إن كنت تود زيارة جزيرة فرسان أو ترغب في العودة منها إلى جازان، وفاتك اللحاق بالعبارتين الحديثتين "جازان وفرسان" أو كان موعد إبحارهما لا يتوافق مع ارتباطاتك الأخرى، فلن تجد بانتظارك غير "الفلوكات"، التي تقوم حاليا بمهمة النقل البحري لنحو 4 آلاف راكب شهرياً. وتستوعب الواحدة منها حوالي 13 راكبا، يدفع كل واحد منهم 50 ريالا للرحلة. وإزاء معاناة ركاب هذه الفلوكات، طرحت "الوطن" فكرة تاكسي فرسان البحري، فوجدت ترحيباً من إدارة النقل، إلا أن الأمر يتوقف على وجود مستثمرين ينفذون المشروع. "الوطن" زارت مرسى مركز الحافة بالقرب من ميناء جازان، ورصدت آراء المواطنين وملاحظاتهم حول وضع تلك "الفلوكات"، وما تقدمه من خدمات في مجال النقل البحري الخاص. مأوى للوافدين على الجانب الأيمن من الطريق المؤدي لمرسى الحافة المخصص للنقل البحري الخاص، سيشد انتباهك احتشاد عدد كبير من المراكب والزوارق البحرية المتهالكة في مشهد يزرع الخوف من الإبحار باتجاه فرسان، وعند اقترابنا اكتشفنا أنها أصبحت مأوى للعمالة الوافدة، لكنك إن كنت أول الواصلين للمرسى وعلى عجلة من أمرك، فستكون أمام خيارين: إما أن تدفع 500 ريال وهي أجرة "الفلوكة" لتنطلق بك فقط، وإما الانتظار لحين توفر العدد الكافي للإبحار، وفي الحالتين عليك التوجه لمكتب متواضع لحرس الحدود، يتولى إصدار التصريح بالإبحار لقائد "الفلوكة"، ويدون البيانات الشخصية لكل راكب. أثناء وجودنا في المرسى لاحت إحدى الفلوكات القادمة من جزيرة فرسان. كانت تتخذ طريقاً متعرجاً في عرض البحر أثناء اقترابها من المرسى. وبسؤال صاحب إحدى الفلوكات، أفاد بأنها مجبرة على ذلك لتتفادى الشعب المرجانية كي لا تلحق الضرر بمحرك وبدن الفلوكة. من عمق التجربة قرر فريق "الوطن" خوض تجربة الإبحار لجزيرة فرسان على متن إحدى الفلوكات مع عدد من أهالي وزوار فرسان، حيث كان المكان المخصص للجلوس داخل الفلوكة ضيقًا وسبباً لغياب الراحة. وزاد من العناء وضع بعض احتياجات الركاب من المواد الغذائية في المساحات الفارغة بين أقدامهم. حتى بعض مواد البناء والحقائب، امتلأت بها المساحات المتاحة تحت المقاعد الخشبية. وعند سؤالنا عن الزمن الذي ستستغرقه الرحلة لبلوغ الجزيرة، أخبرنا الركاب بأن الزمن يحدده مستوى ارتفاع الموج في عرض البحر الذي يحد من انطلاق الفلوكة، وفي الغالب تستغرق الرحلة ساعة واحدة. وكانت الرحلة مليئة بالإثارة والمتعة لاسيما في ظل حكايات الركاب عن البحر والتي تتكسر فجأة على وقع الارتطام بالأمواج، ليحل الصمت خوفاً من البحر وأهواله، ثم يعودون لما كانوا عليه من حديث عن ملهمتهم فرسان. احاجة أوجدتها قبيل الوصول للجزيرة كان النقاش يدور مع أهالي فرسان ممن كنا برفقتهم حول أهمية استخدام الفلوكات كوسيلة نقل، ويقول محمد إبراهيم: "لا يوجد حل للتنقل اليومي المستمر في غير مواعيد العبارات سوى هذه الفلوكات، فالموظفون والمسافرون عن طريق الجو والمرضى ممن هم بحاجة الانتقال السريع لمستشفيات جازان ليس أمامهم من حل سواها". وأثار عبدالعزيز هادي قضية غياب اشتراطات السلامة في الفلوكة، موضحا أن معظمها إن لم يكن جميعها غير مزودة بأجهزة الاتصال اللاسلكي، رغم أهميتها البالغة عند حدوث طارئ لا قدر الله، وطلب منا البحث عن أطواق النجاة، فاكتشفنا وجود واحد فقط، وهي الحقيقة التي أصابتنا بالدهشة والحيرة الكبيرة. تاكسي فرسان البحري مقترح طرحته "الوطن" على عدد من أهالي فرسان وكانت ردة فعلهم مختصرة في جملة واحدة نطقوها بنبرة مبللة بالرجاء والأسى "ياليت". وبالفعل طرحت "الوطن" فكرة تاكسي فرسان البحري على طاولة مدير إدارة النقل بمنطقة جازان المهندس ناصر الحازمي، فأيد الفكرة، مؤكدا أن إدارته ترحب بأي مستثمر لتنفيذ هذا المشروع الحيوي، وستقدم له كافة التسهيلات سواء من الوزارة أو من إمارة المنطقة، وستعمل على التنسيق مع الإدارات المعنية لتحقيق ذلك. وأضاف أن على المستثمر القيام بإعداد الدراسة اللازمة على أن تحدد فيها الاحتياجات الفعلية لإتمام المشروع حتى نتمكن من توفيرها. وعن إجراءات السلامة وعدم توفرها في الفلوكات، أكد الحازمي أن الترخيص لا يتم إصداره، إلا بعد التأكد من وجودها. وعن مدى توفر اشتراطات السلامة، قال الناطق الإعلامي لحرس الحدود بجازان العقيد عبدالله بن محفوظ: "إنه لا يمكن للفلوكات أن تبحر إلا بتوفر وسائل السلامة من سترة، وطوق النجاة، والتأكد من وجود طفاية الحريق، وأن تكون الفلوكة مزودة بالأنوار الملاحية". وعن عدد الركاب المستخدمين لهذه الوسيلة في التنقل بين جازان وفرسان، أكد بن محفوظ أن إجمالي الركاب يصل ل 4 آلاف راكب شهرياً.