"الشكر كل الشكر على كل لمسة وفاء منحت لمن رحل إلى جوار ربه وعلى كل لمسة احتفاء لمن هم بين ظهرانينا أحياء يرزقون"، تلك الكلمات تجاوز بها الأديب سعد البواردي ما وصفها ب"حكمة الصمت" و"نعمة العجز" خلال إلقائه كلمة رواد الصحافة السعودية الذين كرموا في حفل رسمي مساء أمس بمركز الملك فهد الثقافي بالعاصمة الرياض. وكان لافتا خلال فعاليات تكريم رواد الصحافة السعودية الأوائل، حضور عدد لا بأس به من الأحفاد الذين تسلموا الدروع نيابة عن أجدادهم الذين كانوا خلف مرحلة تأسيس الصحافة السعودية المعاصرة. وسجل أمير منطقة الرياض بالإنابة الأمير محمد بن سعد في كلمته في الحفل، إشادة بجيل رواد الصحافة السعودية، الذين قال: إنهم أثروا الساحة الإعلامية بعطائهم وتضحياتهم في وقت لم تكن الظروف كما هي اليوم، مشددا على دورهم في تأسيس صحافة بعيدة عن الصراعات الفكرية. وأكد الأمير محمد بن سعد على مساهمة الرواد في انطلاق صحافة سعودية من بدايتها الأولى لترتقي إلى مصاف الصحافة المتقدمة في تقنيتها واهتماماتها بالحيادية والبعد عن الانحرافات العقدية والفكرية. وأضاف أن رعاية المملكة للثقافة والإبداع نهج سارت عليه قيادتها منذ تأسيسها على يد المغفور له الملك المؤسس ولا تزال مستمرة في هذه المسيرة ترعى الفكر وتهتم بالإبداع وتحتضن أصحابه وما صدور نظام المؤسسات الصحفية إلا أحد جوانب هذا الاهتمام. ونوه أمير منطقة الرياض بالإنابة بالدور الذي أسهم فيه الرواد وصولا إلى التطور الذي شهدته المؤسسات الصحفية وصدور النظام الخاص بها، معتبرا أن كل ذلك "مصدر فخر واعتزاز حيث أسهمت إسهاما مباشرا في التنوير المعرفي والثقافي والتعريف بخطط التنمية الشاملة التي شهدتها المملكة خلال العقود الماضية وشاركت في توجيه المجتمع نحو الاهتمام بتنمية معارفه وتوسعة مداركه الثقافية والفكرية". من جانبه، فتح رئيس اتحاد الصحافة الخليجية تركي السديري، النار على بعض الصحف العربية نظير تراجع اهتماماتها ومواقفها التي جعلت منها على مدى 60 عاما تتبوأ مراكز قيادية لامعة، إذ أشار إلى أن بعضها الآن تحول إلى وسيلة لبعض السلطات التي تريد أن تحرف الأوضاع لصالحها وأهدافها الخاصة. وأكد السديري في كلمته على أهمية الأعمال الصحفية في تطوير الشعوب، لافتا إلى أن أهميتها في الشعوب النامية تتجاوز ما هي عليه في الشعوب المتطورة، حيث إن الإعلام في أوروبا على سبيل المثال مساير لتطورات المجتمع ولا ينحرف بسهولة، غير أنه يرى أن مشكلة الصحافة في العالم النامي أنها ليست موجهة دائما بما يفيد المجتمع بقدر ما تكون فيه أحيان تدخلات توجهها لتبرير الخطأ في المجتمع. غير أن السديري يرى بأن الصحافة الخليجية والسعودية قد حققت تطورا مختلفا عما هي عليه الأوضاع في العالم العربي، حيث لم تستغل هذه الصحافة للتبرير والمدافعة عن الأخطاء، بقدر ما أصبحت منطلق أفكار وتجديد لوسائل العمل والتطوير وتبني الخطط التنموية العديدة. أكثر الكلمات تأثيرا في الحفل، تلك التي جاءت على لسان الأديب سعد البواردي، والذي قال "لغة الصمت أحيانا أبلغ وسائل التعبير.. ومثل الصمت يأتي العجز عن التعبير لحظة امتنان لمن يستحق الشكر". وأضاف "اسمحوا لي باسم المكرمين أن أجادل هذه المرة ثقافة الصمت وأن أتجاوز أدبيات العجز وأن أقول باسم المكرمين في هذه الاحتفالية من رحلوا منهم ومن هم أحياء يرزقون تقديرا لمجهوداتهم ومعطياتهم على جادة الصحافة ودرب الكلمة الهادفة خلال سنوات ما قبل ظهور المؤسسات الصحفية عام 1383 في وطننا الغالي وعبر مجتمعنا الخليجي الواحد والواعد، اسمحوا لي بملء فمي وباسم المكرمين أن أقول شكرا لاتحاد الصحافة الخليجية ولوزارة الثقافة والإعلام في شخص وزيرها المثقف عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة الغائب الحاضر متعه الله بالصحة والعافية، متجاوزا بذلك الشكر حكمة الصمت ونعمة العجز وكي لا يغالبني صمتي وقد تجاوزت حدوده وكي لا يعاتبني عجزي وقد خرجت عن طوعه مختارا لا مرغما وكي لا يأخذنا الكلام كثيرا دعوني أتمثل المثل القائل خير الكلام ما قل ودل ولم يطل فيمل". كلمة وزارة الثقافة والإعلام ألقاها الدكتور يوسف العثيمين والذي يتولى مهمام الوزير خوجة خلال فترة تلقيه العلاج، حيث نقل تحيات الأخير والذي قال: إنه كان بوده الحضور والمشاركة لولا ظروفه الصحية. وأشار العثيمين إلى أن اجتماع اتحاد الصحافة الخليجية في دورته الثانية وتكريمه لرموز بدأوا مسيرة العمل الصحفي وأسسوا بنيتها الأولية له عرفانا وتقديرا لما قدموه من جهود مضنية افتقرت في وقتها إلى كل مقومات العمل الصحفي مهنيا وماديا".