شهد عام 2011 الإعلان عن إطلاق برنامج نطاقات من قبل وزارة العمل كأحد أهم المشاريع الوطنية الداعمة لمحاربة البطالة والقضاء عليها. الأمر في بدايته لقي ترحيباً كبيراً من قبل رجال الأعمال بمختلف شرائحهم.. إلا أن هذا الترحيب سرعان ما تحول إلى سخط وانتقاد حاد حول آلية تطبيق هذا البرنامج من قبل عدد من رجال الأعمال ولجان الغرف التجارية. المقاولون بدؤوا شرارة الانتقادات الموجهة إلى وزارة العمل وهم يطالبون في مؤتمر صحفي عقد مؤخرا بضرورة أن تضع وزارة "العمل" تصنيفا خاصا بالمقاولين فيما يتعلق ببرنامج نطاقات، وقالوا في المؤتمر الذي نشرت "الوطن" تفاصيله حينها "نريد من الوزارة أن تبين لنا ما هي المهن التي من الممكن توطينها"، مشيرين إلى أن سبب الفجوة الحالية بين الباحثين عن العمل والشركات عدم وجود قاعدة بيانات لدى "العمل" يتم من خلالها معرفة السير الذاتية للباحثين عن العمل ومؤهلاتهم. وقال رئيس اللجنة الوطنية للمقاولين فهد الحمادي خلال المؤتمر ذاته: "من حقنا المطالبة بحقوقنا لإنجاز المشاريع الجبارة وعدم تعثرها، ونؤكد أنه ليس صحيحا ما يتردد بأن المقاول الوطني غير قادر على تنفيذ المشاريع الكبرى في المملكة، والدليل على ذلك نجاح شركة وطنية رائدة في تنفيذ مشروع تصريف سيول جدة". وأشار إلى أن "نطاقات" برنامج ممتاز وتشكر عليه "العمل"، إلا أنه استدرك قائلا "لكن قطاع المقاولات 80 % من العاملين فيه عمال عاديون، والنسبة الباقية هي للنجارين وسائقي خلاطات وقلابات وغيرها من المهن، لذلك نطالب وزارة العمل بتصنيف المهن داخل القطاع حتى نعرف ما هي المهن التي من الممكن أن يشغلها السعوديون". وأوضح أن بعض المهن قابلة للتوطين في قطاع المقاولات والبعض الآخر غير قابل، معتبراً إيجاد ما نسبته 7 % من السعوديين للعمل داخل القطاع بهدف التواجد في النطاق الأخضر أمرا صعبا للغاية. وحذر الحمادي من إمكانية ارتفاع تكاليف البناء في المملكة، وقال "نخشى أن نصل إلى مرحلة جفاف السوق من الأيدي العاملة مما سيزيد من حدة التكاليف على المستهلك النهائي، كما أنه فرصة للشركات الأجنبية للدخول إلى السوق والسيطرة على الأسعار". فيما نشرت "الوطن" مطلع الشهر الماضي تقريراً أكدت فيه أن برنامج نطاقات تسبب في حرب مستعرة بين شركات القطاع الخاص في المملكة، من خلال تقديم العروض لموظفي الشركات المنافسة ذوي الكفاءة والخبرة العالية بهدف استقطابهم ورفع معدلات توطين الوظائف لديهم، في حين تشتكي الشركات الصغيرة من تسرب موظفيها. وزادت حالة الحرب الداخلية بين الشركات عقب تحذيرات وزارة العمل لشركات القطاع الخاص من إدراج أسماء وهمية ضمن العاملين داخل هذه الشركات دون أن تكون لهم صلة بالأعمال المذكورة، في خطوة هدفت إلى رفع معدلات التوظيف وتقليل نسبة الباحثين عن العمل. ومما يزيد حالة التوتر التي تشغل الشركات المحلية خلال الفترة الحالية هو تمكين العاملين في المنشآت ذات النطاق الأحمر من الانتقال مباشرة إلى شركات النطاق الأخضر عبر وزارة العمل دون الرجوع إلى مصدر عملهم الأساسي، في خطوة يتوقع بدء تنفيذها خلال شهر ونصف الشهر من الآن. يأتي ذلك في الوقت الذي أكد فيه الناطق الرسمي باسم وزارة العمل حطاب العنزي ل"الوطن" ، أنه "لا مهلة إضافية للشركات فيما يخص تطبيق نطاقات"، موضحا أن "نسبة كبيرة من الشركات صححت أوضاعها من خلال توطين الوظائف للابتعاد عن النطاق الأحمر". وأمام هذه المتغيرات في سوق العمل نتيجة لتطبيق برنامج نطاقات ظهرت أصوات جديدة تعبر من خلال تصريحاتها الإعلامية خلال الأيام الأخيرة من عام 2011 عن عدم رضاها عن آلية تطبيق برنامج "نطاقات"، حيث انتقلت أزمة انتقادات برامج نطاقات من قطاع المقاولات إلى قطاع النقل وسط تحذير مما وصفه مستثمرون "بالخسائر الفادحة" بسبب صعوبة تطبيق البرنامج فعلياً على قطاع النقل.