فيما حذر اقتصاديون من تفاقم خسائر الاقتصاد المصري الذي يكافح بالفعل من أجل تحقيق التعافي، في ضوء الاحتجاجات التي تشهدها البلاد حاليا، واجهت الأسهم المصرية موجة من الترنح والتساقط السريع خلال معاملات أمس وسط مبيعات كثيفة من الأجانب على الأسهم القيادية على وقع تجدد اشتباكات عنيفة بميدان التحرير في قلب العاصمة المصرية. وسجلت البورصة المصرية أمس أدنى مستوياتها منذ مارس 2009 مع انعدام طلبات الشراء على كثير من الأسهم وفقدت القيمة السوقية للأسهم 10.1 مليارات جنيه (1.7 مليار دولار) لتواصل الهبوط للجلسة التاسعة على التوالي وليصل إجمالي الخسائر الراسمالية لها إلى نحو 17 مليار جنيه في جلستين. وهوى المؤشر الرئيسي بنسبة 4.04 % إلى 3861 نقطة في حين تراجع المؤشر بنسبة 5.23% مسجلا 420.1 نقطة. وأوقفت البورصة المصرية التداول أمس على 70 سهما بعد انخفاضها 5%. وقال الخبير الاقتصادي مصطفى بدرة "السوق في حالة سيئة للغاية. الوضع السياسي خنق الاقتصاد والاستثمار في مصر". وأضاف "لا بد أن يخرج مسؤولو الدولة على جميع المصريين ويوضحون سوء الوضع الاقتصادي الذي نعاني منه بسبب التوترات السياسية والأمنية والمطالب الفئوية". وقفزت تكلفة التأمين على ديون مصر لخمس سنوات من خطر التخلف عن السداد 60 نقطة أساس أمس مسجلة أعلى مستوياتها في عامين ونصف العام مع دخول اشتباكات عنيفة بين محتجين والسلطات في القاهرة يومها الثالث. وبعد انتفاضة 25 يناير رفعت الحكومة الدعم على بعض السلع ووافقت على رفع رواتب العاملين في الدولة في وقت تراجعت فيه إيرادات الضرائب بسبب انهيار السياحة والاستثمارات الأجنبية. وتهاوت الأسهم بالبورصة المصرية بشكل عنيف وسط مبيعات من الأجانب واختفاء طلبات الشراء على كثير من الأسهم رغم أسعارها الجاذبة للغاية للشراء ولكن يبدو أن التوترات القائمة طغت بشدة على قرارات المتعاملين الاستثمارية. وهوت أسهم هيرميس وحديد عز وبايونيرز القابضة 10% وبالم هيلز 9.2 % وعامر جروب 8.9% والتجاري الدولي 7.4% وسوديك 6.3% والمصرية للاتصالات 6% والمنتجعات 5.4% وطلعت مصطفى 5.2% وأوراسكوم تليكوم 4.9% وأوراسكوم للإنشاء 2.4% بعد عودة التداول على سهم الشركة في نهاية التعاملات. وقال رئيس قسم البحوث بشركة المروة لتداول الأوراق المالية محمد النجار "الأسهم لا تجد من يشتريها الآن بالسوق. لا بد من عودة الاستقرار السياسي وايجاد خارطة للطريق للخروج من المأزق الحالي. إذا لم نستطع حل الأزمة سنتجه نحو مستوى 3700- 3400 نقطة وفي حالة تزايد الضغوط البيعية سنتجه نحو مستوى 3000 نقطة". وأضاف رئيس قسم البحوث بشركة العروبة للسمسرة في الأوراق المالية حسام أبو شملة "سنواصل التراجعات بهذا الشكل العنيف. لا بد من وقف التداول بالسوق حتى لا نرى نزيف جلسة 26 و27 يناير من جديد". وفقد المؤشر الرئيسي نحو 16% في جلستي 26 و27 يناير الماضي وفقدت الأسهم نحو 70 مليار جنيه من قيمتها السوقية. وقال محمد عمران رئيس البورصة المصرية أول من أمس "لا نية لوقف التداول بالبورصة. لدينا ما نحتاج إليه من الآليات والضوابط". وكانت البورصة المصرية أغلقت لنحو 39 جلسة من 27 يناير إلى 23 مارس بعد الانتفاضة الشعبية التي أجبرت الرئيس السابق حسني مبارك الذي حكم مصر على مدى 30 عاما على تسليم السلطة للقوات المسلحة. وقال إيهاب سعيد رئيس قسم البحوث بشركة أصول للوساطة في الأوراق المالية قال "لا يمكن أن نكرر نفس الخطأ ونغلق البورصة. لا بد أن تكون مفتوحة أمام الجميع لتسهيل الدخول والخروج. لا يمكن حبس المتعاملين في السوق ونغلقها عليهم ونجمد أموالهم". وأردف "أعتقد في ظل الظروف الراهنة وسرعة تساقط الأسهم القيادية أن يستهدف المؤشر الرئيسي مستوى دعمه التاريخي منذ الأزمة المالية العالمية في 2008 عند مستوى 3300 نقطة. ولكن في حالة هدوء الأحداث وإجراء الانتخابات قد نجد بعض التصحيح لأعلى". وخسر المؤشر المصري الرئيسي أكثر من 45% منذ بداية العام وفقدت أسهمه نحو 185.4 مليار جنيه من قيمتها السوقية.