ينصح الأطباء المختصون في أمراض السكري والنساء والتوليد، المرأة المصابة بالسكري التي ترغب في الحمل، بضرورة إطلاع طبيبها على هذه الرغبة قبل الحمل، وذلك من أجل التخطيط للحمل الآمن من خلال المتابعة لضبط سكر الدم في مرحلة ما قبل الحمل، بتقليل مضاعفات السكري على الجنين، خاصة في مرحلة التكوين الأولى، والتي تحدث بين الأسبوع الرابع والثامن. وأكد استشاري أمراض النساء والتوليد ومساعدة الإنجاب بمستشفى دلة الدكتور ناجي حسين عيد، ضرورة إعطاء السيدات اللاتي يعانين من نوبات انخفاض السكر المتكررة اهتماما أكثر، وتعليمهن كيفية التعامل مع تلك المشكلة. فيما شدد أيضا على أن إصابة الأم بمضاعفات السكري مثل اعتلال الأوعية الدموية، والكلى السكري يؤثر بصورة مستقلة على الجنين، حيث يؤدي إلى تراجع نموه داخل الرحم، كما أن تلك الأجنة قد تعاني من مشكلات أخرى مثل الإجهاد التنفسي الحاد، وانخفاض سكر الدم، وانخفاض نسبة الكالسيوم في الدم، وكذلك ارتفاع نسبة صفار الدم، كما لوحظ أن نضوج الرئتين يتقدم بوتيرة بطيئة، ويمكن تقدير نسبة التأخر في نضوج الرئة بحوالي أسبوع إلى أسبوعين مقارنة بأجنة الأمهات غير السكريات. وأوضح أنه ينبغي الانتباه لهذه النقطة عند تحديد موعد الولادة، وغالباً ما تنصح الأم بأخذ حقنتين من دواء الديكساميثازون لتسريع نضوج رئتي الجنين تحسباً لحدوث ولادة مبكرة. وقال الدكتور عيد إنه بالإضافة لكل تلك المشكلات فإن مشكلة كبر حجم الجنين من أم مصابة بالسكري قد يصعب من عملية الولادة، ويزيد من معدل الولادة القيصرية، وكذلك مضاعفات الولادة الطبيعية، حيث تبلغ نسبة حدوث مشكلة كبر حجم الجنين بحوالي 20% بين السيدات اللاتي يعانين من سكري الحمل، بينما ترتفع تلك النسبة إلى 35% بين السيدات اللاتي يعانين من السكري قبل حدوث الحمل. وأكد أن حجم الجنين ومعدل الوفيات في الولادة يرتبطان بارتفاع مستوى السكر بالدم ويمكن تلافي كلا المشكلتين بضبط مستوى السكر إلى المعدل الطبيعي خلال فترة الحمل، مشيرا إلى أن هناك دراسات أشارت إلى أن تأثير السكري يمتد إلى الأطفال بعد الولادة بوقت طويل، حيث إن هناك بعض الأدلة على مواليد لأمهات مصابات بداء السكري، حيث لوحظ ارتباط تاريخ إصابة الأم بالسكري مع حدوث بعض المشكلات الصحية مثل صعوبات النطق، واضطراب حركة العين، وبعض المشكلات الاجتماعية، كما لوحظ ظهور بعض المشكلات بعيدة الأمد مثل اضطراب تحمل السكر، وحتى الإصابة بمرض السكري. ونصح الدكتور عيد السيدات المدخنات بضرورة التوقف عن التدخين لما تحمله تلك العادة من خطر على الجنين، ودعا أيضا إلى إيقاف الأدوية ذات التأثير السلبي على تكوين الجنين مثل بعض أدوية الضغط، ومضادات الاكتئاب، وخافضات الدهون والسكر الفموية. وأشار إلى أن اهتمام الفريق الطبي بداء السكري ومضاعفاته ينبغي ألا يجعل الفريق الطبي يتناسى الإجراءات العامة المتبعة في متابعة السيدات قبل وأثناء الحمل مثل نصح السيدة بتناول أقراص حمض الفوليك تجنبا لحدوث مضاعفات القناة العصبية عند الجنين. وقال أخصائي أمراض الباطنية والسكري بمستشفى دلة بالرياض الدكتور أحمد خربوطلي، "في هذه المرحلة تبدأ السيدة بالمشاركة في برامج التثقيف الصحي التي تهدف لرفع مستوى الوعي لديها وتدريبها على أساليب المتابعة الذاتية، ودلالات نتائج فحص مستوى السكر بالدم، مع عدم إغفال وضع المحفزات التي تساعد السيدة على استمرارية الاهتمام بالمشاركة في تلك البرامج. وأضاف أن من ضمن تلك المحفزات حلقات النقاش الجماعي التي تساعد على ربط السيدة بسيدات أخريات تتشارك معهن نفس التجربة، وزيادة البعد الاجتماعي معهن لتقديم المساندة لهن وقت الحاجة. وأكد الدكتور خربوطلي أن هذا التقرب من السيدة المصابة بداء السكري يزيد بداخلها الإحساس بالأمان، ويعمق شعورها بأنها بين أيادٍ أمينة تساعدها في الحصول على حمل آمن، كما أن إعطاء السيدات الفرصة على المشاركة في الحوارات، والنقاشات، والفرصة لابتكار الوسائل الإيضاحية التي تساعد على إيصال المعلومات لباقي السيدات يجعل المشاركة في تلك البرامج مليئة بالإثارة والتشويق، وتضمن إلى حد كبير استمرارية المشاركة من قبل السيدات المستفيدات من تلك البرامج. ونوه الطبيب إلى أنه من خلال تلك البرامج ينبغي عدم إغفال مراجعة مهارات السيدات المكتسبة في طرق تعاملهن مع داء السكري قبل وبعد الحمل، ومن هذه المهارات كيفية التعامل مع داء السكري في مختلف الأوقات، والمقدرة على تنظيم الوجبات الغذائية، وضبط جرعات الأنسولين، وكيفية التعامل مع حالات انخفاض سكر الدم، وكيفية تغيير نمط الحياة.