واجهت الندوة "جدلية العلاقة بين السلطة والمثقف في العالم العربي" التي عقدت مساء أمس ضمن فعاليات النشاط الثقافي لمهرجان الجنادرية، انتقادات عدد من الحضور الذين اتهموا المشاركين فيها بالانحراف عن مسار موضوع الندوة، في حين أعلن أحد المداخلين تحديه للمثقفين والسياسيين بقدرتهم على وقف نزيف الدماء في سورية، وختم مداخلته بقوله "يبدو أن هذا الكلام لا يعجبكم" في إشارة إلى طلب رئيسة الندوة منه إنهاء المداخلة بعد أن تجاوز الوقت المتاح له. وكانت الندوة التي شهدت حضوراً كثيفاً، وأدارتها عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود الدكتورة عزيزة المانع، شهدت جدلاً بين المشاركين، والحضور، حيث شارك وزير الثقافة الأردني السابق الدكتور حيدر محمود بورقة أثار فيها الجدل، عبر رأيه بأن المثقف لا يصلح للسلطة إطلاقاً، مبرراً ذلك بأن المثقف لديه جنون يؤدي إلى التهلكة في بعض الأحيان، واستعرض محمود تجربته وزيراً للثقافة في الأردن بقوله "سأعترف بأني لم أطق الكراسي الرسمية في يوم من الأيام، وغادرتها مرات عديدة دون إبداء الأسباب، وأقسم بالله أني لن أعود إليها مجدداً". وأضاف محمود متهماً المثقفين الذين وصلوا إلى السلطة بممارسة القمع ضد غيرهم من المثقفين، الذي يصل إلى قطع الأرزاق في بعض الأحيان، وقال إن المثقف حينما يصل إلى السلطة فإن ممارسته للقمع تكون بشكل أكبر من غيره، إلا أنه عاد واستدرك قائلاً "هذا لا يعني أنه ليس هناك من المثقفين من مارسوا الديموقراطية الحقيقية، مضيفاً بقوله "عندما شعرت أن الأمر لا يناسبني في الوزارة ابتعدت طواعية". واعتبر محمود تجربته سفيراً في تونس أهم من تجربته في الوزارة، مؤكداً أنه لم يأخذ حريته في الكتابة إلا بعد أن ترك كرسي الوزارة. من جانبه، اعتبر عضو المجلس التأسيسي في تونس الدكتور أبو يعرب المرزوقي، أن المعركة بين المثقفين تتركز بين نموذجين، وهما المثقف الذي يعتقد بالسلطة على الضمائر، والمثقف الذي يعتقد بالسلطة على الأشياء، وابتدأ ورقته بقوله "أفتخر بانتمائي للبلد الذي انقدحت فيه شرارة الربيع العربي"، ودعا المرزوقي إلى تحرير التراث من السلطة، ومن آثار الاستعمار. واستعرض وزير الثقافة في مملكة المغرب الدكتور بنسالم حميش نماذج من مثقفين وصلوا إلى السلطة في العالم، وفي عدد من الحقب الزمنية. وأبدى عدد من المداخلين عقب انتهاء الندوة انتقاداً لتحدث الضيوف عن علاقة الموظفين الذين وصلوا إلى السلطة، وإهمال علاقة المثقفين الذين لم يصلوا إليها وهم الأغلبية، وقال أحدهم "إما أن هناك خللا في العنوان، أو أن اختيار الضيوف حرف العنوان عن مساره"، في الوقت الذي وجهت الدكتورة نورة الشملان تساؤلاً للدكتور حيدر محمود إن كان يريد أن يقتصر دور المثقف على التنظير، والبكاء والشكوى.