غداة الموقف الحاسم الذي اتخذته الجامعة العربية تجاه الأزمة السورية، دعمت الأممالمتحدة أمس الموقف العربي بالإعلان عن تزايد وحشية النظام السوري في التصدى للمطالبين بالحرية والمنادين بالإصلاحات الديموقراطية. وقالت مفوضة الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي أمس إن عدم تبني مجلس الأمن الدولي قرارا بشأن سورية، شجع حكومتها على تصعيد هجومها على المعارضة وشن "هجوم دون تمييز" على المدن السورية. وأضافت بيلاي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة "أن طبيعة التجاوزات التي ارتكبتها القوات السورية ومدى هذه التجاوزات، تدل على أن جرائم ضد الإنسانية قد ارتكبت على الأرجح منذ مارس 2011". وأوضحت أن أكثر من 300 شخص قتلوا بحمص في "القصف العشوائي" للقوات السورية خلال الأيام العشرة الماضية. وتابعت "تفيد معلومات موثوقة بأن الجيش السوري قام بقصف أحياء حمص المكتظة بالسكان في ما بدا أنه قصف عشوائي لمناطق سكنية". وأوضحت أن الهجوم في سورية تواصل بالتواطؤ من جانب السلطات الحكومية "على أعلى مستوى". وذكرت أن جرائم ضد الإنسانية ارتكبت على مدار الأحد عشر شهرا الماضية، وأن مكتبها في جنيف توقف عن إحصاء وتسجيل أعداد القتلى بسبب صعوبة دخول سورية. وأعلنت أن أكثر من خمسة آلاف و400 شخص لقوا حتفهم بحلول ديسمبر الماضي وأصيب أكثر 10 آلاف فيما جرى اعتقال نحو 18 ألف شخص. وشددت على أن "فشل مجلس الأمن في الاتفاق على تحرك جماعي صارم زاد الحكومة السورية جرأة على ما يبدو لشن هجوم شامل في محاولة لسحق المعارضة باستخدام قوة هائلة"، وذلك في إشارة إلى الفيتو المزدوج لموسكو وبكين ضد المبادرة العربية. لكن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف حاول أن يخفف من آثار فيتو بلاده، وقال أمس إن موسكو تدرس اقتراح الجامعة بإرسال قوات حفظ سلام إلى سورية، لكنه أكد ضرورة وقف إطلاق النار قبل إرسالها. وأوضح في مؤتمر صحفي مع نظيره الإماراتي عبدالله بن زايد آل نهيان في موسكو "ندرس هذه المبادرة وننتظر من أصدقائنا في الدول العربية توضيح بعض النقاط"، معتبرا أن هذا الأمر سيتم "في الأيام المقبلة". وتابع "يجب أن توافق الدولة المضيفة أولا على استقبال بعثة حفظ سلام، وهذه البعثة يجب أن يكون لديها سلام في البداية ومن ثم تحفظه". وتابع "بعبارة أخرى نحتاج إلى ما يشبه وقفا لإطلاق النار". وكرر لافروف رسالة موسكو بأن الضغط الدولي لإنهاء نحو عام من إراقة الدماء يجب أن ينصب على المعارضة السورية كما ينصب على الحكومة، مشيرا إلى أن "المجموعات المسلحة التي تحارب النظام السوري لا تنصاع لأي أوامر ولا تسيطر عليها أي جهة". ودعا المعارضة السورية إلى الحوار، مشددا على أن النظام السوري اقترح مفاوضات مع نائب الرئيس. وقال "كان يجب الإفادة من هذه الفرصة وفتح حوار مع نائب الرئيس. الكرة الآن في ملعب المعارضة". وأضاف "من مصلحتنا مواصلة التعاون مع أصدقائنا العرب من أجل التوصل للأهداف المرجوة وإطلاق الحوار في سورية". وأعرب بن زايد عن أمله في التوصل إلى حل سياسي ودبلوماسي للأزمة السورية، مؤكدا أن هذه المسألة لا يمكن التوصل إلى حل لها ووقفها إلا إذا كان هناك صوت واحد وتعاون وتضافر دولي كاملان. وأضاف أن "القرارات التي اتخذها مجلس وزراء الخارجية العرب في القاهرة أول من أمس استغرقت الكثير من الجهد والكثير من الوقت الذي مر منذ الأحداث المؤسفة في سورية". وتابع "لا شك أن أي ضحية تزهق روحها في هذه الأحداث ضحية بريئة وندين مقتل أي شخص في سورية. لكن نرى أن هناك مسؤولية واجبة على أي نظام وأي بلد وأي حكومة للحفاظ على استقراره. غير أن هناك أيضا مسؤولية لحفظ هذه الأنفس وحفظ سلامتها. كما أن هناك مسؤولية تقع على مجلس الأمن الدولي للحفاظ على الأمن والسلم الدوليين". وأكد أن "مجلس الأمن لا يستمع بوضوح لموقف الجامعة العربية الذي يعد أقرب من أي طرف آخر شعورا وجغرافية ومعلومات بشأن ما يحدث في سورية". وشدد على ضرورة وقف القتل في سورية، مؤكدا في الوقت نفسه أن "الحل العسكري ليس حلا وهو حل خاطئ فمنذ 11 شهرا والناس يموتون ولم يتم التوصل إلى أي نتيجة".