التنسيق والإشراف على كل من له دور في الحسبة، سواء كان هذا الدور يطغى عليه الطابع الرسمي أو الاجتماعي، فلماذا التخوين يا أحبتي ونحن نريد شمولية الحسبة كما كانت في عهد الخلافة؟! نقطة أخيرة استنبطتها من الكاتب في مقاله الأخير، أنه يجب على كل من يدافع عن الهيئة أن يجعل لجمعيات الرقابة وحماية المستهلك وهيئة مكافحة الفساد شيئا من هذا التغني والتمجيد والدعاء.. فمن منطلق الحسبة في زمن الخلافة الإسلامية يتبين أن كل هؤلاء هم أهل حسبة، وأهل رسالة سامية يشتركون بها مع الهيئة، وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. تساؤل: الكل ينتقد هذه الجمعيات الحكومية، مثل هيئة مكافحة الفساد وحماية المستهلك وبشدة متناهية.. لكن لم يرد أحد على المنتقدين بأنهم خونة وتغريبيون؟! عويد السبيعي الرياض