استدعت مصر سفيرها في دمشق، وامتنعت بغداد عن توجيه الدعوة للرئيس السوري بشار الأسد لحضور قمتها العربية، فيما تباينت رؤى الدول الغربية حول الخطة المقبلة في سورية، تزامنا مع تصعيد لأعمال العنف بالمدن السورية لاحتواء الغضب ودعوات العصيان المدني. وقررت مصر استدعاء سفيرها لدى سورية فيما يبدو أنها أحدث خطوة في سلسلة خطوات دبلوماسية عربية هدفها زيادة الضغط على الرئيس الأسد لوقف عنف القوات الأمنية ضد الانتفاضة الشعبية في بلاده. وقال المتحدث باسم الخارجية المصرية عمرو رشدي "مصر علمت لاحقا أن الحكومة السورية قررت استدعاء سفيرها بالقاهرة. الخطوة المصرية رسالة بعدم رضا مصر عن بقاء الأوضاع في سورية على ما هي عليه". وفي بغداد، أكدت الحكومة العراقية عدم توجيهها الدعوة للنظام السوري لحضور القمة العربية التي ستعقد في بغداد أواخر الشهر القادم. وقال عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب عن ائتلاف دولة القانون سامي العسكري ل"الوطن" "الدعوات الرسمية الموجَّهة للدول العربية ستستثني سورية وموقف الحكومة بهذا الشأن طرحه رئيس الوزراء أثناء استقباله وزير الخارجية الإماراتي في السابع عشر من الشهر الجاري". في غضون ذلك، ترافقت التصريحات التي أدلى بها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون حول سورية بتصريحات تبدو معاكسة لما أدلى به وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا في واشنطن. فبعد أن قال المسؤولان الأوروبيان إن من الضروري تصعيد الدعم الدولي للثورة السورية، حذر بانيتا من أن القاعدة بدأت القيام بعمليات تسلل ملموس إلى الأراضي السورية. وفي المقابل واصلت تركيا اتصالاتها بالأردن في محاولة لتنسيق جهود إقامة ممرات آمنة للمساعدات الإنسانية. وقال بانيتا إن محاولات القاعدة التأكيد على دورها في سورية "تسبب قلقا لنا إذ إنه يعني أن الموقف أصبح أكثر سوءا لهذا السبب". وعلى الرغم من أن بانيتا قال إن بلاده لا تزال تسعى لتحديد حجم التواجد الفعلي للقاعدة فإن مسلسلا من التقارير التي تداولتها أجهزة الإعلام الأميركية نقلت حالة تشبه العودة لمراجعة أسس الموقف الأميركي من الأزمة في سورية وإن كانت تلك المراجعة في بدايتها. وثمة مؤشرات مبكرة تدل على أن هناك تيارا قويا في وزارة الخارجية لا يدعم موقف سوزان رايس سفيرة واشنطن في الأممالمتحدة الذي يبدو متشددا بقدر أكبر قليلا مما ترغب الوزيرة هيلاري كلينتون في إظهاره. والمعروف في واشنطن أن كلينتون ورايس ترتبطان بعلاقات متوترة وتمثلان منطقين مختلفين في التعامل مع قضايا العالم. وفي هذا السياق فإن تصريحات بانيتا بدت وكأنها تصب في قناة هيلاري من زاوية إظهار رايس وكأنها لا تدرك بدقة تعقيدات الموقف في سورية. غير أن ذلك لم يحل دون أن تتحرك تركيا بالتنسيق مع الدول العربية في اتجاه الدفع باتجاه المسار الآمن للمساعدات الإنسانية انطلاقا من افتراض أن الموقف يمكن أن يزداد تدهورا في سورية وأن روسيا والصين يمكن أن يغيرا موقفيهما في وقت لاحق. ويوضح المشهد العام في اللحظة الراهنة أن هناك تباينا ملحوظا في السياسات التي تتبناها الأطراف الدولية الأساسية تجاه الخطوة التي يتعين اتخاذها في الفترة المقبلة بشأن الأزمة السورية. وميدانيا، قتل عشرات الأشخاص بينهم مدع عام وقاض أمس بأعمال عنف في عدد من المناطق السورية، حسبما أفاد ناشطون. ففي مدينة إدلب (شمال غرب) اغتيل المدعي العام للمحافظة نضال غزال والقاضي محمد زيادة وسائقهما الشرطي عبدالقادر محمد برصاص "مجهولين". في هذه الأثناء تواصل القصف المتقطع للقوات النظامية على حي بابا عمرو في حمص، فيما تعرض حي باب السباع لإطلاق نار كثيف بحسب المرصد. يأتي ذلك فيما دعا ناشطون إلى عصيان مدني في دمشق أمس غداة تظاهرات حاشدة شهدها حي المزة. شهدت مناطق بدمشق انتشارا أمنيا وإقفالا للمتاجر غداة تظاهرة حاشدة وسط العاصمة أسفر قمعها عن سقوط قتيل. كما خرجت تظاهرات طلابية بمناطق الحجر الأسود والميدان وجوبر وبرزة بعد انتهاء الدوام الدراسي، بحسب اتحاد تنسيقيات دمشق. "محاولات القاعدة التأكيد على دورها في سورية تسبب قلقا لنا إذ إنه يعني أن الموقف أصبح أكثر سوءا لهذا السبب". بانيتا