يرى محللون أن شبح الحرب الأهلية بدأ يلوح في سورية في ضوء تصاعد عمليات العنف نتيجة الهجمات التي يشنها عسكريون منشقون على قوات النظام وغياب الحل السريع للأزمة المستمرة منذ أكثر من ثمانية أشهر. ويقول مدير مركز "بروكينجز" للدراسات في الدوحة سلمان شيخ "كلما راوح المجتمع الدولي مكانه وتأخرت جامعة الدول العربية في إجبار سورية على التحرك لوقف العنف اتجهنا إلى مثل هذا سيناريو الحرب الأهلية". ويضيف "في مواجهة تشدد بعض الدول مثل روسيا التي ترفض كل إجراء عقابي ضد نظام بشار الأسد، سنصل إلى مرحلة يرفض فيها الجميع أي كلام في السياسة. سيبدؤون بالتقاتل". ويتزايد اللجوء إلى السلاح من جانب الانتفاضة الشعبية المستمرة في سورية منذ ثمانية أشهر مع تصاعد وتيرة العمليات التي يقوم بها الجيش السوري الحر الذي يضم آلاف العناصر المنشقين عن الجيش النظامي بقيادة العقيد رياض الأسعد الموجود في تركيا. واعتبرت واشنطن أن أعمال العنف من جانب المعارضة تخدم مصلحة نظام بشار الأسد. ووصفت موسكو من جهتها ما حصل بأنه أشبه ب"حرب أهلية". وحذر وزير الخارجية الروسي أمس من أن "أساليب المعارضة السورية يمكن أن تؤدي إلى حرب أهلية شاملة" في سورية. كما تخوفت الأممالمتحدة من حصول نزاع داخلي في سورية حيث تسببت أعمال العنف حتى الآن بمقتل أكثر من 3500 شخص. وتقول الأستاذة في جامعة أوكسفورد في بريطانيا مروة داوودي إن "هناك خطرا حقيقيا بحصول حرب أهلية، ولو أننا لم نصل إلى هذه المرحلة بعد". ويرى دبلوماسي فرنسي سابق عمل في المنطقة لسنوات طويلة أنه "لا حرب أهلية في المدى المنظور، لأن السوريين لا يزالون يأملون في تحقيق أهدافهم والتخلص من النظام بالوسائل السلمية". ويؤكد الدبلوماسي الذي لم يكشف عن هويته أن النظام السوري العلوي الذي يجد نفسه مطوقا من كل الجهات، يحاول أن يلعب ورقة الطائفية في بلد ذي غالبية سنية. ويقول "لقد قام النظام بأمور بغيضة لدرجة أن خطر الانفجار قائم في أي لحظة". ويضيف أن "النظام يمكنه أن يقول للعلويين إذا لم تقفوا إلى جانبنا، يمكن للسنة أن ينقلبوا ويقضوا عليكم". إلا أن الدبلوماسي الفرنسي، كما محللين آخرين، يرى أن الحرب الأهلية المحتملة قد لا تكون طائفية، بل ستأخذ شكل ثورة عامة مسلحة ضد نظام متمسك بالبقاء. ويشير المحللون إلى أن المعارضة تبدو واعية "للفخ" الذي ينصبه لها النظام. ويقول الدبلوماسي إن المطالبين "برحيل بشار الأسد لا يطالبون بسقوط العلويين، إنما بسقوط بشار مع أصدقائه من العلويين والمسيحيين والسنة والدروز". وكتب رئيس المجلس الوطني السوري برهان غليون في بيان أمس "نحن على مفترق طرق، أحد هذه الطرق يؤدي بنا إلى الحرية والكرامة وآخر يؤدي بنا إلى الهاوية والانجراف نحو حرب أهلية لم يكف النظام عن محاولة إشعالها ليجهض ثورتنا". وأشار إلى حصول "عمليات خطف واغتيال وتصفية حسابات بين أبناء الشعب الواحد" بدأت منذ أسابيع. وتفيد التقارير أن مثل هذه العمليات تتركز خصوصا في محافظة حمص". وبالنسبة إلى داوودي، فإن مثل هذه العمليات ليست إلا "انزلاقات تنتج عن أي انتفاضة شعبية، لكنها ليست معممة". وتضيف "هناك وعي استثنائي من جانب الحركات الشعبية في مقاومة الانزلاق إلى الطائفية. البعد الطائفي موجود، لكنه ليس غالبا". في الإطار نفسه، يرى سلمان شيخ أن المعارضة تريد أن تلعب دورا موحدا، لا سيما في المستقبل. ويقول "لا يريدون سيناريو على الطريقة العراقية حيث استيقظ السنة ذات يوم ليكتشفوا أنهم خسروا كل شيء"، مضيفا أن "كل شيء يؤشر حتى الآن إلى أنهم يرغبون بتحالف يضم كل الأقليات حتى في المرحة الانتقالية".