خلفت كارثة إستاد بورسعيد، ردود أفعال عنيفة ومرعبة وغاضبة في مصر، فكانت البداية من جانب جماهير رابطة " ألتراس الأهلي"، حيث خرج آلاف من أفراد الرابطة صباح أمس بحثاً عن الانتقام والأخذ بالثأر لزملائهم الذين سقطوا قتلى خلال مجزرة إستاد بورسعيد عقب مباراة الأهلي والمصري الدورية. وكان اللافت زحف روابط المشجعين في الأندية الجماهيرية والشعبية الأخرى من كل المحافظات تضامناً مع ألتراس الأهلي الذي انقسم إلى عدة جبهات داخل القاهرة، مهدداً بحرق وزارتي الداخلية والدفاع، وكذلك حرق مقر اتحاد الكرة المصري. ولاقى تهديد "الألتراس"، تأييدا ودعما من عدة تيارات سياسية ودينية وائتلافات الثورة المصرية. وهتف محتجون وهم يرفعون علم مصر "وحياة دمك يا شهيد دول (هؤلاء) إعدامهم مش بعيد".. و"قتلوا الألتراس.. قتلوا مينا.. كل رصاصة بتقوينا". ويشير الهتاف إلى مشجعي الأهلي الذين سقط منهم أغلب القتلى والمصابين وإلى الناشط القبطي البارز مينا دانيال الذي قتل إلى جانب نحو 25 قبطيا آخرين في اشتباك خلال قيام قوات من الجيش بمنع تنظيم اعتصام أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون القريب من ميدان التحرير في أكتوبر الماضي. ليلة دامية وكانت الرياضة المصرية عاشت ليلة كارثية دامية مساء أول من أمس، وصفت ب "الأربعاء الأسود" بعد سقوط 73 قتيلا إلى جانب أكثر من ألف مصاب على خلفية حالة الشغب الجماهيرية التي اندلعت مع إطلاق صافرة نهاية مباراة المصري والأهلي في عقر دار الأول ببورسعيد ضمن مباريات المرحلة 17 من بطولة الدوري المحلي لكرة القدم، حيث اقتحم أكثر من 12 ألفا من أنصار فريق المصري، أرض الملعب للاعتداء على لاعبي وجماهير الأهلي، رغم أن فريقهم حقق فوزا تاريخياً في المباراة 3/1. وعجز رجال الأمن عن التصدي لتلك الجماهير التي تمكنت من تنفيذ المخطط الدامي واعتدت على لاعبي الأهلي قبل أن تشن حربها بكل الأسلحة على جماهيرهم وجميعهم من أعضاء رابطة " الألتراس". الشرارة "بلد البالة" وروى ل"الوطن" شهود عيان، أن جماهير المصري كانت تلقي جماهير الأهلي من فوق أسوار الملعب (ارتفاعه أكثر من 20 مترا)، ليسقطوا قتلى على الفور، فيما لفظ العشرات من الجماهير أنفاسهم الأخيرة داخل الغرفة الخاصة بالأهلي بعد أن لجؤوا إليها للاحتماء من بطش جماهير بورسعيد التي استفزتها كثيرا لافتة رفعها "ألتراس" الأهلي تمس كرامتهم ورجولتهم كتب عليها عبارة "بلد البالة مجبتش رجالة"، في إشارة إلى مدينة بورسعيد التي تشتهر باستيراد الملابس المستعملة وبيعها فيما يعرف بتجارة البالة. تجميد الأنشطة ردود الأفعال جاءت سريعة ومتلاحقة من كل الأندية المصرية، حيث بادرت بإعلان حالة الحداد لمدة 3 أيام مع تجميد كل الأنشطة الرياضية والانسحاب من بطولة الدوري، فيما تقدم مجلس إدارة النادي المصري برئاسة كامل أبوعلي باستقالة جماعية، وهو القرار الذي تم إعلانه قبل أكثر من ساعة من خروج رئيس المجلس القومي للرياضة عماد البناني ورئيس اللجنة الأولمبية المصرية محمود أحمد علي، ليعلنا عن تجميد كل الأنشطة الرياضية في البلاد. حل اتحاد الكرة وفي محاولة سريعة لامتصاص حالات الغضب الشعبية والإعلامية، أعلن رئيس الحكومة المصرية الدكتور كمال الجنزوري حل اتحاد الكرة برئاسة سمير زاهر، إضافة إلى إحالة كل أعضائه للتحقيق، خاصة أن الاتحاد كان يصر على إقامة المباريات رغم سوء الأوضاع الأمنية في البلاد، خصوصاً أن الملاعب المصرية شهدت منذ اندلاع ثورة 25 يناير، عددا من حالات الشغب الجماهيرية دون أن يحاول الاتحاد التصدي لتلك الظاهرة ولو بتجميد البطولات المحلية. برادلي يقف مع القدامى وفي الوقت الذي كانت تشهد فيه القاهرة عددا من التظاهرات الغاضبة من قبل جماهير الألتراس التي حملت لافتات تدعو للانتقام من رجال الأمن والجيش، نظم الرياضيون المصريون، وغالبيتهم من قدامى نجوم الكرة بقيادة أحمد شوبير، وقفة في ميدان "سفنكس" القريب من مقر ناديي الأهلي والزمالك وكذلك اتحاد الكرة والمجلس القومي للرياضة. وكان اللافت مشاركة مدرب المنتخب المصري، الأميركي بوب برادلي وزوجته في الوقفة والتظاهرة. اعتزال تقديرا للموتى أما مدرب الأهلي، البرتغالي مانويل جوزيه، فقد أعلن اعتزاله التدريب تقديرا لأرواح القتلى من الجماهير. ونقلت صحيفة "أبولا" البرتغالية عن جوزيه قوله" سأعتزل كرة القدم احتراماً للموتى". وعنونت الصحيفة موضوعها الخاص بالمباراة ب "تراجيديا المأساة في مصر". وقال المدير الفني البرتغالي" تلقيت عددا من الضربات واللكمات، لكني بخير، أشعر ببعض الآلام في الظهر والرأس لكنها لا تؤثر على الصحة العامة وأستطيع الحديث". وتابع" بمجرد انتهاء المباراة لم أشاهد شيئاً ولم أستطع الجري للدخول إلى غرف خلع الملابس أو حتى الصعود إلى مقصورة الإستاد، وشاهدت بعيني عددا من الجماهير على الأرض قتلى ومصابين، والكثير منهم توفي بين أيدينا في غرفة خلع الملابس، بعدما هربوا من اعتداءات الجماهير المنافسة". ووصف جوزيه أحداث المباراة منذ بدايتها بالجنون قائلاً" إدارة كرة القدم بهذا الشكل لا يمكن أن تكون سليمة، فمن قبل بدايتها والجماهير في الملعب وهو ما تكرر أثناء اللقاء حتى وصل الجنون إلى ذروته في النهاية، وللأسف اختفت قوات الأمن عند اندلاع الأحداث في مشهد أراه للمرة الأولى في حياتي". وكانت صحيفة " كيكر" الألمانية، نقلت أن المدير الفني البرتغالي طلب فسخ عقده مع الفريق، وأن مجلس إدارة الأهلي اجتمع أمس لمحاولة إثناء مانويل جوزيه عن قرار فسخ عقده.