أظهر المشاركون في مؤتمر "مبادرات في التعليم والعلوم والثقافة لتنمية التعاون بين أمريكا والدول الإسلامية" إصرارا واضحا على ضرورة المضي قدما في مبادرات الحوار والتعاون العلمي والتكنولوجي بين الجانبين رغم انتقادات مبطنة من الجانب الإسلامي ل"قصور التعاون الغربي ومحدوديته"، وبعض الإحباط الظاهر جراء "عدم تفعيل الاستراتيجيات" التي نادى بها الرئيس الأمريكي باراك أوباما في خطابه إلى العالم الإسلامي من جامعة القاهرة في يونيو الفائت. وكانت مكتبة الإسكندرية نظمت فعاليات المؤتمر على مدى الأيام من 16 إلى 18 يونيو، بمشاركة مئات من العلماء ورجال الدين والقادة السياسيين وخبراء التعليم وطلاب الجامعات وخبراء التكنولوجيا والمكتبيين من أكثر من 40 دولة، إضافة إلى مشاركة ممثلين للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو)، وجامعة الدول العربية. واستهدف المؤتمر "بناء جسور من مبادرات جديدة بين العالم الإسلامي والولايات المتحدة"، وفق ما أكد الدكتور إسماعيل سراج الدين مدير المكتبة في كلمته الافتتاحية، الذي دافع خلالها عن خطاب أوباما، معتبرا أنه "أنتج مناخا جديدا للتعاون بين المؤسسات الأمريكية والعالم الإسلامي". ووجه أوباما رسالة إلى المشاركين في المؤتمر، ألقاها نيابة عنه الدكتور رشاد حسين المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي إلى منظمة المؤتمر الإسلامي، قال فيها: "يجب أن نعمل على عقد شراكات جديدة بين حكوماتنا وبين شعوبنا لبحث القضايا التي تهمنا في حياتنا اليومية؛ مثل العيش بكرامة، والحصول على تعليم، والتمتع بصحة جيدة، والعيش في سلام وأمن، وأن نمنح أبناءنا مستقبلا أفضل. دعونا نعمل على خلق عالم مبني على المبادئ المشتركة بيننا: العدالة، والنمو، والتسامح، والكرامة للبشرية جمعاء". ورغم الطابع العلمي والثقافي الذي أراد منظمو المؤتمر أن يسود فعالياته، فإن السياسة كانت حاضرة بوضوح، خصوصا خلال المداولات التي شهدتها محاور المؤتمر الأربعة التي خصصت لمناقشة قضايا التعليم والمرأة والإعلام والشباب. ووجه بعض المشاركين أسئلة وانتقادات لبعض الحاضرين من الجانب الأمريكي، معبرين عن إحباط جراء عدم تفعيل الوعود التي قطعها أوباما على نفسه، وهي انتقادات وجدت صدى رسميا حين أشار السفير هشام يوسف ممثل الأمين العام لجامعة الدول العربية إلى أن "الجامعة كانت من أوائل الجهات التي قامت بدراسة خطاب أوباما وبادرت بوضع عدد من المشروعات والمبادرات في مجالات التعاون التي طرحها الرئيس الأمريكي في خطابه، ولكن الحوار مع الجهات الأمريكية لم يثمر عن شيء، ولم تتلق الجامعة العربية أي ردود حيال المشروعات المقترحة". وفي جلسة "حوار الأديان"، حرص الشيخ مصطفى كريك، مفتي البوسنة على الإشادة بمبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز التي هدفت إلى تعزيز الحوار بين الحضارات والمتدينين، وطالب مسؤولي العالم الإسلامي وقادته الفكريين بمزيد من المبادرات على هذا المنوال. ودعا باحثون أمريكيون مسلمون، منهم الدكتور نجم الدين مشكاتي، الأستاذ بجامعة جنوب كاليفورنيا إلى فصل السياسة عن السياسات، وتعزيز فرص التعاون التكنولوجي والعلمي بين الجانبين الامريكي والعالم الإسلامي، مشيرا إلى أن "الخلاف السياسي بين طهران وواشنطن لم يمنع من إقامة مبادرات عديدة وأنشطة علمية مشتركة بينهما".