تواصلت أمس المظاهرات والاحتجاجات في مختلف المدن المصرية تنديداً بالانفلات الأمني الذي تجلى في حادثة إستاد بورسعيد، ففي القاهرة نظَّم المتظاهرون مسيرات ضخمة انطلقت من مختلف المناطق إلى ميدان التحرير ضمن فعاليات "جمعة الحداد" التي نظمتها أمس قوى سياسية وحركات وائتلافات شبابية، احتجاجا على مصرع العشرات في بورسعيد الأربعاء الماضي. ودارت مواجهات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن تسببت في وقوع جرحى من الجانبين. وشهدت الشوارع المؤدية إلى وزارة الداخلية "حرب شوارع" بين قوات الأمن والمتظاهرين عقب انتهاء صلاة الجمعة، وتجمهر أهالي منطقة عابدين القريبة من وزارة الداخلية، احتجاجاً على انتشار الغاز المسيل للدموع في المنطقة. وبينما صرح مصدر أمنى بوزارة الداخلية المصرية بأن حصيلة الإصابات في صفوف ضباط وجنود الأمن المركزي ارتفعت لتصل إلى 138 شخصاً حتى الآن، من بينهم 16 مجنداً أصيبوا بأعيرة نارية، بلغ عدد المصابين من المتظاهرين قرب وزارة الداخلية أكثر من 1690 شخصاً وقتيلين أحدهما ضابط في الجيش حسبما أعلنت وزارة الصحة. وفي السويس قررت هيئة الجيش الثالث إعادة نشر قواتها بمنطقة مديرية الأمن ومبنى المحافظة خوفاً من تصاعد حدة غضب أهالي المدينة جراء مقتل 3 مواطنين على خلفية المظاهرات والاحتجاجات التي شهدتها المحافظة خلال الأيام الأخيرة الماضية. وتصاعدت حدة الاشتباكات أمس حول مبنى مديرية الأمن والمحافظة بين قوات الشرطة والمتظاهرين. وقال اللواء محمود مصطفى في جهاز الشرطة في السويس بسقوط قتيلين أمس وإصابة 25 آخرين. ولامتصاص الغضب الشعبي شرعت نيابة بورسعيد في التحقيق مع 53 شخصاً ألقت قوات الشرطة القبض عليهم على خلفية الأحداث، ووجهت النيابة للمحتجزين اتهامات بينها القتل، وإحداث عاهات مستديمة، وإثارة الشغب، وإتلاف منشآت عامة وخاصة. وقالت منظمات حقوقية إن عدداً من المحتجزين تم اعتقالهم "بشكل عشوائي" من أماكن متفرقة بعيداً عن موقع الأحداث ومن بينهم أطفال تتراوح أعمارهم بين 14 و17 عاماً. وقال مرشح الرئاسة المصرية محمد سليم العوا إن الأحداث التي تشهدها بلاده هي عبارة عن مؤامرة "مترابطة الخيوط" تهدف لإسقاط التجربة الديموقراطية في مصر، محذرا من أنها تستهدف هدم مجلسي الشعب والشورى على وجه الخصوص واللذين تسيطر جماعة الإخوان المسلمين على غالبية مقاعدهما. وطالب العوا في تصريح ل"الوطن" كلا من رئيس مجلس الوزراء المصري كمال الجنزوري ورئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير حسين طنطاوي، بإقالة وزير الداخلية فورا وحل المجلس الأعلى للشرطة على خلفية الأحداث التي تشهدها مصر منذ الأربعاء الماضي. ووجه العوا اتهاما مباشرا لمدير أمن بور سعيد، لأنه جزء من النظام الأمني السابق، بالتورط في أحداث الاستاد الرياضي التي جرت بين مشجعي الأهلي والمصري، مشيرا إلى أن هناك من سهل إدخال السلاح الأبيض و"البنادق" داخل الملعب، لافتا إلى أن مدير الأمن السابق للمحافظة تم عزله قبل 10 أيام فقط من الأحداث وهو الذي كان معروفا عنه "تشدده في مواجهة عمليات البلطجة"، على حد وصفه. على صعيد ردود الأفعال قال المرشح المنسحب من السباق الرئاسي محمد البرادعي إن سلطة مجلس الشعب في سحب الثقة من الحكومة غائبة في الإعلان الدستوري، شأنها في ذلك شأن الكثير من الأحكام الأساسية لإدارة البلاد. وأضاف "المصريون ما زالوا يدفعون ثمن تخبط المرحلة الانتقالية"، معتبراً أن عدم البدء فوراً في إعادة هيكلة أجهزة الأمن "جريمة في حق الوطن". من جانبه دعا المرشد العام للإخوان المسلمين محمد بديع كل القوى الوطنية إلى "عقد مؤتمر عاجل للتباحث من أجل القضايا الملحَّة وكيفية إخراج البلاد من أزماتها الراهنة". وطالب بالمساواة في معاملة معتقلي طرة وقتلة الثوار، ونقل الرئيس المخلوع حسني مبارك إلى مستشفى السجن فوراً، وتعجيل محاكمته والقصاص العادل منه. بدورها حمَّلت الجبهة السلفية المجلس العسكري المسؤولية كاملة عن كل ما يجرى في البلاد، وقالت في بيان إن "دعوة المشير طنطاوي الشعب لمواجهة ما يجري بنفسه تدل على عدم قدرة المؤسسة العسكرية على تأمين الجبهة الداخلية للبلاد، وتفتح الباب أمام الدعوة لمواجهات شعبية مفتوحة".